تحرك الرئيس المصري حسني مبارك، امس، لمعالجة التوتر بين سورية وتركيا. وبعدما اتصل هاتفياً بالرئيسين حافظ الأسد وسليمان ديميريل، قام بزيارة مفاجئة للمملكة العربية السعودية "للبحث في آخر تطورات الموقف في المنطقة في اطار التشاور والتنسيق المستمرين بين القيادتين"، وفقاً لتصريح لوزير الخارجية المصري عمرو موسى. ويتوقع ان يزور مبارك، بدءاً من اليوم، دمشق ثم انقرة. وصرح الرئيس المصري الى رؤساء تحرير الصحف المصرية خلال الرحلة الى الرياض بان التصعيد العسكري بين سورية وتركيا "غير مقبول"، وقال: "ابديت رغبتي في الذهاب الى كل من دمشق وانقره، واتصلت بالرئيس الاسد واتفقنا على ان نلتقي خلال الساعات المقبلة وبعثت برسالة الى الرئيس ديميريل". واضاف ان المشكلة بين البلدين "ليست مستعصية ويمكن حلها سياسياً، وعلينا ان نوقف التوتر ونحتويه، ويجب ان تتوقف التهديدات العسكرية لان أي عمل عسكري بين تركيا وسورية غير مقبول". واشار الى ان زيارته المفاجئة للسعودية "تأتي تلبية لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، اذ اتفقنا منذ مدة على ان اذهب واطمئن عليه ونتبادل وجهات النظر". ودعت سورية، في تصريح لمصدر مسؤول صدر مساء امس، الى "معالجة المسائل التي تثير قلق البلدين بالطرق الديبلوماسية". والحت على الجانب التركي ب "اعتماد الحوار الودي انطلاقاً من سياسة حسن الحوار". وذكرت بأن دمشق دعت مراراً لمناقشة "القضايا الثنائية الامنية" الا ان الجانب التركي تجاهل ذلك. واكدت "رفضها الحازم لسياسات المجابهة والتصعيد والتهديد من اي جهة اتت". وتأكد ان القاهرة طرحت اجراء وساطة لپ"احتواء الموقف" بين سورية وتركيا، وقبيل سفر الرئيس مبارك، إذ استدعى الوزير موسى السفير التركي في القاهرة يشار ياكيش، وحمله رسالة من مبارك الى ديميريل. وقال موسى انه ابلغ ياكيش رسالة مفادها ان "الوضع في الشرق الاوسط لا يتحمل توتراً اضافياً غير مبرر". ولفت موسى الى انه اجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيره السوري فاروق الشرع "للتعرف على آخر التطورات لتبادل وجهات النظر واحتواء المشاكل التي اثارتها تركيا"، مؤكداً ان "مصر تدعو الى تجنب اي أعمال من شأنها زيادة التوتر وتدهور الموقف". وشدد على ان "سورية دولة عربية شقيقة تهمنا مصلحتها ونوليها اهتماماً خاصاً وسنقوم بكل ما نستطيعه لوقف تدهور العلاقات بينها وتركيا". وقال: "هناك اتصالات عاجلة تتم في هذا الشأن ومصر ستبذل ما تستطيعه لاحتواء الموقف". وفي الرياض استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، مساء امس، الرئيس مبارك. وقال مصدر ديبلوماسي لپ"الحياة": "أن القمة السعودية - المصرية عرضت جملة موضوعات وركزت على الأزمة الحالية بين سورية وتركيا، خصوصاً إثر ما نقلته الصحف التركية أمس السبت من تأكيد رئيس الوزراء التركي مسعود يلماز" ان الجيش التركي ينتظر الاوامر للقيام بعمل عسكري محتمل ضد سورية. وأكد ديبلوماسي مصري لپ"الحياة" أن "الرئيس مبارك أطلع القيادة السعودية على نتائج اتصالاته مع رئيسي سورية وتركيا "بغية تخفيف