ابو خالد العملة اوسلو دار الكنوز، بيروت 1997 387 صفحة يلاحظ المتابع لنشاط عدد من القيادات الفلسطينية المعارضة تلاشي حضورها في وسائل الاعلام، بعد ان كفت وسائل الاعلام عن التسابق لأخذ تصريحات واجراء مقابلات معهم نظراً لبعدهم عن صنع القرار الفلسطيني والتأثير فيه ونظراً لتراجع فاعلية فصائلهم في الساحة الفلسطينية، الامر الذي دفع ببعض اولئك القادة ممن اعتادوا على الاضواء الاعلامية الى اخذ زمام المبادرة للكتابة مقالات ونشرها في الصحف او اجراء مقابلات، كما لو انها مع الذات ونشرها في كتاب. ومن بين هؤلاء السيد ابو خالد العملة المعروف بأنه القيادي الاول في "فتح الانتفاضة". فقد اتجه للكتابة في الصحف وايضاً نحو تأليف الكتب ونشرها. ففي 1994 اصدر كتاباً عن مركزية القضية الفلسطينية في صنع المستقبل العربي، وبعد توقف دام سنة واحدة اصدر عام 6919 كتابين: الاول عن تعديل الميثاق الوطني الفلسطيني والثاني خصصه للرد على ما كتبه نتانياهو في كتابه "مكان تحت الشمس". واصدر في ايلول سبتمبر الماضي كتاباً رابعاً بعنوان "اوسلو محطة لتهويد فلسطين - خطوة للسيطرة على المنطقة". وجاء كتابه الجديد في 387 صفحة من القطع الكبير، مخصصاً ثلثه تقريباً 115 صفحة لملحق تضمن ثماني وثائق. ولوحظ ان المؤلف حصل على نصوص الوثائق الاردنية والفلسطينية من الترجمات غير الرسمية التي نشرت في عدد من الصحف العربية نقلاً عن هذه او تلك من وكالات الانباء وذلك رغم ان النصوص الرسمية لهذه الوثائق صدرت رسمياً في العواصم المعنية، الامر الذي يضعف من قيمة نصوص الوثائق المنشورة في الكتاب. وأبرز ما يمكن تسجيله من ملاحظات حول الكتاب المؤلف من خمسة فصول: 1 - انه اتخذ من اوسلو عنواناً وموضوعاً علماً بأنه صدر بعد مرور اربع سنوات على توقيع اتفاق اوسلو وذلك في وقت تواجه فيه مسألة تنفيذ هذا الاتفاق مأزقاً حقيقياً. وكان يفترض ان يصدر كتاب كهذا بعيد التوقيع - الحدث مثلما فعل آخرون في حينه. ويفرض تأخر صدوره كل هذا الوقت على المؤلف، كما يتوقع القارئ، ان يقدم في كتابه دراسة بحثية معمقة للاتفاق ونتائجه وان لا يكتفي بالكتاب عنه بلغة الانشاء السياسي الخطابية الهادفة الى تسجيل او تأكيد معارضته للاتفاق. 2 - ان بعض فصول الكتاب اشتملت على صفحات عدة تتناول موضوعات لا علاقة لها البتة بعنوان الفصل. 3 - ان الكتاب لا يقدم جديداً في موقف المؤلف من اتفاق اوسلو. فهو في معظمه تكرار لمواقف معروفة ومنشورة سابقاً سواء تجاه السلطة الفلسطينية او تجاه الجبهتين الشعبية والديموقراطية. في الفصل الاول يتحدث المؤلف عن طبيعة وابعاد الصراع العربي - الصهيوني والدعم الغربي لاسرائيل واهدافه وعن سمات المركزية الاوروبية والامبريالية في نظامها العالمي الجديد ومعاني العولمة والنظام الشرق اوسطي الجديد منتقداً في السياق الاحزاب الشيوعية واليسارية العربية "المتأثرة بالفكر الماركسي النصي وليس الحرفي". ويتناول في الفصل الثاني "مقدمات اتفاقات السلام" المتمثلة بالبرنامج المرحلي الذي اقره المجلس الوطني الفلسطيني عام 1974 مؤكداً "ان ما هومطلوب حالياً لا يزال يتمثل في التكاتف في جبهة عريضة انطلاقاً من التمسك بالميثاق الوطني الفلسطيني والعمل على عزل سياسة عرفات الخيانية". ويشرح المؤلف بعدها الاهداف الصهيونية من اتفاق اوسلو ونشوء فكرة الحكم الذاتي عارضاً لبعض ما جاء في عدد من الاتفاقات الفلسطينية - الاسرائيلية، ومندداً بانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني. ويتحدث بعدها عن "مخاطر اتفاق اوسلو"، معتبراً "ان الاتفاق جاء لحل المشاكل التي تعانيها الدولة الصهيونية اساساً تحت ستار حل القضية الفلسطينية" وان الاتفاق قائم على القوة والقهر والاخضاع وهو جسر عبور صهيوني الى المنطقة العربية. وينفي الكاتب ان يكون الاتفاق محصلة لتردي الوضع العربي بعد حرب الخليج الثانية وانحسار الدعم الدولي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. ويقول: "ليس من الصحيح او من