المملكة: عقلية نتنياهو المتطرفة لا تستوعب ما تعنيه الأرض الفلسطينية    الشاشات تقلل المهارات اللغوية لدى الأطفال    4 برامج في ثلاث جامعات عالمية لتطوير كفاءات قطاع السياحة    وزير الحرس الوطني يستقبل سفير البوسنة    «ناسا»: «بينو» يقترب من الأرض.. لكن لا خطر    رسالة تهدئة من واشنطن للقاهرة.. ومراقبون: «بيان الفجر» يدفع ترمب للتراجع عن تهجير الفلسطينيين    «وجهات تهجير» أهل غزة ترفض مخططات تصفية القضية    جولة مفاوضات بالدوحة.. والمرحلة الثانية لوقف إطلاق النار على المحك    في الجولة 19 من دوري روشن.. الهلال يتعادل مع ضمك.. ويهدي الاتحاد الصدارة    الإعلامي البرازيلي" كايي" ل"البلاد": الدوري السعودي عالمي.. ورحيل نيمار صدم البرازيليين    "فريق ليجون 13″ يحقق لقب الفرق.. و"ميرونك" بطلًا لفردي بطولة ليف جولف الرياض 2025    سجن محتال 45 ألف سنة بسبب «المزرعة الوهمية»    ثعابين سامة تهاجم مدينة أسترالية    دنيا سمير غانم "عايشة الدور" في رمضان    الحجاج في القرآن    اختتم زيارته إلى الهند.. وزير الصناعة: الرؤية السعودية هيأت فرصاً واعدة للشراكات العالمية    «الغذاء والدواء» : لا صحة لتسبُّب الزنجبيل في الجلطات    "المرض الحلو" يتصدر أعمال مؤتمر الغدد    3 مستشفيات سعودية ضمن أفضل 250 مستشفى في العالم    ملتقى «اليونسكو» يختتم أعماله في الأحساء بمشاركة 42 مدينة مبدعة    آل بامخير يستقبلون المواسين في فقيدهم    «الجمارك»: 1,350 حالة ضبط ممنوعات في أسبوع    يوم التأسيس.. يوم فريد وحدث تليد    محمد بن مساعد العصيمي    «خبز التنور».. الخيار الصحي    التراث الثقافي والهوية    استدامة بيئية    العزلة.. تهدد أمان الأطفال النفسي والاجتماعي    اختلافهم مطلوب    ثورة الذكاء الاصطناعي    في زيارة رسمية هي الرابعة له .."الفيصل" يستقبل رئيس الأولمبية الدولية    وصفة إلكترونية للأدوية المخدرة والمؤثرات العقلية    1% زيادة بتداولات الأسهم السعودية    الذهب يواصل مكاسبه للأسبوع السادس وسط تصاعد التوترات التجارية    74.670 مركبة تدخل وتغادر المملكة يوميا    كريستيانو ابن الأربعين...!!    كبير المدرجات السعودية    تركي الفيصل.. رسالة تؤكد أن فلسطين في قلب الأمة    سوريا.. إلى أين ؟!    في قطار الرياض !    التسليم على الرغبات المتوحشة    الحكمة.. عقل يفهم العواطف    الحرس الملكي يحتفل بتخريج دورات الأمن والحماية واختتام الدوري الرياضي    عربات النقل الترددي وخطورتها على المشاة    حزب مودي يحقق فوزا ساحقا في انتخابات نيودلهي ويستعيد السلطة بعد 27 عاماً    موعد مباراة الهلال القادمة بعد التعادل مع ضمك    ماذا في جعبة وزارة التعليم ؟    الأسطورة والمتعصبون    مفتي المملكة ونائبه يتسلمان تقرير نشاط العلاقات العامة والإعلام    أمانة المدينة تدشن تقاطع الأمير عبدالمجيد مع سعد بن خيثمة    محمية تركي بن عبدالله تعقد لقاءً تعريفيًا مع المجتمع    انعقاد «الملتقى القرآني» لمديري وأئمة الشؤون الدينية بمكة المكرمة    مفوض الإفتاء موجهًا رؤساء الجمعيات اللحمة الوطنية من القيم الأساسية التي تعزز من تماسك المجتمع    خطيب الحرم المكي: كل من أعجب بقوته من الخلق واعتمد عليها خسر وهلك    أمانة المدينة تدشّن نفق تقاطع سعد بن خيثمة مع "الدائري الأوسط"    خادم الحرمين وولي العهد يُعزيان ملك السويد في ضحايا حادثة إطلاق نار بمدرسة    وكيل وزارة الداخلية يرأس اجتماع وكلاء إمارات المناطق    إطلاق برنامج التعداد الشتوي للطيور المائية في محمية جزر فرسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لقاءات واشنطن حول الشرق الاوسط: لا جديد مع سياسة نتانياهو
