كشفت السيول والامطار الغزيرة التي تعرضت لها بعض المناطق في مدينة جدة الاربعاء الماضي، واسفرت عن تضرر وتلف الكثير من السيارات والمباني السكنية والمحال التجارية، التباين في الخدمات التي تقدمها شركات التأمين، بل انها كشفت المستور عن بعض الوثائق التي تقدم على الورق خدمات اكبر مما تقدمه على ارض الواقع عند حدوث الحوادث او الكوارث. وكشفت وثائق تأمين حصلت “المدينة” على نسخ منها ل “التأمين الشامل” خلو تلك العقود او الوثائق عن التعويض في حال الكوارث الطبيعية، مكتفية فقط بالتعويض عن اضرار الاحتراق الذاتي أو البرق أو الصواعق، فيما اشتملت وثيقة التأمين الشامل لاحدى الشركات تغطية اضرار المركبة “دون تحديد الاسباب”، وهو ما لا يعطي الحق للمؤمن الطلب بالتعويض المادي عن الاضرار التي تعرض لها نتيجة السيول والكوارث الطبيعية على اعتبار ان الامطار ليست من الكوارث بل حدث تقليدي لا يسبب اضرارا جسيمة على السيارة الخاضعة للتأمين. ويرى بعض المؤمنين على سياراتهم أن اغلب الشركات تكثف وتروج لنظام التأمين ضد الغير أو ضد الغير وصاحب المركبة، اما تأمين التعويض الشامل فهو لا يخضع للتعويض عن السيول والكوارث الطبيعية، وهو ما اكده احد المؤمنين على سياراته الثلاث «تأمين شامل» «فضل عدم ذكر اسمه»، مشيرا إلى ان مندوب الشركة الذي تعاقد معه على السيارات الثلاث ودفع عن كل واحدة ما يقارب الاربعة آلاف ريال: ان نظام التأمين الشامل ليس فيه بند يعوض عن اضرار الكوارث الطبيعية، مشيرا إلى ان هناك ثلاثة انظمة للتأمين هي الاكثر انتشارا وهي: التعويض للغير بعد اخذ اوسط التقديرات من ورش الاصلاح، وتعويض للمؤمن «المتضرر» والغير، والثالث الذي يغطي الحرائق والاعطال الجسيمة. وأضاف: افادني مندوب الشركة ان التأمين المعمول به حسب النظام ليس به بند للتعويض عن الكوارث الطبيعية وإنما يقتصر على آثار الحوادث المرورية فقط. ويرى رئيس مجلس إدارة شركة «وقاية للتأمين وإعادة التأمين» عبدالله الفوزان في تصريح ل «المدينة»: أن التأمين على المركبات على سبيل المثال كأحد المنتجات المطلوبة في السوق، دائما ما يكتفي العملاء بالتأمين ضد الغير أو يتوسعون قليلا في نطاق التغطية حسب درجة الوعي التأميني لدى الأفراد أو أصحاب المنشآت وتتمتع شركات التأمين بملاءة مالية كبيرة لمواجهة مثل هذه الكوارث الطبيعية. وأضاف الفوزان: أن سوق التأمين الذي يبلغ حجمه حتى العام الماضي 2008 قرابة 11.2 مليار ريال، يعمل وفق نظام رقابي صارم من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي، مفيدا أن هناك متطلبات خاصة تتعلق بإعادة توزيع المخاطر بين شركات التأمين وإعادة التأمين يمثل جزءا من محافظها لدى شركات أخرى إضافة إلى خضوع تلك المحافظ إلى متطلبات أخرى. وأكد الخبير في مجال التأمين فيصل الزيد، أن شركات التأمين تغطي الأضرار التي تتعرض لها الممتلكات بسبب الكوارث الطبيعية، بحسب ما تنص عليه وثيقة التأمين، إذ إن بعض الوثائق تغطيها والبعض الآخر تقتصر على بنود معينة لا تشتمل على أضرار الكوارث الطبيعية. من ناحيته اوضح الدكتور أدهم عمر جاد المدير التنفيذي للشركة العربية لخدمات التسويق للتأمين وإعادة التأمين أن نظام التأمين الشامل في المملكة منصوص عليه في النظام إلا انه متروك