الجزائر - أ ف ب - أكدت المجزرة الأخيرة التي وقعت في ثلاث قرى قرب غليزان ليل الثلثاء - الأربعاء وقتل فيها 78 شخصاً انتقال "مركز" العنف من منطقة العاصمة في وسط البلاد الى غربها في مناطق تضم عدداً كبيراً من قواعد الاسلاميين. وتصادف هذه المجازر التي أعلنتها اجهزة الأمن مساء الأربعاء، مع بدء شهر رمضان وقد ارتفعت معها حصيلة القتلى خلال عشرة أيام الى 128 بحسب حصيلة جزئية. ورأت صحيفة "لوماتان" الخميس ان حصيلة ضحايا مجزرة غليزان يمكن ان ترتفع لأنها أسفرت أيضاً عن جرح 68 شخصاً بينهم 16 اصاباتهم بالغة. ويبدو ان أفراد مجموعة مسلحة واحدة شنوا في الوقت نفسه هجمات على ثلاث قرى عند حلول الليل. وأفادت المعلومات الأولية ان معظم الضحايا من النساء والأطفال. ومنذ أيام عدة تقع أخطر المجازر في الغرب في مناطق معسكر وتلمسان وسيدي بلعباس وسعيدة. وكانت المذابح الجماعية قد تركزت في نهاية الصيف في سهل ميتجة حيث تنشط "الجماعة الاسلامية المسلحة" بقوة. وشن الجيش حينذاك سلسلة من العمليات عبر تطويق بلدة أولاد علال التي فرّ سكانها، قرب العاصمة وتحولت الى قاعدة لپ"الجماعة الاسلامية المسلحة". وقال مسؤولون عسكريون انهم اكتشفوا مصانع لصنع قنابل تستخدم في اعتداءات في العاصمة. ولتفسير تكثف المجازر في الغرب يطرح محللون جملة من الفرضيات، لكن يبقى من الصعب الحصول على شهادات مباشرة انطلاقاً من العاصمة. وتؤكد السلطات والصحف الجزائرية ان "الجماعة المسلحة" التي أضعفتها عمليات الجيش وتضاعف مجموعات الدفاع الذاتي في القرى "تتبع منطق الابادة الجماعية" للانتقام من السكان. وتحاول "الجماعة المسلحة" التي تخضع لضغوط في الوسط، ان تكسر طوق الحصار بالضرب في مناطق بعيدة. وفي هذا الاطار تحدثت صحيفة "لوماتان" عن رسالة وقعها "أمير" يدعى "أبو جميل" وعثر عليها على جثة "ارهابي" قتلته أجهزة الأمن، تطلب من المجموعات في الغرب مضاعفة الهجمات لپ"التخفيف" عن مجموعات الوسط. ويضم الجيش الجزائري حوالى 120 الف رجل، وهو عدد محدود نسبياً بالمقارنة مع مساحة البلاد. ويتمركز عدد كبير من القوات الخاصة - وخصوصاً وحدات المظليين في بسكرة - في منطقة العاصمة حيث شاركت في العمليات الأخيرة وخصوصاً في أولاد علال. ويرى محللون تفسيراً آخر هو ان الجماعات المسلحة تحاول "تطهير" بعض محاور الغرب من سكانها لتستخدمها في تحركاتها. وقد غادر عدد كبير من القرويين خلال الأسابيع الأخيرة قراهم المعزولة ليلجأوا الى البلدات والمدن. وأخيراً يمكن ان يكون بعض المجازر مرتبطاً بتنافس بين مجموعات اسلامية مسلحة، ف "الجيش الاسلامي للانقاذ" الجناح المسلح للجبهة الاسلامية للانقاذ، يملك عدداً من القواعد في هذه المنطقة. ويلتزم "جيش الانقاذ" منذ الأول من تشرين الأول اكتوبر هدنة أعلنها من جانب واحد ودانتها "الجماعة المسلحة". ووقعت المجازر الأخيرة في مناطق جبلية وحرجية يصعب الوصول اليها وتبعد فيها مراكز الجيش والدرك عشرات الكيلومترات عن القرى في معظم الأحيان. لكن الغرب ليس المنطقة الوحيدة التي تخضع للضغط. والسؤال المطروح الآن هو هل ما زالت "الجماعة الاسلامية المسلحة" تملك قدرات لوجستية تسمح لها بنقل "الجهاد" الى العاصمة كما حدث في رمضان الماضي عندما اسفرت سلسلة من الاعتداءات بسيارات مفخخة عن مقتل عشرات السكان وبث الذعر. الى ذلك، قررت محافظة الجزائر الكبرى فرض قيود جديدة على حركة السير حول المساجد وجميع الأماكن بينما تبث وسائل الاعلام باستمرار نداءات من اجل "توخي الحذر". وتتحدث مصادر غربية في جلسات خاصة عن احتمال ان تشن "الجماعة الاسلامية المسلحة" عملية واسعة النطاق يكون لها اصداء دولية في العاصمة الجزائرية.