ودّع مطار بيروت الدولي عام 1997، باستقبال مليونين وسبعة آلاف مسافر ، ليستقبل العام الجديد، في وقت تواجه شركة طيران الشرق الاوسط ميدل ايست مجموعة من المشكلات تشكل تحدياً لكل المعنيين بشؤون كبرى الشركات الوطنية، وباتت تستدعي توفير الحلول لها على عجل، ليتمكن المطار من استقبال المزيد من الركاب مع بدء السنة الجديدة التي ترافقت مع تشغيل محطة جديدة للركاب تأتي في سياق مشروع توسيع المطار وكان دشنها رئيس الحكومة رفيق الحريري قبل نحو شهر. وما يزيد في الالحاح على تسريع الحلول لمشكلات "ميدل ايست"، على عتبة الاستعداد لانعقاد الجمعية العمومية في التاسع من الشهر الجاري والمخصصة لانتخاب مجلس ادارة جديد للشركة، شعور بأن الشركة الوطنية التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من ذاكرة تاريخ لبنان الحديث متروكة للقضاء والقدر تتخبط في همومها ومشكلاتها، خصوصاً ان المشكلة الاولى التي تواجهها تكمن في انقاذ اسطولها الجوي الذي اصبح يشكو من نقص فادح في عدد الطائرات، في ضوء بيع ثلاث طائرات من نوع "بوينغ - 747" جمبو لشركة الخطوط الجوية الاميركية العالمية. وفي معلومات "الحياة" ان شركة "ميدل ايست" التي تتمتع بسمعة عالمية في حقل الملاحة الجوية للكفاية العالية التي يتميز بها طياروها والجسم الفني الذي يعمل فيها، باتت في حاجة الى تدخل جذري ومن نوع آخر لمصرف لبنان الذي يملك غالبية اسهمها، وهذا التدخل لانقاذها ليس من اجل الابقاء عليها قيد الحياة وحسب وانما ايضاً ليتاح لها ان تلحق بركب شركات الطيران المنافسة لها. وعلى رغم العجز المادي الذي تعانيه الشركة، فان انقاذها قبل فوات الاوان وعلى يد مصرف لبنان الذي يفترض ان تترك له حرية اختيار اعضاء جدد لمجلس الادارة، ليس بمهمة مستحيلة او صعبة، شرط ان تترجم اقوال اركان الدولة افعالاً، وتحديداً لجهة رفع يد التدخلات السياسية عنها لمصلحة المجيء بفريق عمل متجانس لا يخضع لتجاذبات اهل السياسة ولمبدأ المحاصصة الذي كان وراء تسييس الشركة على امتداد السنوات الاخيرة. وفي هذا الصدد، كشف قطب سياسي ان الحوادث الطارئة التي أصابت الشركة تعتبر عادية ولا يمكن ان تنال من سمعتها وصدقيتها او تهدد رأسمالها المستمد من ثقة اللبنانيين لو انها تمر في ظروف داخلية طبيعية ولا تتخبط في المشكلات التي تعيشها في الوقت الحاضر. وقال القطب ل "الحياة" ان الشركة "نجحت على رغم ظروفها الطارئة في التغلب على المشكلات الفنية الناجمة عن بعض الاعطال التي لم تترتب عليها اضرار معنوية، لكن نجاحها على هذا الصعيد لا يبرر الانكفاء عن تزويدها مقومات الصمود بدءاً بتعزيز اسطولها الجوي بشراء مزيد من الطائرات او استئجارها كي تتمكن من نقل المسافرين من مطار بيروت واليه، اذ ان التأخير في حسم مسألة استقدام طائرات جديدة سيضع الشركة في ضائقة لوجستية لصعوبة تأمين نقل الركاب في شكل متواصل من دون ان تواجه العراقيل التي بدأت تواجهها منذ مدة، ما اضطرها الى طلب استئجار طائرة "بوينغ - 747" من تلك التي كانت باعتها للشركة الاميركية ولم يمض على بيعها اياها سوى اسابيع عدة". وتابع: "ثم ان النقص في عدد الطائرات المطلوبة لتأمين تسيير الرحلات في مواعيدها المحددة، اخذ يحدث ارباكاً لا يمكن الشركة تفاديه الا اذا تقرر سريعاً حسم قضية تزويدها طائرات جديدة... فالتحدي الكبير يقع أولاً واخيراً على عاتق حاكمية مصرف لبنان لتقرر أي شركة طيران تريد. وقد يكون خيار الحاكم الدكتور رياض سلامه في محله شرط ان يضمن وقف التدخلات، ليبادر مجلس الادارة الجديد بدرس اوضاعها في ضوء المشكلات التي تعانيها، خصوصاً ان المالك الاساسي لغالبية الاسهم مصرف لبنان كان استقدم منذ اسابيع الرئيس السابق لمجلس ادارة شركة آر فرانس كريستيان بلان وأوكل اليه اعداد دراسة تتناول اوضاع ميدل ايست، بعدما نجح في انقاذ الشركة الفرنسية من العجز المادي الكبير الذي واجهته في السابق". وبحسب معلومات "الحياة" فإن بلان ينطلق في تقويمه ودراسته لأوضاع الشركة من نظرية اساسية تقوم على وقف التدخلات السياسية كشرط اساسي لتمكينها من اعادة الوقوف على قدميها، فضلاً عن انه يميل الى تشجيع خصخصة الشركة كواحد من الخيارات لتدعيم اوضاعها وضمان استمرارها نحو غد أفضل. ولدى حاكمية مصرف لبنان توجه جديد يتعلق بتأسيس شركة لبنانية - فرنسية تتولى اعمال الصيانة ل "ميدل ايست" وغيرها من الشركات العالمية والعربية، على ان تترك لها حرية انتقاء الفنيين بعد اخضاعهم للاختبارات المطلوبة. وعليه، ينبغي انتظار انعقاد الجمعية العمومية للشركة لمعرفة طبيعة السكة التي ستوضع عليها كخطوة اساسية على طريق انقاذها والنهوض بها، لئلا تنزع من ذاكرة لبنان بعدما أضافت عليها ما حققته من انجازات منذ تاريخ تأسيسها الى اليوم. فهل تسمح الدولة بأن تختطف "ميدل ايست" عنوة من الذاكرة اللبنانية على رغم ما شابها ويشوبها من مشكلات، ام انها ستسارع الى انقاذها في الوقت المناسب، فالجواب سيبقى معلقاً مدة يجب ألا تطول لئلا تحول المشكلات أزمات يصعب التغلب عليها.