انتقد العاهل المغربي الملك محمد السادس أداء برلمان بلاده، ودعا الأحزاب والنواب إلى تبني «حوكمة برلمانية». وقال في خطاب افتتاح السنة الاشتراعية الجديدة التي يفصلها أقل من عامين على استحقاقات 2012، إن عماد هذه الحوكمة يتمثّل في «التشبّع بثقافة سياسية جديدة وممارسة نيابية ناجعة» رهنها بكثافة حضور الأعضاء، في إشارة إلى استمرار ظاهرة الغياب، وكذلك «جودة الأداء ومستوى الإسهام في معالجة الانشغالات الحقيقية للشعب». ودعا العاهل المغربي إلى عقلنة الأداء النيابي، والانطلاق من فكرة تجانس النظامين الداخليين للمجلسين (النواب وغرفة المستشارين) وانسجام المؤسسة الاشتراعية وتكاملها. وقال في هذا الصدد إن تحسين أداء البرلمان «يقوم على اعتبار مجلسيه برلماناً واحداً بغرفتين، وليس برلمانيين منفصلين». وفسّرت مصادر حزبية كلامه بأنه يهدف إلى تأكيد استمرار العمل بنظام برلماني ذي غرفتين، ما يعني استبعاد أي تعديل دستوري يُعيد دمج الغرفتين في كيان واحد، بخاصة أن الدستور المعدّل لعام 1996 أقر نظام الغرفتين بعد تجارب كان فيها البرلمان يضم غرفة واحدة، إلا أن ثلثها كان يُنتخب في اقتراع غير مباشر لتكريس تمثيلية المركزيات النقابية والمجالس المحلية وغرف الصناعة والتجارة والزراعة. وحضّ العاهل المغربي النواب على «ترسيخ علاقات تعاون إيجابي بين الجهازين الاشتراعي والتنفيذي وبين غالبية متضامنة ومعارضة بناءة». وشدد على «الاحترام المتبادل والالتزام المشترك بأحكام الدستور والقيم الديموقراطية وحرمة المؤسسات والمصالح العليا للوطن»، في إشارة إلى ما كانت أوساط سياسية اعتبرتها «انزلاقات» ذات صلة بالممارسات النيابية، وإن كان الملك محمد السادس حرص على أن يكون كلامه عامّاً. إلى ذلك، عرض العاهل المغربي خطة إصلاح القضاء وتفعيله في إطار ترسيخ دولة القانون، وقال في هذا السياق إن السلطة القضائية «بقدر ما هي مستقلة عن الجهازين الاشتراعي والتنفيذي، فإنها جزء لا يتجزأ من سلطة الدولة». وشرح ذلك بأن القضاء «مؤتمن على سمو دستور المملكة وسيادة قوانينها وحماية حقوق المواطنين والتزاماتهم». وأعرب عن عزمه على إقرار إصلاحات تجعل القضاء في خدمة المواطنين، من خلال تكريس «عدالة متميزة بقربها من المتقاضين وبساطة مساطرها وسرعتها ونزاهة أحكامها وحداثة هياكلها وكفاءة قضاتها وتجرّدهم». وقال إنه على غرار «المفهوم الجديد للسلطة» الذي كان أقره الملك محمد السادس في الشهور الأولى لاعتلائه العرش عام 1999. «قررنا أن نؤسس مفهوماً جديداً لإصلاح القضاء، تكون فيه العدالة في خدمة المواطن». ودعا النواب إلى التعاون مع الحكومة والتحلي بروح المسؤولية «لإيجاد حلول ناجعة للمعادلة الصعبة، بضرورة الحفاظ على التوازنات الأساسية ودينامية التنمية في ظل إكراهات محدودية الإمكانات». وقال إن درس الموازنة المالية المقبلة يشكّل «لحظة قويّة في تكريس العمل النيابي الفعال كون الأمر لا يقتصر على المناقشة والتصويت فقط، وإنما يطاول التجسيد الملموس للاختيارات الإنسانية الكبرى للبلاد». وعرض العاهل المغربي تطورات ملف الصحراء، فقال إن هذه القضية تتطلب المزيد من التعبئة الشاملة واتخاذ المبادرات البناءة، «لكسب مزيد من الدعم الدولي لخيار الحكم الذاتي»، في إطار ديبلوماسية برلمانية وحزبية متناسقة. بيد أنه وصف المرحلة بأنها تنطبع باستمرار «المناورات البائسة لخصوم وحدتنا الترابية»، من دون الحديث صراحة عن هذه الأطراف التي لم يسمّها. إلى ذلك، تحدثت صحيفة «العلم» التي يصدرها حزب الاستقلال أمس عن معلومات تشير إلى نشر صواريخ متطورة حول منشآت جزائرية قريبة من الشريط الحدودي المشترك مع المغرب، ودعت وزارة الخارجية المغربية إلى الاحتجاج رسمياً على هذا التطور الذي اعتبرته «تحرشاً» يضع الأراضي المغربية أمام مرمى تلك الصواريخ.