كانت الحرب التدميرية في جنوب كردستان وخيمة على الشعب، ولكن نتائج الوفاق والسلام المزعوم أكثر خسارة لهذا الشعب الذي ابتلي ب "قادة" يجهلون التاريخ ويجهلون أبجديات النضال ويتسارعون لعرض مساوماتهم على طاولة الاذلال الدولية. وهكذا جاء "اتفاق واشنطن" 17 أيلول سبتمبر 1998 ليشطبهم من ذاكرة الأمة والتاريخ. قادتنا اتفقوا على ذبح الأمة الكردية، وتمزيق أواصر الأرض والوطن والاقليم المحتل، وتحول جنوب كردستان إلى ثلاث محافظات شمالية للعراق العربي، وتم بيع كركوك، أو بالأحرى مقايضتها لا بل التخلي عنها من دون ذكرها. هكذا ابتلعت كركوك وتحولت بقية محافظاتجنوب كردستان إلى محافظاتالعراق الشمالية وجزء من الدولة العراقية بما لا يدع أي مجال للشك. تم بموجب اتفاق واشنطن تجريد نضال الشعب الكردي القومي واعتبر نضاله السياسي كالشعب العربي في العراق، بينما نضال شعبنا الكردي هو نضال قومي - سياسي من أجل كردستان حرة ومستقلة، وان تزوير هذه الوقائع التاريخية مرفوض سلفاً، لأن شعبنا لن يناضل من أجل نظام ديموقراطي في العراق، لأن هذا من شأن الشعب العراقي وحده، بينما طموح شعبنا يكمن في إزالة حكم الارهاب الفكري الكردي من كردستان وإقامة الدولة الكردية على أسس حضارية وفكر قومي تقدمي. إن الولاياتالمتحدة هي أكبر دولة مصدرة للارهاب السياسي والفكري في العالم، ولا يمكن لنظام استبدادي عالمي كهذا النظام الغارق في فساده الخلقي، كما حصل لرئيسه بيل كلينتون ومن سبقه في الحكم، أن يحترم طموحات الشعب العراقي والكردي. لماذا تريدون من المعارضة العراقية الاعتراف بفيديراليتكم بينما انتم أيها القادة مسختم تاريخ هذه الأمة واعتبرتم جنوب كردستان جزء من العراق العربي. أقولها بصراحة ان وثيقة واشنطن أيلول سبتمبر 1998 أكثر وقعاً من مآسي شعبنا والانفلات التي تعرض لها عامي 1987 - 1988 لأنكم تمارسون بموجبها انفالاً شمولياً لشعبنا، إذ مسختم جغرافية كردستان والوضع الاثني للأمة الكردية في هذا الاقليم، من خلال تحويل نضالات الشعب الكردي من النضال القومي - السياسي إلى نضال سياسي - إنساني فقط. وبهذا اجهضتم كل النداءات العربية الشريفة التي تدعو إلى إقامة الدولة الكردية كموقف العقيد معمر القذافي. ارى ان أي اتفاق كردي - كردي لا يضمن مستقبل الشعب الكردي القومي والسياسي والإنساني هو اتفاق فاشل سلفاً وعمره قصير. فإتفاق واشنطن الأخير هو حلقة جديدة من حلقات التآمر على مستقبل الشعب الكردي وتصفية آماله القومية. وفي النهاية أقولها صراحة علينا أن لا نتقاتل كثيراً لأن حجم مأساتنا أكبر بكثير من وثيقة بأربع صفحات تم التوقيع عليها في واشنطن لضمان الأمن الأميركي والاقليمي وابقاء القادة في الساحة لمنع الشعب من الانتفاضة والثورة من أجل مستقبله القومي السياسي. كاتب كردستاني مقيم في النمسا، وعضو المؤتمر الوطني الكردستاني