على رغم تزايد الخلاف بين المغرب والجزائر بسبب الموقف من نزاع الصحراء الغربية، فإن الشارع المغربي يبدي مزيداً من الانزعاج إزاء المجازر التي تعرفها الجزائر. وبث التلفزيون المغربي ليل الأحد وقائع الأحداث الأخيرة وفق الرواية الرسمية، بعد أن كان يتجنب الحديث عن أي شيء يحدث في الجزائر، في حين أن الصحف نشرت ردود الفعل الدولية ازاء المجازر، وبخاصة الدعوات الى تشكيل لجنة تحقيق لتحديد المسؤولية عن المذابح الوحشية، لكن دون الدخول في تفاصيل هذه الدعوة أو تحميل المسؤولية لأي جهة. بيد أن القلق من هول هذه الفواجع المستمرة كان محور الاتصالات بين أفراد العائلات المغربية والجزائرية الذين تربطهم أواصر القربى. اذ على رغم استمرار اغلاق الحدود بين البلدين منذ صيف 1994 فإن العائلات المرتبطة بقرابات المصاهرات تتنقل بحرية بين البلدين. وعندما يقدم أفراد عائلة جزائرية الى المغرب، بخاصة في مناطق الحدود المشتركة، فإن السؤال عن الأوضاع الأمنية وعن المخاوف الناشئة إزاء ترقب المجهول يكون في مقدم الموضوعات التي يتم رصدها. وما يزيد في اضفاء طابع التضامن في مواجهة هذه المواقف هو أن أوضاع القرويين والمزارعين الذين كانوا ضحية المجازر وأعمال التقتيل تشابه من حيث التقاليد ومظاهر العيش وكذلك حال الطبيعة أوضاع الأرياف المغربية نفسها بحكم الامتدادين التاريخي والجغرافي. ويصعب على الرعايا المغاربة ان يتقبلوا كيف تحدث هذه المجازر في غياب أي رادع أخلاقي أو قانوني يحفظ أمن السكان وسلامتهم. كما يصعب عليهم ان يتصوروا أن بعض الصراعات القبلية والعشائرية يمكن أن تنحو هذا المسلك الوحشي في تصفية أفراد العائلة الواحدة على مرأى من الأهل ومسمع منهم. ولأن صدور أي موقف رسمي من الرباط ازاء أوضاع الجزائر يقابل عادة بالرفض والانتقاد داخل الأوساط الجزائرية، فقد لاحظت المصادر ان السلطات المغربية لم تصدر أي موقف ازاء الأحداث المأسوية "كي لا يفهم ذلك انه تدخل في الشؤون الداخلية للجزائر". لكن عدم صدور المواقف، انما يعكس نزعة التضامن مع الشعب الجزائري في محنته الراهنة. ولم يفت بعض أئمة المساجد في المغرب ان يدعو للجزائر بالعافية والسلامة والأمن وفضيلة التسامح.