نشر في الحياة يوم 27 - 01 - 1998

قياساً على الاسلوب الذي استخدمته الولايات المتحدة في ادارة عملية التسوية السلمية خلال العام الماضي لم يكن من الممكن ان يرتفع سقف التوقعات من الاجتماعات التي عقدها الرئيس الاميركي في 20 الشهر الجاري في واشنطن الى اكثر من محاولة خلق انطباع عام بأن هذه العملية لا تزال على قيد الحياة، وبأن الولايات المتحدة لم تتخل عن التزاماتها. فرفع مستوى "الرعاية" الى ما فوق المبعوث الخاص والمنسّق ووزيرة الخارجية، أي الى مستوى الرئيس نفسه، لا يغيّر من الامر شيئاً طالما ظلت حدود الدور الاميركي محصورة بالضغط على طرف واحد هو الطرف الفلسطيني، وطالما بقيت الاقتراحات التي يتمحور الموقف الاسرائيلي حولها خارج اطار اسس ومبادئ التسوية السلمية التي حددها مؤتمر مدريد، ومثلها الاتفاقات الموقعة بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني.
خلال مراحل المفاوضات التي جرت على مدى العام الماضي، ومعظمها تم برعاية اميركية مباشرة، فبما فيها الاجتماعات الامنية، استطاع الجانب الاسرائيلي ان يبقي عمليات الحوار ضمن الحدود التي تخدم اهدافه وتنسجم مع مخططاته، ولم يقدِّم اي تنازل في أية قضية من القضايا المطروحة. على ان أبرز ما انجزه في هذا المجال:
- اولاً: فك الارتباط القائم، او المفترض، بين المفاوضات الجارية وبين المبادئ التي تحكم عملية التسوية السلمية، كذلك الاتفاقات التي تم التوصل اليها منذ عام 1993. وتأسيساً على هذا الواقع اصبحت المفاوضات تجري خارج نطاق الشرعية الدولية والقرارات الناشئة عنها، ابتداء من القرار 242، وصولاً الى آخر القرارات والتوصيات الصامدة عن الامم المتحدة في شأن الاستيطان الاسرائيلي والحقوق الفلسطينية. ويتعذر على اي مراقب او محلل ان يلمس وجود رابط بين القرارات الدولية ذات الصلة وبين مواضيع البحث في الاجتماعات المشتركة التي تعقد برعاية اميركية.
- ثانياً: جعل ما تسميه اسرائيل "الارهاب الفلسطيني" محور كل الاجتماعات ومادتها الرئيسية. وهكذا تنعكس المفاهيم والوقائع وتتبدل الادوار على نحو يجعل من المستحيل الوصول الى اي نتيجة. اذ لا يعود الاحتلال هو المشكلة، ولا الحصار الاقتصادي والامني المفروض على الشعب الفلسطيني، ولا اجراءات العقوبات الفردية والجماعية والاعتقالات التعسفية وهدم المنازل... الخ... بل يصبح رد الفعل الفلسطيني على كل هذه الانتهاكات هو جوهر الموضوع ومبرر الاعتراض. هذا اذا كان ثمة رد فعل حقيقي يرتقي الى مستوى الفعل الاسرائيلي ويوازيه في خطورته وتأثيره.
- ثالثاً: الاصرار على مواصلة السياسة الاستيطانية المعتمدة ورفض تقديم اي تعهد بوقف الاستيطان أو تأخير تنفيذ المشاريع المقررة، اوحتى "الانقطاع المؤقت" وحسب مصطلح وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت. وعلى رغم ان الانتقادات الدولية تركزت على هذا الجانب بالذات، باعتبار ان مواصلة تنفيذ المشاريع الاستيطانية تفرغ العملية السلمية من مضمونها اذا كان الهدف منها اعادة الاراضي المحتلة الى اصحابها، فقد ظلت الحكومة الاسرائيلية ماضية في تطبيق مخططها الاستيطاني المقرر. وهناك اجماع دولي على ان اقامة المزيد من الوحدات السكنية الجديدة سيؤدي بالضرورة الى تعقيد الانسحاب الاسرائيلي المحتمل من الاراضي المحتلة في المستقبل لأن اي تسوية يتم التوصل اليها لن تشمل ازالة المستوطنات القائمة بل ستحتفظ اسرائيل بجميع مستعمراتها في الضفة الغربية وقطاع غزة، وستكون هذه المستعمرات تابعة للسلطة الاسرائيلية في اي ترتيبات يجري التوافق عليها.
