سرعت الصين وتيرة خفض قيمة اليوان أمس بما دفع العملات وأسواق الأسهم في آسيا وأوقيانيا إلى الهبوط مع تخوف المستثمرين من ان تطلق بكين شرارة عمليات تخفيضات في قيمة العملات من جانب شركائها التجاريين بغرض الاحتفاظ بالقدرة على المنافسة. وجرى تعليق التداول بأسواق الأسهم الصينية بقية اليوم بعد أقل من نصف ساعة من الفتح مع تفعيل آلية جديدة لوقف التداول للمرة الثانية هذا الأسبوع. وفاجأ بنك الشعب الصيني (المركزي) الأسواق مجدداً بأن حدد نقطة المنتصف لسعر الصرف الرسمي لليوان عند 6.5646 في مقابل الدولار وهو أدنى مستوى منذ آذار (مارس) 2011. ويقل هذا السعر 0.5 في المئة عن مستواه أمس ويمثل أكبر انخفاض يومي منذ آب (أغسطس) حين شهدت الأسواق انخفاضاً مفاجئاً لقيمة العملة قارب اثنين في المئة. وسرعان ما هبطت عملات دول أخرى في المنطقة فنزل الدولار الأسترالي نصف سنت أميركي. وأكد نظام تداول العملات الأجنبية التابع للبنك المركزي الصيني مجدداً ان لا أساس لاستمرار خفض قيمة اليوان وأنه كان مستقراً أمام سلة من العملات في 2015. لكن الأسعار التي حددها البنك المركزي لم تساهم في هبوط اليوان أمام الدولار فحسب هذا الأسبوع بل دفعته نزولاً أيضاً أمام عملات رئيسة من بينها الين واليورو الذي نزل أمامهما 3.5 و0.8 في المئة على الترتيب. وأثار ذلك مخاوف من ان الصين ربما تهدف إلى خفض قيمة العملة بغرض تعزيز قدرتها على المنافسة ودعم مصدريها الذين يواجهون صعوبات. وجاء هبوط العملة هذا الأسبوع قبل صدور بيانات احتياطات الصين من النقد الأجنبي لكانون الأول (ديسمبر) والتي أظهرت هبوطها 107.9 بليون دولار مقارنة مع تشرين الثاني (نوفمبر) مسجلة أكبر هبوط شهري على الإطلاق. ونزلت الاحتياطات 512.66 بليون دولار في 2015 مسجلة أكبر انخفاض سنوي على الإطلاق. وكانت احتياطات الصين الأكبر من نوعها في العالم انخفضت بواقع 87.2 بليون دولار في تشرين الثاني (نوفمبر) إلى 3.44 تريليون دولار مسجلة أدنى مستوياتها منذ شباط (فبراير) 2013 وثالث أكبر هبوط شهري على الإطلاق. ويخشى البعض من ان يكون هبوط اليوان يشير إلى تفاقم الصعوبات التي يواجهها ثاني أكبر اقتصاد في العالم. ويفرض استمرار خفض قيمة اليوان ضغوطاً على دول آسيوية أخرى لخفض قيمة عملاتها كي تحتفظ بقدرتها التنافسية أمام آلة التصدير الصينية الضخمة. وهو يجعل السلع الأساسية المقومة بالعملة الأميركية أعلى تكلفة على المشترين الصينيين بما قد يقوض الطلب ومن ثم يدفع أسعار السلع الأولية إلى مزيد من الهبوط ليستمر الدوران في حقلة مفرغة. ولا يخفى أيضاً تأثر أسواق الأسهم أيضاً وخصوصاً الأسهم الصينية المحلية. وهبط مؤشر شانغهاي 7.3 في المئة ما أدى إلى وقف التداول ليتكرر ما حدث الاثنين الذي شهد هبوطاً مفاجئاً. ونزل مؤشر «نيكاي» الياباني 2.3 في المئة مقتفياً أثر الأسهم الصينية في حين انخفض مؤشر «هانغ سنغ» في هونغ كونغ 2.8 في المئة. وقال مستثمر في قطاع التجزئة ان آلية وقف التداول التي تهدف للحد من تقلبات السوق أتت بنتيجة عكسية. وكشفت الهيئة المعنية بتنظيم الأوراق المالية في الصين عن قواعد جديدة أمس لتقييد عمليات البيع التي يقوم بها كبار المساهمين الذين عجزوا عن بيع أسهمهم منذ ستة أشهر بعدما منعتهم بكين من بيعها لاحتواء انهيار السوق في الصيف. بحيث لا يمكنهم بيع أكثر من واحد في المئة من أسهم الشركة المدرجة كل ثلاثة أشهر. غير ان القواعد الجديدة لم تلق قبولاً من المستثمرين. وتراجعت أسواق المال الخليجية في شكل حاد مع انخفاض اسعار النفط الى ادنى مستوياتها منذ 11 سنة، وتراجع الأسهم في الصين. وساهمت المؤشرات الاقتصادية السلبية والتوترات الاقليمية الناتجة من الأزمة بين السعودية وايران، في إقبال المستثمرين على بيع الأسهم. وقادت سوقا الاسهم في دبيوالرياض التراجع، بعدما فقدتا أكثر من ثلاثة في المئة من قيمتهما مع ساعات التداول الأولى. وتراجعت كل اسواق المال الخمس الأخرى في دول مجلس التعاون الخليجي. وفقدت سوق «تداول» المالية في الرياض 3.7 في المئة بعد دقائق من بدء التداولات، لتنخفض الى ادنى مستوى لها منذ ثلاثة اعوام. اما سوق دبي فخسرت أربعة في المئة من قيمتها، وبلغت مستويات ما دون ثلاثة آلاف نقطة للمرة الاولى هذه السنة. وفقدت سوق أبو ظبي 2.3 في المئة لتتراجع الى ما دون 4200 نقطة، بينما تراجعت سوق الدوحة دون 9800 نقطة بعد خسارتها ثلاثة في المئة. وانعكست هذه التراجعات على اسواق المال الأخرى، ففقدت سوق الكويت 1.7 في المئة من قيمتها وبلغت التداولات مستويات لم تبلغها منذ 11 عاماً، في حين خسرت سوق عُمان 0.1 في المئة، والبحرين 0.7 في المئة. وسجلت الأسهم الأوروبية هبوطاً حاداً بعدما رفعت الصين وتيرة تخفيض قيمة اليوان. وهبط مؤشر «يوروفرست 300» لأسهم الشركات الأوروبية الكبرى ومؤشر «يورو ستوكس 50» للأسهم القيادية في منطقة اليورو اثنين في المئة لكل منهما. ونزل مؤشر «داكس» الألماني 1.4 في المئة في حين انخفض مؤشر «فاينانشيال تايمز» البريطاني 1.6 في المئة كما هوى مؤشر «كاك 40» الفرنسي ثلاثة في المئة.