تقلّد ذهب الخرافة وعباءة السؤال وأمضى الليل واقفاً هو وسريره فوق جبل الوصايا. حاول ان ينقذ من هناك نجمة تخرّ قبل ان تدرك محاقها فاجأ صلاة تتعلق بأذيال غيمة لا تريد ان تمطر وأمام جسد الشروق هشّم مراياه فتساقطا كان زجاج المرايا يجرح أكثر. * * * سأل غرباء عن المسافة فقالوا: لا تعرف ان تهب وعن العاصفة قالوا: لن تعود وتفضل ان تولد. وعن الأرض قالوا: حجر في زوّادتهم رجموا به وهم يعبرون وعن الحدود قالوا: خارجا بيناهم يجوسون بين الأزمنة. وعن الأهل قالوا: أطيان وأطياف، صنوبرات وأخاديد. وعن المكان قالوا: بطّانية عندما لا يبقى من الحاضر إلا الجسد. قال: ويحكم! وأنا! قالوا: من؟ الجسد أم المكان؟ * * * أيتها الآبار المطرودة من الأعماق والتي تطفح زبداً متحجراً تحت خطاه لم يزل وجهه دلوا يتأرجح في بئر مسوّر من الشفق الى الشفق ماؤه الكلام. لم يزل وجهه ترعة تجفّ كل يوم في راحتيه، حجارة كتب فوقها، حلماً مصاباً بالشلل النصفي تحفّه الشموس والأقطار والإرتعاشات يتسكّع بين السيول والصباحات المطمورة لم يزل وجهه، أيتها الآبار، قدحا. * * * حمل الى الرايات قبل ان يحملها. رايات أعلاها رقاب مشنوقين ترفس في هواء المحطات وفوق الجسور في الأرحام وفي الأقلام. رايات يحملها مطوّفون يرتّلون الذبيحة قطرة... قطرة فوق شفاههم جنوب الليل جنوبا في مواكب سبي سوداء شمر أموي ورفش عباسي يتسللان بين الجموع التي تلطم حتى الهواء معبّدين بقار اللعنات رايات أخرى أناشيد الظفر خلف جبال سمرفند تترجل فوق السطوح وعيداً ووعوداً حمراء رايات تدفن في رايات. * * * عند باب العواصف يسأل هل تدخل الريح أفراسه فيهبّ إليها رمالاً، حصى او رفات. العواصف تلتفّ فيه لتخفي أسارير من يدفنون رسائلهم ومناكبهم في رمال الطريق الى الجبهات. العواصف تحمله في وشاح امرأة تدخل غرفتها من آخر العمر نثاراً من الليل والجمر والصبوات. العواصف تأتيه تخلع أعطافها...، تشف وتعرى لتصعد في الصرخات.