ويستفاد من الارقام الرسمية المسجَّلة ان السلطات الاسرائيلية صادرت مساحات من اراضي الضفة الغربية المحتلة تزيد عن 25 الف فدان خلال العام الماضي تنفيذاً لسياسة التوسع الاستيطاني التي تمارسها عبر اسلوب القضم المتمادي، وذلك بذريعة تطوير المستوطنات القائمة واضافة آلاف الوحدات السكنية اليها، كذلك اقامة منشآت صناعية جديدة ومد الطرق السريعة والالتفافية. وكشفت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية ان اسرائيل تخطط لمضاعفة عدد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال السنوات المقبلة حيث تنوي اقامة ما يقرب من ثلاثين الف مسكن جديد.
وفي ما يتعلق بتهويد القدس العربية والمناطق المحيطة بها فان الحكومة الاسرائيلية تتصرف وكأن هذه المسألة حسمت نهائياً، حتى قبل بلوغ مرحلة المفاوضات النهائية بين الطرفين، ما يجعل اي مفاوضات لاحقة في شأنها من دون اي معنى.
- رابعاً: استطاعت الحكومة الاسرائيلية ان تحوِّل عملية اعادة الانتشار المحدودة التي تقترحها في الضفة الغربية من موضوع متفق عليه ومؤكد بضمانات اميركية مكتوبة وفقاً لاتفاق الخليل وملحقاته الى قضية خاضعة للتفاوض من جديد مع الاصرار المسبق على الا يتجاوز اي انسحاب اسرائيلي من الضفة الغربية المحتلة نسبة 8 الى 12 في المئة، وان يكون الانسحاب الاول والاخير. ويتبيَّن من مسار المفاوضات الجارية ان المساعي الاميركية تنحصر في رفع نسبة الانسحاب قليلاً، وليس اكثر من ذلك.
ان اقتراحات حكومة نتانياهو المتعلقة باعادة الانتشار لا تؤدي فقط، من الناحية الواقعية، الى ابقاء معظم اراضي الضفة الغربية تحت السيطرة الاسرائيلية، بل هي تمنع اي تواصل بين اجزاء الحكم الذاتي الفلسطيني بما يجعله مطابقاً للتصور الاسرائيلي، اي حرمانه من أية مقومات قد تحوّله في وقت من الاوقات الى كيان موحد مستقل، اي الى دولة ذات سيادة. وهذا هو جوهر الموضوع.
ازاء كل هذه العوامل السلبية كان من الطبيعي ان تواجه مهمة المبعوث الاميركي دنيس روس فشلاً كاملاً، لكن المشكلة لا تتعلق باضافة رقم آخر الى مجموعة الارقام التي سجّلتها رحلات روس الفاشلة الى المنطقة، وهو أمر تكاد جميع الاطراف المعنية تعتاد عليه، وانما كان من المفترض ان تهيّء اجتماعاته مع الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني للقاءات واشنطن مع الرئيس كلينتون. وكما يمكن قراءة الكتاب من عنوانه فإنه كان بالاستطاعة تقدير نتائج لقاءات واشنطن من مقدماتها، خصوصاً وان هذه المحاولة ليست الاولى التي يقوم بها الرئيس الاميركي اذ سبق له ان التقى رئس الحكومة الاسرائيلية واكتفى بالاستماع الى اطروحاته المتعنتة.
والجديد في هذا الشأن ان بنيامين نتانياهو استبق لقاء البيت الابيض بالاعلان رسمياً عن اعترافه الاحتفاظ بمناطق واسعة من الضفة الغربية وغور الاردن بذريعة انها مناطق حيوية بالنسبة للأمن الاسرائيلي. وحمل معه الى واشنطن مجموعة من الشروط المبتكرة، اضافة الى مطالبه وشروطه السابقة، وذلك بهدف تحويل الانتباه عن العقوبات الفعلية التي تمنع تقدم التسوية السلمية، وعن المسؤولية الرئيسية والمباشرة التي تتحملها اسرائيل في كل ذلك.
