بدأت انقرة في اتخاذ اجراءات أقوى لمنع تهريب اللاجئين الاكراد من تركيا الى اوروبا نتيجة للانتقادات الاوروبية وشعورها بالاحراج، خصوصا بعدما دعت ايطاليا عمليا الى "تدويل" المسألة الكردية. ومنعت شرطة اسطنبول شاحنتين اخريين من نقل لاجئين الى سفينة كانت تستعد للتوجه نحو ايطاليا، بينما شنت حملة على فنادق رخيصة في المدينة واعتقلت المئات من الاكراد والايرانيين والبنغلادشيين والباكستانيين الذين دخلوا البلاد في صورة غير مشروعة. وفي غضون ذلك واصلت السلطات التركية حربا كلامية مع الاوروبيين وحملت حزب العمال الكردستاني وعصابات المافيا والتراخي الغربي مسؤولية استمرار الهجرات غير الشرعية الى اوروبا. ومن المقرر ان يعقد عدد من مسؤولي الشرطة في دول اوروبية وتركيا مجموعة شينغن اجتماعا غدا في روما من اجل محاولة تنسيق عملهم لمواجهة هذه الموجة من الهجرة. ولكن جماعة لحقوق الانسان في تركيا اتهمت السلطات بالتسبب في ازمة المهاجرين الاكراد لاتباعها سياسة احراق الارض في حربها ضد الانفصاليين الاكراد في جنوب شرقي البلاد. وقال رئيس جمعية حقوق الانسان اكين بيردال في مؤتمر صحافي امس ان "الدولة نفسها تجبر هؤلاء الناس على هذا المخرج المميت". وتابع: "اجلي اكثر من ثلاثة ملايين شخص نتيجة لاحراق ما يزيد على 3500 قرية. ولم ينته الضغط على الناس الذين اجبروا على الهجرة". معروف ان تعثر اجراءات الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي، التي طالما وعدت السلطات التركية بتحقيقها في المناطق الكردية، واستمرار العمليات العسكرية التي تؤدي الى نزوح مستمر للقرويين الى المدن لكي يواجهوا بطالة مزمنة، هي امور تلعب دورا رئيسا في تطلع كثيرين الى الهجرة بحثا عن حياة افضل. وفي هذه الاجواء يسعى حزب العمال الكردستاني الى زيادة الاحراج التركي عبر المساعدة، عن طريق نشطائه في المنطقة، في تهريب اللاجئين. في روما نقلت وكالة "فرانس برس" امس عن الشرطة الايطالية انها اعتقلت اول من امس 23 كردياً على بعد نحو 100 كيلومتر الى جنوبروما. وذكرت ان هؤلاء، وبينهم ثلاثة نساء، كانوا يبحثون عن محطة للقطارات في فولا دي بييديمونته سان جرمانو عندما اعترضتهم الشرطة، وأكدوا انهم وصلوا بحرا في الليلة السابقة الى ميناء برنديزي جنوب شرق واعلنوا انهم لاجئون سياسيون. وهذه هي المرة الثانية التي يوقف فيها لاجئون اكراد في هذه المنطقة. فقد تم، في 21 تشرين الثاني نوفمبر الماضي، اعتراض 23 كردياً آخر دخلوا البلاد خلسة. ووصلت الى جنوبايطاليا، في غضون اسبوع، سفينتان تحملان اكثر من 1200 شخص غالبيتهم من الاكراد. وبحسب مصادر كردية ويونانية ونمسوية فإن آلفاً آخرين في طريقهم الى اوروبا. في أنقرة، هاجم وزير الداخلية مراد باشيشتشي اوغلو، بعد اجتماع مع مسؤولين في الشرطة والامن والاستخبارات العسكرية، ما وصفه بانه "تجارة رقيق" هذا العصر واتهم بها حزب العمل الكردستاني وعصابات المافيا التركية. واتهم ايضا دولا غربية بانها اصبحت قاعدة لنشاطات اخرى لم يحدد طبيعتها عبر مساعدتها حزب العمل الكردستاني. وحذر من ان كثيرين من طالبي اللجوء الى اوروبا يمكن ان يحولوا مهربي مخدرات وارهابيين وحض الاوروبيين على عدم عرقلة جهود السلطات التركية الرامية الى وقف الهجرات غير المشروعة. وبدا ان المانيا، التي تعتبر المكان الرئيسي الذي يتطلع اليه المهاجرون الاكراد، تبنت الموقف التركي، إذ صرح وزير داخليتها مانفريد كانثر بأن المارك الالماني يعتبر عنصر الاغراء الاكبر لهؤلاء اللاجئين. كذلك انتقدت بون ايطاليا واليونان وطالبتهما باتخاذ اجراءات جدية لوقف تدفق اللاجئين، وهو الموضوع الرئيسي الذي سيبحثه المجتمعون في روما غدا. الى ذلك اعلن الوزير الالماني امس ان ان حكومته اتخذت جميع الاجراءات اللازمة لمواجهة الهجرات غير المشروعة. واكد ان المانيا لن تتحمل ان تصبح "ملجأ لحركة هجرة منظمة من جماعات اجرامية وعن طريق غير شرعي"، مشددا على ان حكومته ستقاوم بكل امكاناتها أي هجرة غير شرعية اليها. من جهة اخرى طالب وزير الداخلية الاتحادي الدول التي تواجه هذه الهجرة العمل على وضع حلول داخلية لقضايا الراغبين في الهجرة الى دول اخرى. ورفض ان تعتبر اي دولة عضو في الاتحاد الاوروبي نفسها مجرد "بلد ترانزيت" للاجئين الداخلين اليها.