سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
جدل بين وسائل الاعلام ووزارة التعليم العالي ودعوات إلى تأسيس جامعات خاصة . اتحاد الحرفيين في سورية يمنح تراخيص لمكاتب تمثل جامعات لبنانية وأردنية ويمنية وسودانية وروسية وبريطانية !
هل صار ضرورياً ان تسمح الحكومة السورية بإقامة جامعات اهلية او خاصة في ضوء وضع التعليم العالي في البلاد؟ هذا السؤال كان أخيراً محوراً للجدل بين صحيفتي "تشرين" و"البعث" ومجلة "تشرين الاسبوعي" الرسمية من جهة، ووزارة التعليم العالي باعتبارها الجهة الوحيدة المانحة للشهادة والمعترف بها من جهة ثانية. وجود "فروع" لجامعات عربية وأجنبية في المدن السورية أدى الى انقسام الشارع بين مؤيد ومعارض لهذه "الجامعات"، وأعاد طرح أسئلة حول سياسة التعليم العالي في البلاد ومدى نجاعتها في استيعاب الطلاب الوافدين من الثانويات العامة... ومدى نجاحها في تأهيلهم بالشكل المناسب لرفد فروع النشاط الاجتماعي بالكوادر المؤهلة. وكانت انتشرت أخيراً في دمشق مكاتب "الخدمات الجامعية" التي تقدم خدماتها للطلاب الراغبين بالتسجيل في احدى الجامعات الاجنبية أو العربية حيث تعرض الدراسة في اكثر من 15 بلداً وما يزيد عن عشرين جامعة بكلياتها المختلفة بدءا من الجامعات اللبنانية مثل "الجامعة اللبنانية" و"جامعة بيروت العربية" و"جامعة الحكمة الخاصة" و"جامعة الإمام الاوزاعي" الى جامعات في دول أخرى منها "جامعة عمان الاهلية" و"جامعة الملكة اروى اليمنية" وانتهاءً بجامعات أجنبية. ونتيجة ارتفاع معدلات القبول في الجامعات السورية في السنوات الاخيرة إلى حد اقتصار الجامعات على قبول أصحاب معدلات ما فوق 70 في المئة من الناجحين في المرحلة ما قبل الجامعية، اندفع عدد كبير من اهالي الطلاب الى ارسال اولادهم للدراسة في الخارج مع ما يعنيه ذلك من نفقات بالعملة الاجنبية. لذلك جاءت تلك المكاتب لتحل المشكلة من طريق عروض للدراسة في إحدى تلك الجامعات على ان تتم الدراسة والامتحانات في دمشق ويتسلم الطالب بعد التخرج شهادة من الجامعة المعنية من دون عناء السفر. والجامعات اللبنانية هي الأكثر رواجاً منذ سنوات في استقبال الطلاب السوريين الذين لم يسعفهم الحظ بالحصول على درجات عالية تؤهلهم للدراسة في الجامعات السورية، تليها جامعات جمهوريات روسيا الاتحادية والدول المستقلة التابعة لها ودول اوروبا الشرقية ثم بقية الجامعات. وتترواح الاقساط السنوية للدراسة في الجامعات اللبنانية بين ألف وستة آلاف دولاراميركي. وفي جامعات روسيا الاتحادية بين 1500و 22 ألف دولار، مقابل ما بين ثلاثة آلاف و4500 دولار في جامعة عمان، وخمسة آلاف في اليونان، وبين 4500 و8800 دولار في سلوفاكيا، وبين ألف و1600 دولار في اوكرانيا. لكن ممثلي "جامعة الملكة اروى" اليمنية في دمشق يرتبون دراسة فروع الثانوية العلمية والتجارية والصناعية مقابل ألف دولار للاختصاصات العلمية و1800 دولار للفروع النظرية. ويقوم بالتدريس خبراء سوريون ويمنح الطالب وثيقة تخرج نظامية. وتستقبل الجامعة الاميركية في لندن الاختصاصات التالية: هندسة كومبيوتر، هندسة الكتروني، نظم معلومات، إدارة الاعمال والمحاسبة. ويدفع الطالب ألف دولار اميركي لمرة واحدة كما يدفع قسطا سنوياً بقيمة نحو 2800 دولار اميركي. وتصل مدة الدراسة إلى خمس سنوات يمضيها الطالب في دمشق ويدرس باللغة العربية. ولا يقتصر الموضوع على التعليم العادي بل يتعداه الى التعليم الديني، فپ"الجامعة الاسلامية" في ام درمان في السودان فتحت فرعاً في مجمع "ابي النور" في دمشق حيث تمنح الاجازة الجامعية بعد دراسة أربع سنوات وتضم قسماً للدراسات العليا وتمنح شهادات الدبلوم والماجستير والدكتوراه. وبموجب هذا الارتباط يتم اعفاء الطالب من الذهاب الى السودان وتتولى تدريس المواد لجنة مختصة ترسلها الجامعة الى دمشق. ومنحت الجامعة بالفعل أول شهادة دكتوراه لعمر حسين حمادة في نهاية 1993 وذلك عن دراسة في "الادبيات الماسونية في القرن العشرين"، وفي 1994 منحت محمد عبدالحليم رومان درجة دكتوراه حول "الكفاح الاسلامي في فلسطين والرسالة الاعلامية في خدمة هذا الكفاح". كما ان جامعة "الازهر" اقامت فرعا في دمشق عبر "جمعية الفتح الخيرية" التي تقيم معهدا شرعيا للتدريس الديني في جامع بلال، وتقوم "الجمعية" بعد المرحلة الثانوية بتدريس الطالب