مذكرة أصدرتها وزارة الخارجية المصرية قبل بضعة أشهر منعت أعضاء البعثات الديبلوماسية المصرية في الخارج والعاملين في الداخل من استخدام الألقاب التي كانت سائدة أيام الملكية مثل "بك" و"باشا"، في المراسلات مع الوزارة. وشددت المذكرة التي وقعها وزير الخارجية السيد عمرو موسى، على عدم استخدام صفة وظائف مغايرة للوظائف الحقيقية في تلك المراسلات. مثلاً ان يخاطب المستشار باعتباره السفير أو السفير بوصفه مساعد وزير الخارجية. وحذر الوزير من أن أي تجاوز للتعليمات الواردة في المذكرة، وتبع موسى وزير الداخلية الجديد اللواء حبيب العادلي فور تعيينه، اذ أصدر تعميماً بمنع الضباط والعاملين في وزارة الداخلية من استخدام تلك الألقاب. ثورة يوليو تموز 1952 ألغت نظام الألقاب، الذي كان معتمداً رسمياً في مصر منذ الحكم العثماني، وكان لقبا البكوية والباشوية أي بالتركية "النخبة" والجنرال أو الطبقة الحاكمة يمنحان من قبل الملك طبقاً لمقدار ثروة حامل اللقب ووجاهته اجتماعياً. فكانت تلك الألقاب تمنح في مجالات الطب والهندسة والابداع والفن والصحافة وغيرها، وتعطي صاحبها امتيازات في البروتوكول، بالاضافة الى وضع اجتماعي متميز جداً. وعاد استخدام الألقاب وان في شكل غير رسمي مع سنوات الانفتاح، وباضافات أيضاً. وبمرور السنين تطورت الألقاب، وطالت القائمة لتشمل "دكتور" و"باشمهندس" و"كابتن" و"جنتل" و"ذوق" و"هندسة"، علماً ان لا علاقة بين لقبي "دكتور" و"باشمهندس" وبين الطب والهندسة. "السايس" أي من ينظم وقوف السيارات في المرائب وغيرها، يلقب سائقي سيارات ال "هوندا" أو ال "تويوتا" و"مرسيدس" و"ب. ام. دبليو" بدكتور. أما سائقو سيارات "هيونداي" و"سكودا" و"فيات" فيلقبهم "باشمهندس". ويكون لقب كابتن من نصيب ركاب "سيات" وما دونها. وبعدما كان سائقو سيارات الأجرة يلقبون عادة ب "اسطى"، أصبح هذا اللقب شكلاً من أشكال السب والاحتقار، ومعروف لدى كل الأوساط في مصر اليوم ان سائق سيارة الأجرة هو "باشمهندس"، ولو كان الزبون الراكب استاذاً في كلية الهندسة. في الوزارات تتراوح ألقاب الوكلاء والمديرين بين بكوات وباشوات، طبقاً لتقدير الموظف أو المواطن. لكن الأمر يختلف تماماً مع ضباط الشرطة، ولعل ذلك دفع العادلي الى اصدار قراره. فضباط الشرطة فئتان: بكوات وباشوات، تنتمي الى الأولى رتب تبتدئ من ملازم الى مقدم، والى الثانية كل الرتب بين عقيد ولواء. وأحياناً يلقب ضابط الشرطة يوم تخرجه ب "باشا"، اختصاراً للطريق. وهكذا، بعدما كان لقب "السيد" يساوي رئيس الوزراء بالموظف العادي وما بينهما، اختلفت الحال، وأصبح اختيار الألقاب من الحريات العامة ولوناً من الديموقراطية والمساواة، وأصبحت ألقاب مثل دكتور ومهندس مشاعة للجميع، إلا لأصحابها الحقيقيين. أصبح "بك" و"باشا" اللقبين الأساسيين المتداولين في مراكز الشرطة وبين ضباط شرطة المرور، ولم يبق سوى "جنتل" و"ذوق" وهما عادة من نصيب من يفتقر الى الذوق!