"منظر مراكش وجبال الاطلس" كانت اللوحة الوحيدة التي رسمها ونستون تشرشل في اثناء الحرب العالمية الثانية، اذ استغل وجوده في مؤتمر الدار البيضاء في العام 1942 ليمضي يوماً في مراكش يرسم طبيعتها. أهدى اللوحة الى الرئيس روزفيلت تخليداً لذكرى لقائهما في المغرب. مدينة مراكش كانت احد الاماكن المفضلة لدى الزعيم البريطاني للرسم والاسترخاء والابتعاد عن متاعب السياسة. وفي معرض لوحات تشرشل الذي تقدمه دار "سوذبيز" للمزادات في لندن مناظر عدة تصور شوارع المدينة وطبيعتها وسكانها... فيها شغف الرسام بالألوان الفاتحة التي تستلهم من المنظر ولا تخضع لتأثيره، وهو شيء تميز به الاسلوب الانطباعي. في المعرض الذي يحتوي على اكثر من مئة لوحة مناظر من المغرب ومصر وجنوب فرنسا وبريطانيا. كلها توحي بأساليب متفاوتة ان تشرشل كان يستخدم الرسم ليصمت ضجيج الذهن وينغمس في عالم الألوان، وهو الذي قال في كتابه "الرسم كهواية": "لو لم اتعاط الرسم لما استطعت العيش ولما تحملت الضغط...". كان ما جذبه للرسم اللون الازرق، عندما شاهد شقيقة زوجته ترسم لوحة في الريف البريطاني فإذا به يلتقط الريشة ويبدأ في مزج اللون على القماش الابيض. واذا كانت حركته هذه لاشعورية، فقد كان تشرشل غارقاً في التفكير في مستقبله بعدما اقيل من منصب وزير البحرية بعد كارثة الدردنيل في العام 1915، فلجأ الى الرسم لانقاذ الروح. وكان يقول ان جذوره اقتلعت من التربة في وقت كان يتمتع بطاقة كبيرة لخدمة بلاده. بعد عودة تشرشل الى الحكم ليقود بلاده في الحرب العالمية الثانية كان عدوه اللدود هتلر رساماً ايضاً، فشل في الالتحاق في اكاديمية الفنون في فيينا وراح يرسم اللوحات المائية ليعيش وعمره 18 عاماً. لكنه ظل على صلة بالرسم بعدما صار زعيماً نازياً يحرق المدن والناس. بالنسبة الى تشرشل، ظل الرسم عملية تأمل وسعادة. اذ قال في كتابه "الرسامون سعداء ولن يشعروا بالعزلة" تعرف على فنانين كثيرين ساهموا في تطوره. وفاز بجائزة في مسابقة للهواة تقدم اليها باسم مستعار. وعرضت الاكاديمية الملكية لوحاته في المعرض الصيفي المفتوح. ثم اختارته عضو شرف فيها... وهذا المعرض يقام في ذكرى مرور خمسين عاماً على المناسبة. الى جانب نشاطه السياسي والفني كتب تشرشل ما يزيد على 50 كتاباً وفاز بجائزة نوبل للأدب في العام 1953.