بدا معظم دول جنوب آسيا وشرقها امس وكأنه عاجز عن الوقوف على قدميه في وجه الازمة الاقتصادية والمالية الطاحنة التي يتعرض لها منذ نحو سبعة اشهر فيما حذر مراقبون من ان استمرار هذا العجز يمكن ان يعيد تلك الدول التي حمل بعضها اسم "نمور آسيا الاقتصادية" الى صف الدول النامية. وسرت اشاعات قوية في الاسواق امس بأن اندونيسيا يمكن ان تعلن عجزها عن تسديد ديونها التي تصل الى 3.133 بليون ما دفع الرئيس بيل كلينتون الى مناشدة الرئيس سوهارتو تطبيق الشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي للاستمرار في جهود انقاذ اقتصاد البلاد في صفقة تتضمن عدداً من الخطوات اهمها تخصيص مبلغ 43 بليون دولار لهذا الجهد. وادى تعهد الرئيس سوهارتو امس التزام شروط صندوق النقد الدولي الى تحسن مهم في سعر صرف الروبية في مقابل الدولار دعمه نفسانياً قيام ابنته الكبرى ببيع 50 ألف دولار. الا ان تلك العملة خسرت جزءاً من مكاسبها في وقت لاحق في التعاملات الاوروبية ما يعني انها فقدت منذ بدء الازمة في تموز يوليو الماضي نحو 70 في المئة من قيمتها. وحاولت سوق الاسهم الاندونيسية الصمود امس الا ان مؤشرها الاساسي ختم بانخفاض نسبته واحد في المئة تقريباً بعد انهيار نسبته 12 في المئة الخميس. وفيما سعى كبار المسؤولين النقديين في كوريا الجنوبية الى حشد التأييد الاوروبي لجهود اصلاح الاقتصاد بعد الانهيار الذي شهدته العملة المحلية وان وسوق الاسهم في سول، اثارت اشاعات احتمال اعلان اندونيسيا افلاسها ذعراً في سنغافورة فهوى مؤشر اسعار الاسهم فيها بنسبة 43.7 في المئة. وتابع المؤشر الرئيسي في هونغ كونغ هانغ سنغ انهياره الحر فخسر امس نحو اربعة في المئة من قيمته مبتعداً في صورة كبيرة عن المستوى النفساني المهم وهو عشرة آلاف نقطة، كما عجز مؤشر نيكاي الياباني عن الثبات في المستوى النفساني المهم ايضاً وهو 000.15 نقطة فاغلق على 1.14995 نقطة. ولم تظهر البورصات الغربية تأثراً خطيراً بما يحدث في آسيا بل ان بعض الاقتصاديين يقول ان مصائب تلك المنطقة ستؤدي الى تخفيف الضغوط التضخمية في الاقتصاديات الاكثر نشاطاً مثل الاقتصادين الاميركي والبريطاني لم يرفع بنك انكلترا المركزي ومجلس الاحتياط الفيديرالي اسعار الفائدة كما كان متوقعاً، ومن المستبعد في الوقت الراهن ان يعمل المستثمرون الآسيويون على سحب استثماراتهم المقومة بالعملات الصعبة خصوصاً الدولار في وقت لا يعرفون فيه مصير عملاتهم المحلية. الا ان المخاوف الآسيوية جدية بكل المقاييس لذا كان من الطبيعي ان تظهر البورصات الرئيسية بعض الضعف كما حدث امس في لندن ونيويورك وباريس وفرانكفورت، الذهب في ادنى مستوى وفيما تخسر دول جنوب شرقي آسيا صفة "النمور" التي حملتها اعتباراً من بداية العقد الجاري، وقعت ضحية اخرى للازمة التي تكتسح المنطقة هي الذهب الذي ثبت سعر الاونصة منه في لندن بعد ظهر امس على 7.278 دولار وهو أدنى سعر منذ 18سنة ونصف السنة، وبات بذلك دون مستوى الدعم النفساني المهم وهو 280 دولاراً. ولضعف الذهب عوامل عدة منها لجوء عدد من الدول اهمها سويسرا الى تقليص نسبة المعدن الثمين في احتياطاتها المالية، وارتفاع الانتاج العام الماضي على رغم تراجع الاسعار الا ان السبب الذي يدفع بالذهب نزولاً في هذه المرحلة هو استمرار الازمة الآسيوية خصوصاً بعدما خسرت العملات المحلية اكثر من 50 في المئة من قيمتها في مقابل الدولار علماً بأن بعض تلك الدول الآسيوية مثل الهند من اهم مشتري الذهب في العالم.