ولا يتوقع ان تغيِّر صفقة طائرات ال "اف - 15" المتطورة التي بدأت الولايات المتحدة تنفيذها مع اسرائيل من هذا الواقع لأن الدعم الاميركي للدولة العبرية كان يفسَّر دائماً على انه تشجيع للسياسات الاسرائيلية وليس من أجل الحصول على بدل سياسي مقابل. ولم يحدث ان تقصَّدت واشنطن الخروج عن هذه القاعدة، الا في حالات نادرة. وهو ما أدى بالعملية السلمية الى مأزقها الراهن.
هذا التداخل القائم في الأدوار والمهمات يحول العلاقات الأميركية - الاسرائيلية الى نوع من التقاسم الوظيفي. ففي حين تحتل اسرائيل الأرض وتنتهك حقوق أصحابها، تمارس الولايات المتحدة دور الرعاية لعملية إخفاء الشرعية على واقع الاحتلال من خلال اقناع الضحية بالتسليم بالأمر الواقع. والتسوية السلمية التي يجري تداولها منذ عدة سنوات لم تكن سوى تجسيد لهذا الواقع. وعلى ذلك فإن الولايات المتحدة تصبع شريكة أساسية في المسؤولية.
بيد ان السؤال الطبيعي الذي ينبغي طرحه ازاء هذا الواقع هو كيف يتأتى للولايات المتحدة ان تفعل كل ذلك، وما هي العناصر التي تتشكل منها سياساتها الحالية في منطقة الشرق الأوسط؟
يرى بعض المراقبين ان أول هذه العناصر وأبرزها هو وصول الادارة الأميركية الى نتيجة مؤداها ان الدول العربية لم تعد تشكل عاملا مؤثراً لا بالنسبة للتسوية السلمية مع اسرائيل بخاصة، ولا بالنسبة لشؤون منطقة الشرق الأوسط بعامة. ولهذا لا تجد واشنطن نفسها متضررة، أو حتى محرجة، تجاه اي رد فعل عربي سلبي في ما يتعلق بالانحياز الأميركي المطلق لاسرائيل.
وفي ضوء هذه الخلاصة فإن السياسات الأميركية المعتمدة حالياً في منطقة الشرق الأوسط تستند الى عدة ركائز أساسية، في مقدمها:
- مواصلة الضغط في منطقة الخليج وإثارة عواصف مستمرة هناك، وذلك لجذب الاهتمامات الى هذه المنطقة بصفة دائمة من ناحية، وزيادة مخاوف دولها من جهة ثانية. والنتيجة المحققة من وراء هذه السياسة اظهار مدى الحاجة للحماية الأمنية الأميركية، وبالتالي ضمان الحفاظ على وجود عسكري كبير. ومع ان الخطة الأميركية واجهت بعض الصعوبات في ما يتعلق باستخدام القوة مجدداً ضد العراق، الا أن الحد الأدنى مما حققته واشنطن، وهو التسليم بوجود حشد أميركي كبير في المنطقة، كاف لتأمين النجاح للخطة الأميركية.
- السعي الى محاصرة الدور المصري، عربياً واقليمياً، لحرمان الدول العربية من العامل المؤثر الذي تشكله القوة المصرية من مختلف النواحي السياسية والعسكرية والاعلامية والثقافية. وتبدو الديبلوماسية المصرية منشغلة حالياً بمتابعة عدد من القضايا الرئيسية، منها ما يتصل بالصراع العربي - الاسرائيلي، ومنها ما يتعلق بالامتدادات المصرية - الافريقية، وفي وسطها الصراع الذي يدور داخل السودان وحوله، وفي القرن الافريقي عامة، حيث تعود قضية الصومال لتحتل دوراً بارزاً بعد الوساطة المصرية الناجحة التي حققت المصالحة بين الفصائل الصومالية المتحاربة. ومن الواضح ان هناك محاولات دؤوبة، اميركية واسرائيلية، لدفع اريتريا لأن تلعب دوراً رئيسياً في المنطقة يستهدف المصالح المصرية والعربية في الدرجة الأولى.