حدة التوتر بين البلدين". وقالت المصادر أن قمة الملك فهد والرئيس مبارك عرضت ايضاً الى مجمل المسائل العربية المطروحة. وقد غادر الرئيس المصري الرياض ليلاً. مسودة "اعلان مبادئ" وقالت مصادر مطلعة لپ"الحياة" في دمشق ان اتصالات مصرية - سورية جرت امس قبل قيام الرئيس المصري حسني مبارك بزيارة الى السعودية وكان التصعيد التركي ضد سورية في رأس مواضيعها. وطُرح احتمال مرور الرئيس مبارك بدمشق للقاء الرئيس حافظ الاسد لبحث هذا الموضوع معه، علماً بأن اجتماعات سورية عالية المستوى عقدت امس للبحث في الرد المحتمل على التصريحات الصادرة من المسؤولين الاتراك. وتأخرت دمشق في اصدار موقف رسمي واضح من التهديدات التركية بانتظار ظهور مؤشرات الجهود السعودية - المصرية لاحتواء التصعيد وتقديم دعم سياسي للموقف السوري. وكانت مصادر سورية نفت حشدها قوات على الحدود مع تركيا مؤكدة على "الحوار السياسي" مع اشارتها الى استعدادها لپ"الدفاع عن النفس" في حال فرضت المواجهة عليها. واستبعد ديبلوماسيون غربيون في انقرة احتمال قيام تركيا بتوجيه ضربة عسكرية في الاراضي السورية، لكنهم اشاروا الى احتمال توجيه ضربة صاروخية على مواقع في سهل البقاع اللبناني تعتقد انقرة انها تابعة لپ"حزب العمال الكردستاني" بزعامة عبدالله اوجلان، على غرار ما تفعل اسرائىل ضد مواقع المقاومة وما فعلت اميركا قبل اسابيع في السوادن وأفغانستان. وقالت مصادر مطلعة لپ"الحياة" في انقرة ان السفير التركي في دمشق جنيغ دوعاتبه سلم قبل بضعة اسابيع الى مسؤولين في وزارة الخارجية السورية مسودة "اعلان مبادئ" اقترحه الجانب التركي في ضوء محادثات معاون وزير الخارجية السوري السابق السفير عدنان عمران مع المسؤولين الاتراك في تموز يوليو الماضي. واوضحت المصادر ان انقرة "لا تزال تنتظر جواباً رسمياً سورياً على اعلان المبادئ" الذي جاء في صفحتين وتضمن عشر نقاط - عناوين هي "تبادل احترام الحدود بين البلدين اشارة الى اعتراف سورية بسيادة تركيا على لواء اسكندرون، التعاون الامني، محاربة الارهاب، منع تسلل العناصر الارهابية عبر الحدود، عدم التدخل في الشؤون الداخلية، عدم المواجهة والتصعيد المتبادلين اشارة الى تخفيف سورية حشد الدعم الاسلامي - العربي ضد التحالف العسكري بين تل ابيب وانقرة، احترام حقوق الانسان والديمقراطية، تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتطوير التبادل الثقافي بين الطرفين". مناورات وابلغ رئيس الوزراء التركي صحيفتي "حرييت" و"ملييت" ان القوات المسلحة التركية ستجري مناورات على الحدود التركية - السورية، بعد المناورات السنوية لحلف شمال الاطلسي في شرق البحر المتوسط التي بدأت الخميس الماضي في اقليم هاتاي الاسكندرونة في الجنوب. ولم يحدد موعد اجراء هذه المناورات لكنه اوضح انها ستكون المرة الأولى التي يجري فيها الجيش التركي مناورات على الحدود السورية. واستناداً الى الصحف فإن الجيش التركي ارسل امدادات الى الحدود مع سورية لتعزيز "المواقع الاستراتيجية" في منطقتي هاتاي وكيليس جنوب. لكن انقرة نفت بشكل رسمي هذه الانباء