استسلم الرئيس الاميركي بيل كلينتون لقدره بعدما بدأت "رحلة" الكونغرس الطويلة والمؤلمة ببدء التحقيقات في فضيحة "مونيكا غيت"، وربما غيرها من القضايا، لمعرفة ما إذا كان هناك من أساس قانوني لمحاكمته تمهيداً لعزله. وأعلن كلينتون بكل صراحة "أن الأمور لم تعد بين يدي بل في أيدي الكونغرس وشعب هذا البلد، وفي النهاية في يد الله. وليس هناك من شيء استطيع القيام به". وجاءت تصريحات الرئيس كلينتون بعد تصويت مجلس النواب بغالبية 258 صوتاً مقابل 176 صوتاً لتبني قرار شامل وغير محدد بزمن لبدء عمليات التحقيق، وإثر مداولات وخطب استمرت معظم يوم الخميس الماضي وجرت على اساس حزبي محض تمكن من خلاله الحزب الديموقراطي من البقاء متماسكاً في دعم رئيسه على رغم ان 31 نائباً ديموقراطياً صوتوا الى جانب القرار الجمهوري الصنع. وفتح قرار مجلس النواب أبواباً مغلقة لم تفتح سوى مرتين في التاريخ الاميركي - مع الرئيس ريتشارد نيكسون 1974 ومع الرئيس اندرو جونسون 1867 - وسيكون من الصعب على الجميع، جمهوريين كانوا أم ديموقراطيين، اغلاقها قبل ان تأخذ العملية السياسية والدستورية مجراها، أي قبل ان يبت مجلس النواب الأمر فيتهم الرئيس أو يبرئه، وقبل ان ينهي مجلس الشيوخ محاكمته فيعزله أو يبقيه في منصبه. والواضح حتى الآن ان أزمة الحكم الاميركية لن يقررها القانون والدستور فحسب، بل السياسة ايضاً. وبالتالي يمكن تفسير كلام الرئيس كلينتون بأن الأمور لم تعد بين يديه، بل بين أيدي اعضاء الكونغرس والشعب الاميركي، بأنه اعتراف متواضع بواقع الحال. وبمعنى آخر يعتقد المراقبون ان مصير كلينتون ستقرره الانتخابات التشريعية المقبلة في الثالث من تشرين الثاني نوفمبر المقبل، أي بعد أقل من شهر من الآن. فإذا حقق الديموقراطيون انتصارات قليلة وحتى اذا حافظوا على مواقعهم فسيشكل ذلك رسالة من الشعب الاميركي الى الكونغرس عنوانها الرئيسي "أوقفوا المحاكمة واتركوا الرئيس في منصبه". أما إذا سجل الجمهوريون انتصاراً كبيراً على الديموقراطيين فستكون الرسالة رسالتين: الأولى من الجمهوريين بالمضي في محاكمة الرئيس تمهيداً لعزله. والأخرى من الديموقراطيين الذين سيضغطون على البيت الأبيض للقيام بعمل كبير، ما يعني استقالة الرئيس للحد من الخسائر.