لتنافسية الشركة وخدمتها التي تقدمها لعملائها الراغبين في الخدمة التأمينية ، وأضاف جاد: ان التأمين الشامل درجات يتحدد عن طريق الوثيقة التأمينية التي تتطور وفق الوثيقة وقيمة التغطية وشموليتها ، شاملة الحوادث والتلفيات والكوارث والأمطار والسيول والبرد والفيضانات واخرى الوفيات والإصابات ولا تكتفي بالسيارات بل تتعدى للمنازل والطرق والبنية التحتية والوفيات والإصابات وجميعها تتم تغطيتها وفق نوعية التأمين ومعاييره وهي موجودة في النظام في المملكة إلا انها متروكة لتنافسية الشركات وخدماتها ومعاييرها واخيرا وعي العميل المؤمّن. وتطرق جاد في حديثه (للمدينة) عن المشكلة التي حدثت في شرق وجنوب جدة قائلا: ان الخسائر في هذه المناطق كبيرة إلا انها ماليًا غير معلومة بسبب عدم وجود جهة مالية تغطي التكاليف التي ترتبت عن الخسائر، نتيجة ان معظم السكان في هذه المناطق غير مؤمنين، وبالتالي سيتكبدون خسائر كبيرة هذا عدا ما سيتكبده الاقتصاد من خسائر كبيرة، وقارن جاد بين المملكة وبالتحديد كارثة جدة وكارثة لندن حيث اكد انهم أصيبوا مثلنا تماما بسيول وأمطار سببت لهم خسائر كبيرة ستتحملها شركات التأمين التي ستصاب بخسائر كبيرة نتيجة تغطيتها لهذه الخسائر. وبالتالي هي واضحة ومقيم حجمها ماليا نتيجة ان النظام لديهم اعطاهم الحق للمطالبة وفق النظام الذي يكاد يكون معدوما لدينا ويعتمد كثيرا على الاجتهادات من قبل أفراد قليلين لا يكادون يذكرون نتيجة انعدام الوعي التأميني لدى الجميع في المملكة وهو ما نجده في التأمين ضد الغير الذي يعد إلزاميا ويطبق في اقل الحدود وبتذمر واضح. واكد جاد أن المملكة وبعد الكوارث التي أصابت عدة مدن نتيجة الأمطار والسيول تحتاج لنقاش ومراجعة للنظام التأميني والجهة المسؤولة عن النظام تتحمل وضع نظام وبث الوعي لدى الجميع وتعد مسؤولة عن هذا الجانب. كما اكد مسؤولية الجميع من وسائل إعلام وجهات حكومية وشركات تأمين عن نشر الوعي لتفادي الخسائر التي تنتج عن مثل هذه الكوارث التي تأتي دون سابق إنذار ومعرفة الأخطاء ومعالجتها بطريقة صحيحة والاستفادة منها مستقبلا والاستعانة بالخبرات غيرنا من الدول الأكبرة خبرة في هذا المجال. وانتقد جاد كافة الجهات ذات العلاقة مشيرا إلى أن الخسائر التي حدثت في مدينة كجدة التي تعد بوابة الحرمين والمملكة وهي تحت انظار العالم كله باعتبارها مدينة اقتصادية وتجارية وبوابة الحجاج للحرمين مما دعا إلى اخذ هذا الأمر من قبل مختلف الوسائل الإعلام العالمية لمختلف الدول التي رأت في ذلك غرابة ، واشار إلى ان الخسائر التي حدثت لا يوجد تقديرات مالية لعدم وجود جهة مسؤولة حيث لا رقابة ولا إشراف ولا قوانين وترتب على هذه الكارثة خسائر معنوية واجتماعية ومالية لن تحل لفترة طويلة بسبب تكلفتها العالية التي تقدر بمليارات الريالات سواء خسائر عامة او خسائر فردية ، والواجب الآن تطوير الحد الأدنى من الحماية التأمينية مستقبلا والحماية بسن الأنظمة والقوانين وتشديد الحماية التأمينية ببث الوعي وفرض الحد الأدنى للتأمين، على المستوى الوطني والاستفادة من ما حدث وتحمل الجميع المسؤولية بما فيها الجهات الحكومية والجهات ذات العلاقة بالتأمين وشركات التأمين ووسائل الإعلام والأفراد دون استثناء اي جهة مستقبلا.