اتهمت أمس جماعة جزائرية الحكومة و"الجماعة الاسلامية المسلحة" بزعامة عنتر زوابري بتنفيذ مجازر في البلاد. وجاء هذا الموقف في وقت اتهم معارضون جزائريون في شهادات ادلوا بها في جلسة في مجلس العموم البريطاني، حكومة بلادهم بارتكاب العديد من عمليات القتل، وأكد بعضهم ان "الجماعة المسلحة" نفسها هي من صنع الحكم. لكن السفارة الجزائرية في لندن اعتبرت ان اتهامات المعارضين "تفتقد الصدقية". وتلقت "الحياة" بياناً أمس من جماعة منشقة عن زوابري يرأسها حسان حطاب وتنشط في "المنطقة الثانية" تيزي وزو والبويرة اعتبرت فيه ان الحكم الجزائري "هو اوّل من فتح الباب" امام "ما يحدث من جرائم في حق الشعب الاعزل". واضاف: "غير ان تورط شرذمة عنتر زوابري في بعض هذه الجرائم راقَ الحكم الجزائري لانه وافق غرضه في محاولة تسليح الشعب ورآه وسيلة مناسبة لاقناعه بذلك تحت غطاء الدفاع عن النفس". وحمل البيان بعنف على الحكم، واستغرب قبول بعثة الترويكا الاوروبية ما سماه "شروط" الجزائر الخاصة ب "عدم التدخل في مأساة الشعب والتحقيق فيها". وتنشط "المنطقة الثانية" باسم "الجماعة المسلحة"، وهي تختلف مع زوابري بسبب تبنيه عمليات قتل في حق المواطنين. الى ذلك اوردت وكالتا "فرانس برس" و"رويترز" وصحف انكليزية ان معارضين جزائريين يقيمون في لندن ومنهم رئيس الوزراء السابق عبدالحميد الابراهيمي، اتهموا اول من أمس، اجهزة الامن الجزائرية بأنها مسؤولة عن مجازر في الجزائر وبأنها نظمت سلسلة من الاعتداءات وقعت في فرنسا عامي 1995 و1996. وادلى هؤلاء بشهاداتهم في البرلمان البريطاني امام اللجنة البرلمانية المكلفة حقوق الانسان اثناء جلسة علنية مخصصة للجزائر. وتضم اللجنة ممثلين لكل الاحزاب في البرلمان. وقال الابراهيمي عندما تطرق الى المجازر التي وقعت حديثاً في بلاده "ان الدولة تقوم بتنظيم الرعب" وان "الجماعة الاسلامية المسلحة هي جزء من الحكومة". واكد الابراهيمي، من جهة اخرى، ان "اجهزة الامن العسكرية هي التي نظمت الاعتداءات بالقنابل العام 1995 و 1996" في فرنسا. واضاف ان مصدراً فرنسياً "رفيع المستوى" ابلغه ان فرنسا كانت على علم بمسؤولية السلطات الجزائرية. واشار الى ان هذا المصدر اكد له ان الرئيس الفرنسي جاك شيراك كتب بعد انتخابه العام 1995 للرئيس الجزائري اليمين زروال ليحذره من ان "فرنسا لن تقبل في المستقبل ان يصدروا الارهاب الى فرنسا". كذلك ادلى ضابط سابق برتبة "كابتن" في الاستخبارات الجزائرية اسمه غير حقيقي "جوزف" هارون، بشهادته. وكان هذا الضابط اتهم في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، السلطات الجزائرية بانها نظمت بعض الاعتداءات في فرنسا وبانها تقف وراء "الجماعة الاسلامية المسلحة". واكد هارون ان والده كان احد مؤسسي اجهزة الاستخبارات الجزائرية وان شقيقه الذي كان ينتمي الى هذه الاجهزة السرية، معتقل حالياً في سجن البليدة لمشاركته في اغتيال الرئيس محمد بوضياف في 29 حزيران يونيو 1992. واكد ان "الجنرالات" الجزائريين هم الذين دبروا عملية اغتيال بوضياف. واكد هارون ايضاً ان "الذين اخترقوا صفوف المجاهدين في افغانستان لمساعدة روسيا هم الذين اخترقوا ايضاً الجماعة الاسلامية المسلحة منذ انشائها". وقال "عندما كنت ضابطاً شاباً كنت افخر بالخدمة في جهاز الامن الجزائري". واضاف انه يشعر الآن بالعار عندما يرى ضحايا التعذيب. وتابع: "اذا كان الرئيس العراقي صدام حسين شراً بالنسبة الى الغرب فانه ملاك مقارنة مع الجنرالات الجزائريين". وقال ان كل اجهزة الاستخبارات الغربية تعلم جيداً حقيقة ما يحدث في الجزائر. واكد الرجل الثاني في السفارة الجزائرية في ليبيا سابقاً محمد العربي زيتوت الذي انشق عن الحكومة العام 1995، ان ممارسة التعذيب تتم "بصورة منتظمة" في الجزائر "بموافقة اعلى السلطات" في البلاد. ودعا الاتحاد الاوروبي وبريطانيا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد، الى عدم الاصغاء الى فرنسا معتبراً ان سياسة باريس تجاه الجزائر "موجهة بشكل سيئ" وشديدة الارتباط بالحكم الجزائري. وتحدث الصحافي رشيد مسعودي عن "الطغيان الثقافي الفرنسي"، واتهم الاعلام الفرنسي بتجاهل الادلة على التواطؤ الحكومي في اعمال القتل. اما محمد سكوم، الناطق باسم مجلس اللاجئين الجزائريين، فقال ان لندن لا تزال تعتقل طالبي اللجوء وتعيدهم الى بلادهم على رغم وصول حزب العمال الى الحكم في ايار مايو الماضي. رد جزائري ورد ناطق باسم السفارة الجزائرية اتصلت به "الحياة" أمس على اتهامات المعارضين بالقول انها تفتقد الصدقية. وقال ان الذين ادلوا بشهادتهم في البرلمان البريطاني يمثلون "مجموعة غير متجانسة تفتقد الصدقية ... ان ما تسميه شهادات لها منبع واحد قريب من المتطرفين الاسلاميين". وانتقد الابراهيمي في شدة معتبراً انه كان مسؤولاً في الدولة بين 1984 - 1986 و"يتحمل مسؤولية الاوضاع المتدهورة" التي قال ان البلاد بلغتها في عهده. وقال انها ليست المرة الاولى التي تصدر اتهامات بهذا المعنى ضد بلاده. واشار الى ان وزراء في الدول الاوروبية اكدوا اكثر من مرة انه لا توجد ادلة على تورط السلطة في المجازر. وقال ان اي كلام في هذا الاطار "ليس سوى ادعاءات لا اساس لها". وفي باريس أ ف ب رفض مساعد الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية ايف دوتريو الادلاء بأي تعليق على الاتهامات التي وجهها الابراهيمي، . واكتفى في اللقاء اليومي مع الصحافيين بالتذكير بالتصريحات التي ادلى بها الاسبوع الماضي وزير الخارجية هوبير فيدرين الذي كان صرّح بان المعلومات التي جمعها الاوروبيون "لا تتوافق" مع فكرة تورط الجيش في المجازر. واضاف: "في المقابل لا توجد ايضا معلومات مؤكدة تماماً".