مناهج الأزهر في السنوات الثلاث الاولى، وفي حال نجاحه يتابع السنة الأخيرة في القاهرة ويمنح شهادة تخرج. وفيما يدعو كثيرون الى السماح بانشاء جامعات خاصة أو مشتركة في سورية لاستيعاب الطلاب بدلاً من سفرهم الى الخارج، تصر وزارة التعليم العالي على ان هذا لا يتطابق مع "استراتيجيتنا التعليمية وشعار الاستيعاب الجامعي" الذي بدأ في السبعينات وارتباط عملية التعليم بالتنمية لرفد المؤسسات التعليمية فروع النشاط الاجتماعي المختلفة بالكوادر المؤهلة. وقال مسؤولون ان الوزارة طورت عدداً من الكليات والعشرات من المعاهد المتوسطة لتستوعب جميع الناجحين في الثانوية العامة بفرعيها العلمي والادبي، وكان آخرها احداث اقسام للمعلوماتية في الجامعات السورية كلها. وقدرت وزارة التعليم العالي عدد الطلاب الذين يذهبون للدراسة في الجامعات العربية والاجنبية بنحو 13 ألف طالب وطالبة، علماً انه لا تتوافر للوزارة ارقام عن عدد الطلاب الذين انهوا دراستهم في الدول الاشتراكية والجامعات اللبنانية وفروع الجامعات العربية والاجنبية الموجودة في سورية. وقدرت عدد الطلاب الذين تم وضعهم تحت اشراف الوزارة حتى نهاية العام العام الماضي بنحو 4965، منهم 3925 طالباً يدرسون الاختصاصات الطبية عدا الصيدلة، و1909 طلاب يدرسون الهندسة، و36631 طالباً يدرسون اختصاصات مختلفة، وان عدد الطلاب الجدد الذين يوضعون تحت الاشراف سنويا يتراوح بين الفين و2500 طالب ويبلغ عددهم في مرحلة التخصص 1345 طالباً. وتفرض الحكومة شروطاً كي تضع طالباً تحت الاشراف منها ان لا يتجاوز عمره 22 سنة عندما يريد التسجيل كمستجد في الجامعة الاجنبية وان لا يقل معدل نجاحه عن 50 في المئة، وان يتفق نوع الدراسة مع فرع الشهادة التي يحملها. وبالتالي يمتاز الطالب الذي يوضع تحت الاشراف بنواح عدة منها: التأجيل من الخدمة الالزامية والاعفاء من رسم الخروج، ويمنح الموافقة على تجديد جواز السفر. وفي حين هدد مسؤولون في وزارة التعليم العالي باغلاق "فروع" الجامعات الخارجية مع ان الجهة المخولة بمنحها الترخيص هي الاتحاد العام للجمعيات الحرفية، يرفض القائمون على مراكز التعليم مبررات الوزارة. وقال احدهم ان "سياسة الاستيعاب الجامعي وهم وهي لا تلبي الحاجة الحقيقية للبلاد، ويكفي مثالاً المحافظاتالشرقية والشمالية البعيدة والتي لا تتوفر فيها حتى الآن فروع لجامعات أو كليات نظامية، وأقرب جامعة لديهم بعيدة مئات الكيلومترات ما يكلف الاهالي مبالغ طائلة لتدريس ابنائهم". وأضاف مشرف على احد المراكز: "ما دامت الجامعات الحكومية غير قادرة على تلبية خدمة التعليم كاملة وما دام العدد الكبير من الطلاب يلجأ الى الجامعات العربية والأجنبية لاتمام تعليمه وما دامت هذه الجامعات خاصة في طبيعتها فلماذا لا نسمح بإقامة هذه الجامعات في بلدنا فنوفر على الشباب متاعب الغربة ومشاكلها؟". ويعتقد عدد منهم ان للجامعات الخاصة دورا في حل مشاكل الطلاب الذين لا يحققون الشروط التي تتطلبها الجامعات الحكومية "كما انها تحل مشكلة الاجور المنخفضة لمدرسي الجامعات لدينا والتي تعتبر من اخفض الاجور في العالم". ويطالب هؤلاء بفتح المجال لإقامة جامعات خاصة "لكن ضمن شروط صارمة وان يكون هناك فصل كامل بين الملكية وبين الادارة العلمية لهذه الجامعات". وأوضح مدير "مركز انترنت" ووكيل "جامعة اروى اليمنية" الدكتور محمد فريز منافيخي: "لا داعي للحرب ضد هذه المكاتب فهي ليست سوى مراكز تدريب محلية وهي منتشرة في انحاء العالم. وهناك دكاكين في المعارض العالمية لتشجيع الطلاب على الانتساب الى الجامعات". وزاد: "لا يمكن ان نقف بوجه الحضارة وما تضخه الينا فالعالم يسير بنا وبغيرنا". ويطالب وكيل الجامعة الاميركية في لندن ومدير مركز المأمون الدكتور مأمون الحلاق بتوفير الاموال التي تذهب الى بلدان اخرى في لبنان والاردن. وقال: "لا بد من توفير القطع الاجنبي المتسرب الى الخارج، فظروف البلد تغيرت، ولا بد من عمل لاستيعاب الطلبة بما يلائم طموحهم بحيث نستفيد من الكوادر الخبيرة الموجودة عندنا". ويرى مدير احد المكاتب ان الطالب السوري يأخذ حقه كاملاً من التعليم المجاني عموماً، وان المشكلة تكمن عند الطالب الذي لم يتمكن من الحصول على علامات اذ لا طريق امامه الا السفر حيث نزيف العملة الأجنبية وربما فساد الفكر والاخلاق ومخاطر عدم العودة الى الوطن".