الامانة في شيء تصوير الوضع العربي الرسمي بالتردي الشامل ووضع جميع الانظمة والقوى العربية في سلة واحدة". وفي الفصل الثالث يتحدث عن مقدمات الغاء الميثاق وفن اختلاق الاوهام السياسية ثم يعرض لجوهر الميثاق وأهم ما تضمنه من مبادئ واهداف، مؤكداً ان الميثاق هو أساس الشرعية الوطنية الثورية في المنظمة والمعبر عن وحدة الشعب والارض والاهداف والثوابت الوطنية وفي مقدمتها تحرير فلسطين و"هو ميثاق الشعب والامة ولا يحق لأي جهة سياسية فلسطينية شطبه او تغييره". وتحت عنوان "دلالات الغاء الميثاق" يوجه المؤلف نقداً شديداً لقيادتي الجبهتين الديموقراطية والشعبية لأنها "قامت عملياً بالتنظير لكل تنازلات وسياسات القيادة العرفاتية" وذلك دون ان يقول شيئاً عن دلالات الغاء الميثاق. ويعترف المؤلف "بعجز الفصائل الفلسطينية المعارضة حتى الآن عن تشكيل البديل الوطني القادر على اسقاط قيادة عرفات وتشكيل المرجعية الوطنية المؤتمنة". وفي حديثه عما يصفه "حقيقة مجلس غزة" يؤكد انه مجلس مزوّر ومفبرك و"ان ما يسمى بالمجلس الوطني الفلسطيني فقد شرعيته" وان حماية الميثاق مهمة وطنية فلسطينية وقومية عربية وان "مؤسسات منظمة التحرير فقدت شرعيتها منذ ان خرجت عن الميثاق الوطني الفلسطيني بقبولها بالقرارات الدولية الجائزة". ويدعو الى تشكيل مرجعية وطنية واحدة من القوى والفصائل والفعاليات والشخصيات الفلسطينية المتمسكة بالميثاق وخيار التحرير والى تشكيل لجان الدفاع عن الميثاق في الاقطار العربية والاجنبية. وخصص المؤلف الفصل الرابع للحديث عن الشرق اوسطية إلا انه تحدث في الصفحات العشر الاولى عن قمة مكافحة الارهاب في شرم الشيخ والمساعي لتأسيس منظومة امنية اقليمية بقيادة الكيان الصهيوني وتحت اشراف الولاياتالمتحدة، معتبراً ان قمة شرم الشيخ محاولة لانقاذ المشروع التصفوي ومحاولات الهيمنة الاميركية الصهيونية من خلال ما عرف باسم النظام الشرق اوسطي. ويعرض بعدها لنشأة اصطلاح الشرق الاوسط. ويؤكد "ان الحدود الصهيونية الجديدة لن تكون حدوداً جغرافية بل ستكون علاقات اقتصادية وسياسية مهيمنة. فالشرق اوسطية هي خطة اسرائيل الكبرى لكن بوسائل غير عسكرية مباشرة". واعتبر المؤلف "ان اتفاق غزة - اريحا بدا وكأنه احد اشكال تجسيدات هذا النظام" ثم جزم بأن "اتفاق غزة - أريحا هو البداية التطبيقية الفعلية له". ويخصص المؤلف الصفحات التالية من 208 وحتى نهاية الفصل ص 236 ليعرض اهم مرتكزات مشروع بيريز للشرق الاوسط، وأهم قرارات مؤتمرات القمة الاقتصادية الثلاثة التي عقدت في كل من الدار البيضاء وعمان والقاهرة. اما الفصل الخامس والاخير فقد خصصه المؤلف لعرض رؤيته بشأن "مهام المواجهة" السياسية والحضارية الشاملة، مؤكداً على ضرورة اعتماد قوى الأمة العربية على ذاتها في مواجهة المتغيرات وان تحدد قوى النضال والثورة معسكرها ومعسكر اعدائها أميركا والغرب الامبريالية والعدو الصهيوني. ويدعو من ثم الى مشروع نهضوي عربي قادر على بناء الانسان، مؤكداً ان النضال من اجل فلسطين هو الحلقة المركزية في نضال الامة العربية التي تستقطب وتستدعي سائر الحلقات الاخرى. ويقول ان عملية تحرير فلسطين ليست مهمة الشعب الفلسطيني وحده بل هي المشروع القومي الشامل ومهمة كل الامة، مشدداً على ان معركة التحرير هي معركة الجماهير العربية، معركة الديموقراطية الحقيقية، معركة الثقة بالذات القومية، معركة تحقيق العدالة الاجتماعية، معركة القيم الانسانية، وعلى ان التفريط بفلسطين يعني عملياً التفريط بحق السيادة القطرية والقومية والقبول بتجزئة المجزأ. ويؤكد ان الفصائل الوطنية والاسلامية الفلسطينية المواجهة لاتفاق اوسلو هي رأس رمح كل القوى الحية في امتنا في مواجهة ما يحمله اوسلو من اخطار على مستقبل الامة في المنطقة. وفي خاتمته للكتاب يرى المؤلف "ان الصراع العربي - الصهيوني غير قابل للتسوية لأن التسوية حتى في اقل اشكالها مساساً وخطراً تعني التسليم باغتصاب فلسطين وتشريد شعبها والاعتراف بالكيان الصهيوني".