استكمل مجلس النواب التونسي امس تعديل البند الخامس والسبعين من الدستور لتكريس الزامية قرارات "المجلس الدستوري" المكلف البت بمطابقة القوانين مع الدستور للسلطة التنفيذية بعد جدل بين نواب المعارضة من جهة والحكومة وأعضاء التجمع الدستوري الديموقراطي الحاكم من جهة ثانية. وتمت المصادقة في حضور الوزير الأول السيد حامد القروي ووزيري العدل والداخلية والأمين العام لپ"التجمع" بالأكثرية الساحقة واعتراض نائب واحد. وكان مجلس النواب وافق قبل ستة اشهر على المرحلة الأولى من التعديل الذي لم يصبح نافذاً الا بعد تصديق المجلس عليه في قراءة ثانية امس. وأشار النائب المعارض نصر بن عامر الى "المعاناة" السابقة من القوانين اللادستورية والتي وقف القضاء عاجزاً امامها. ولمح الى ان المحكمة اعتبرت قانون الجمعيات غير دستوري لدى مقاضاتها معارضين سياسيين في 1977 الا انها وجدت نفسها مضطرة الى التقيد به. وأشار الى ان هيئة قضائية اخرى في مدينة سوسة رأت ان القانون نفسه غير دستوري ورفضت ملاحقة متهمين بناء عليه، الا ان محكمة التمييز ابطلت التحفظات عن القانون وبتت الملف. وحض النائب عبدالله الشابي على تطوير بنية المجلس بعدما انتقل من مرحلة استشارية الى مرحلة الزامية. واستأثرت هذه المسألة باهتمام كبير اذ شدد نواب المعارضة الذين تحدثوا في جلسة امس عن ضرورة معاودة النظر في تشكيلة المجلس الدستوري لجعله مفتوحاً امام ممثلي السلطتين الاشتراعية والتنفيذية. لكن القروي حذر من تحويل هذا المجلس "برلماناً مصغراً" وحلبة للصراع السياسي في اشارة الى تجارب بلدان اوروبية في هذا المجال. وقال "لم نقتبس من تجارب الآخرين وإنما انطلقنا من واقعنا تدريجاً. فتطور انشاء المجلس الدستوري من مرسوم رئاسي الى قانون سنّه مجلس النواب الى ادماجه في الدستور وأخيراً تكريس الزامية قراراته للسلطة التنفيذية". وأوضح، رداً على كلمات نواب المعارضة، ان عضوية المجلس الدستوري تقتصر على ثلاث فئات، هي القضاة والمحامون وأساتذة القانون في الجامعات، "وكلهم مستقلون عن السلطة التنفيذية". وأكد ان اختيار اعضاء المجلس يستند الى شرطين هما الكفاءة والاستقلالية "كون الرقابة التي يباشرها قانونية وليست سياسية". ويتوقع ان يشهد المجلس اليوم جدلاً مماثلاً لمناسبة مناقشة مشروع تعديل قانون جوازات السفر والذي انتقدته خمس منظمات حقوقية وانسانية، هي رابطة حقوق الانسان وجمعيةالمحامين الشباب وجمعية النساء الديموقراطيات وفرع "امنستي" تونس والاتحاد العام للطلاب. وحضت المنظمات في بيان مشترك على التزام التطابق الكامل بين بنود الدستور وقانون الجوازات "بما يكفل حرية التنقل لجميع المواطنين".