- دعم التحالف التركي - الاسرائيلي باعتباره عامل ضغط على بعض الأطراف العربية الرئيسية، لا سيما سورية. ففي حين يضع التعاون التركي - الاسرائيلي سورية في مواجهة أخطار عسكرية وأمنية جديدة فإنه يضيف الى القدرات التركية معطيات جديدة كان دورها واضحاً في عمليات الاجتياح التركية المتوالية للشمال العراقي. ولم يكن من قبيل الصدفة اختيار منطقة من البحر الأبيض المتوسط مواجهة للساحل السوري لاجراء المناورات العسكرية الثلاثية التركية - الاسرائيلية - الأميركية فيها. ومن شأن ذلك، بطبيعة الحال، ان يضعف الموقف التفاوضي العربي سواء ما يتعلق منه بالصراع مع اسرائيل أو بالمشاكل الاقليمية الأخرى.
- التوجه نحو ايران وفتح حوار معها. ومع ان تطويع السياسات الايرانية يشكل هدفاً أساسياً من الأهداف الأميركية في مرحلة ما بعد سقوط نظام الشاه، إلا أن المسعى الحالي ينطوي على رغبة واضحة في منع تطور العلاقات العربية - الايرانية بحيث تصبح عاملاً مرجحاً بين العوامل التي ترسم صورة الوضع في المنطقة وتضع عناصره الرئيسية.
انطلاقاً من هذا التوجه ليس مستغرباً ان نرى بأن موضوع اسرائيل يأتي كبند أول على جدول أعمال اي اتصال اميركي - ايراني، كما تشير مختلف المواقف التي عبر عنها مسؤولون اميركيون سواء في تصريحاتهم الرسمية أو في مقالاتهم المنشورة في بعض الصحف، أو في الرسائل التي تنقل بين الحين والآخر عبر قنوات متعددة. ويتركز هذا الاهتمام على جانبين اساسيين من جوانب الأهداف الأميركية: الجانب الأول محاولة تحييد الدور الايراني في ما يتعلق بالصراع مع اسرائيل. وقد أوضح روبرت بلليترو المساعد السابق لوزير الخارجية الأميركية جانباً من اهتمامات الولايات المتحدة في هذا المجال حين أشار في مقال له الحياة - 5/1/98 الى ان ما تتوقعه واشنطن من طهران هو "خفض الدعم الايراني للمنظمات الفلسطينية". والجانب الثاني صرف اهتمام النظام الايراني عن تحويل ايران الى قوة نووية منعاً لالغاء التفرد النووي الاسرائيلي.
اما إذا فشلت هذه المحاولات فإن الحلف التركي - الاسرائيلي سيكون حاضراً لممارسة ضغوط متعددة الاشكال على ايران، ومنها الضغوط العسكرية التي بدأت اسرائيل تلوّح بها بالاعتماد على طائرات "اف - 15" البعيدة المدى وعلى الأسلحة الصاروخية التي تعد انقره وتل أبيب برنامجاً واسعاً لتطويرها.
ان التوجهات الأميركية العامة، في ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، تؤكد أمرين أساسيين:
- الأول، ان الادارة الأميركية غير مهتمة بايجاد تسوية عادلة وشاملة ودائمة للصراع العربي - الاسرائيلي. لذلك فهي تسعى الى ايجاد وسائل جديدة تضغط بها على الموقف العربي من أجل الحصول على مزيد من التنازلات لصالح اسرائيل، بدلاً من تنفيذ تعهداتها السابقة والالتزام بالضمانات التي قدمتها للأطراف العربية المعنية.
- الثاني، وجود ارتباط وثيق بين الصراع العربي - الاسرائيلي والمشاكل الاقليمية الأخرى. ولأن موضوع اسرائيل يحتل مكاناً مركزياً في الاهتمامات الأميركية، فإن واشنطن تصوغ سياساتها في المنطقة على أساس ان تحتفظ الدولة العبرية بهذا الوضع المميز.
وفي ضوء هذه الحقيقة كان من الطبيعي ان نرى في اجتماعات واشنطن، وفي أية لقاءات أخرى محتملة، مجرد مناسبات لتأكيد الدعم الأميركي لاسرائيل، أكثر من كونها فرصة لايجاد حلول لمشكلة معقدة. وهل هذا هو ما حدث فعلاً على رغم بعض المظاهر التي بدا فيها الرئيس الاميركي منزعجاً، بعض الشيء، لأن اقتراحات نتانياهو كانت من النوع الذي يتعذر قبوله من دون الاعلان فوراً عن وفاة العملية السلمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.