عندما يجري الماء على سطح الأرض فإنه يشق طريقه بنفسه عبر الوديان والأنهار , يسير خلالها دون كل ولا ملل بل ودون توقف . يتحدى عوامل الطبيعة كلها .... ولا يرضى بالهزيمة , وعندما تتكالب عليه هذه العوامل وتتحد جميعا لصده ودحر تقدمه . فيجد الجبال الشامخة والصخور الصلبة سدا منيعا في وجه تدفقه , ويفاجأ بالرمال هي الأخرى لتدفن مجراه وتحاول طمس محتواه , حينها يجد نفسه قد وقع أسيرا لما هو أكبر من ذلك كله .... فهاهي الشمس تكوي جزيئاته محاولة أيضا دحره وتجفيفه . فيبدأ حينها بالركود والتلاشي شيئا فشيئا ............ عنها يظن الكل انه توقف , ورحلته انتهت . ولكن .. !!!! ...... كلا هي لم تتوقف ولم تنتهي . بل استمرت ..... وبطريقين عظيمين أجمل مما كان عليه عن ذي قبل . فإما أن يجري عبر ذرات الرمال , فيتخللها ذرة ذرة , وصخرة صخرة . حتى يصل إلى جوف الأرض , فيخرج حينها عن طريق الآبار الجوفية , وعن طريق الينابيع والعيون , فيسقي بذلك العباد وينفع البلاد . وكأنة يقول لعوامل الطبيعة , شكرا لك .... ما ازددت منك إلى قدرا ورفعة . وإما أن يتبخر في الهواء , ويجري عبر الأفق , مرتفعا شيئا فشيئا , ومرطبا في طريقه كل مسلك سلكه , حتى يصل إلى عنان السماء , فيبرد فيها وكأنه يبرد غضبة , حينها يكون السحب والغيوم , فيحجب من خلالها ضوء الشمس التي بخرته وبددته, ويعلن للطبيعة بأكملها تحد جديد ومسيرة جديدة , يرسمها في غيوم سوداء كسواد الليل , يخطف برقها الأبصار , ويزمجر رعدها في كل الأقطار . صواعقها تدك الجبال الشامخة وتمزقها , وكأنها تنتقم لماضيها وسيولها تجرف الصخور والرمال التي حاولت من قبل إعاقة مسيرتها . حينها يعود الماء لسطح الأرض مرة أخرى مواصلا مسيرته ومسطرا سيرته . هل رأيت سيرة الماء وقصته أيها الأسير , هي قصتك وهي سيرت . هذه راسله خاصة قدما لك , أسير الوفاء / عادل محماس الرقاص ولم تنتهي الرسالة , ولم تنتهي القصة ولكن انتهت استطاعت قلمي عن التعبير . وأتمنى من الله أن ينصرنا على عدونا , وأن يرحم شهداءنا , وأن يفك أسرانا, وأن يشفي جرحانا. وقبل أن أغلق قلمي , فلا أود أن ابخسه حقه , فقد جاهد بحبره , كما جاهد غيره بجسده .