السؤال الذي طرحته بالأمس عن لغز عدم اكتمال نصر السادس من تشرين الأول أوكتوبر 1973 يجب أن يحصل على تفسيره أي مواطن عربي بعد مرور 25 عاماً على يوم الكرامة العربية وموعد العرب مع استعادة شرفهم وعزتهم وسمعتهم وكرامة جنودهم وأبطالهم وتاريخهم المجيد. لقد قرأنا خلال السنوات القليلة الماضية عدة روايات ومذكرات عن حرب تشرين وتفاصيلها، وعن الانجاز الكبير الذي حققه العرب في سورية ومصر، كما تابعنا في البرنامج الوثائقي التلفزيوني الذي بث أخيراً لمناسبة مرور 50 سنة على نكبة فلسطين وقيام "دولة اسرائيل" بعض التفاصيل والأسرار التي لم نعثر على أجوبة عليها؟ هل حققت الحرب جميع أهدافها؟ وهل كان القرار قائماً على حدود معينة لا يتم تجاوزها؟ ولماذا لم تبلغ سورية بحقيقة هذا القرار على رغم التنسيق الكامل والممتاز الذي سبق اندلاع المعارك ثم في الأيام الأولى للحرب؟ ولماذا توقف القتال على الجبهة المصرية قبل الاتفاق مع سورية حسب ما جاء في هذا البرنامج الوثائقي لتترك القوات هناك مكشوفة لوحدها بعد التقدم الكبير الذي حققته؟ وما هي حقيقة الثغرة أو "الدفرسوار" التي فتحتها القوات الإسرائيلية بقيادة أريل شارون بعد معارك النصر المؤزر؟ وما هي أسرار الثغرة العسكرية... ثم الثغرة السياسية ودور هنري كيسينجر وسياسة الخطوة خطوة؟ إنها أسئلة بديهية آن لنا أن نعرف أسرارها وخفاياها وأبعادها بعد انقضاء ربع قرن على أعظم وأهم حرب خاضها العرب في العصر الحديث وكادت أن تتحول الى بطولات أين منها بطولات طارق بن زياد وصلاح الدين محرر القدس. فما نشر حتى الآن وما أذيع من بيانات ومعلومات لا يشفي غليل المواطن العادي الذي يعتز بيوم السادس من تشرين أوكتوبر ويعتبره أسعد يوم في حياته بعد سنوات العذاب والعار والألم التي عاشها منذ هزيمة الخامس من حزيران يونيو، ولهذا نتمنى ونرجو من كل مسؤول ومفكر يملك أية معلومات وأسرار أن يكشفها للعرب وللعالم حتى تكتمل الصورة ويعرف الناس الحقائق كاملة كما يجري في شتى أنحاء العالم بعد فترة من الزمن تتراوح بين 20 و25 سنة. لقد حقق العرب النصر، بغض النظر عن كل هذه الأسئلة التي تطرح اليوم لمناسبة اليوبيل الفضي، ولكنه نصر غير مكتمل، خصوصاً وأن الجانب الإسرائيلي نشر مذكرات وأسرار بينها مذكرات موشى دايان الذي وصف حالة الهزيمة والضياع وانهيار الحكومة التي كانت تترأسها غولدا مائير وكيف كادت تتخذ قرار التسليم بالهزيمة الى أن انقلبت الأوضاع وجاءت الثغرة، في محاولة لإجهاض النصر العربي. ومع هذا يبقى يوم السادس من تشرين يوم العزة والكرامة فتحية إكبار واعتزاز لكل من قادها وشارك فيها، ولكل جندي عربي في سورية ومصر، والى جنات الخلد يا شهداء العرب في تشرين... وغير تشرين.