بعد فوز دونالد ترمب بالرئاسة الأمريكية، تنبأ الدكتور، ألان بيشمان، بعزله، قبل أن يكمل فترته الرئاسية، وليشمان مؤرِّخ شهير، تنبأ، بشكل صحيح، بفوز معظم الرؤساء، منذ فترة طويلة، وسألني بعض القراء الأعزاء عن إجراءات عزل الرئيس، وعن تاريخ ذلك، في التاريخ السياسي لأمريكا، والجواب هو أن عزل الرئيس يعتبر من أهم صلاحيات الكونجرس الأمريكي، وهو أمر نادر الحدوث، ولكن مجرد كونه واقعاً، يمنح قوة للكونجرس، ويحد من تجاوزات الرئيس، وتعتبر الخيانة الوطنية، والرشوة، والتزوير والكذب، أبرز موجبات بدء عزل الرئيس، وخلال التاريخ الأمريكي، لم يتم عزل أي رئيس، ولكن إجراءات العزل حدثت لثلاثة من الرؤساء الأمريكيين، خلال أكثر من قرنين، استقال أحدهم، ونجا اثنان في نهاية المطاف. عندما يرتكب الرئيس الأمريكي جريمة أو جنحة كبرى، فإن الخطوة الأولى هي أن يصوّت مجلس النواب الأمريكي على تقديم التهم بحق الرئيس، وهنا يمر مشروع الاتهام بالأغلبية (النصف +1)، وبعدها تتم محاكمة الرئيس في مجلس الشيوخ، برئاسة أعلى قاض في أمريكا، أي رئيس المحكمة العليا، وهي محاكمة حقيقية، وبعد نهاية المحاكمة، يصوّت المجلس، وهنا يجب أن يصوّت ثلثا الأعضاء بالإدانة، وإن تم ذلك، يُعزل الرئيس، أما في حال عدم التصويت بأغلبية الثلثين، فإنها تتم تبرئته، ولم يسبق أن تمت إدانة أي رئيس .هذا، ولكن تقديم الاتهام، ومن ثم المحاكمة، حصلت في حق رئيسين، أولهما هو الرئيس أندور جانسون، في عام 1868، فقد بدأت إجراءات عزله بتصويت مجلس النواب على اتهامه رسمياً، ثم تمت محاكمته في مجلس الشيوخ، ولكنه نجا، إذ لم يحصل مشروع التصويت على العزل على أغلبية الثلثين المطلوبة. بعد أكثر من قرن، نجا الرئيس بيل كلينتون، من إجراء مماثل، فبعد أن صوَّت مجلس النواب على اتهامه في قضية مونيكا لوينسكي بالتزوير والكذب، ومحاولة تعطيل سير العدالة، وذلك في عام 1998، تمت محاكمته بمجلس الشيوخ، ثم تم التصويت على عزله، لكنه نجا، حيث لم تصل النتيجة لأغلبية الثلثين المطلوبة، وعلاوة على هذين الرئيسين، فقد استقال الرئيس، ريتشارد نيكسون، في عام 1974، قبل أن يصوّت مجلس النواب على بدء إجراءات عزله، بعد أن وصل إلى قناعة، بأنها ستتم إدانته في مجلس الشيوخ، ويُعزل من الرئاسة، وذلك في قضية واترقيت الشهيرة، التي تجسس فيها الجمهوريون على الحزب الديمقراطي، وهو الأمر الذي كان له أثر على نتيجة الانتخابات الرئاسية لعام 1972، والتي فاز فيها نيكسون، وقد خلف نيكسون نائبه، جيرالد فورد، الذي أصدر عفواً رئاسياً عنه، يمنع ملاحقته قضائياً، ويعتبر العفو الرئاسي، من أهم صلاحيات الرئيس الأمريكي، فهل يا ترى سيكون ترمب هو الرئيس الرابع، الذي تبدأ إجراءات عزله، كما يتنبأ ويشيع ويتمنى خصومه، أم أنها مناكفات حزبية كما هو واضح، للتشويش على هذا الرئيس، الذي صعق أمريكا والعالم، وتربَّع على عرش أقوى دول العالم؟! سنعرف ذلك مستقبلاً.