كشفت دراسة تحليلية لأداء صناعة التأمين السعودية صدرت مطلع الاسبوع الحالي عن مركز البحوث بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض عدداً من الصعوبات التي تواجه شركات التأمين في السوق السعودي وتمثلت في الازدواجية بين الجهات الحكومية وعدم إقبال شرائح كبيرة من الأفراد في المجتمع لعملية التأمين، وعدم الشفافية لدى الجهات الحكومية إلى جانب عدم كفاية المهلة المعطاة من مؤسسة النقد لشركات التأمين للموائمة مع النظام الجديد وعدم المصداقية وتحايل الإفراد المؤمن لهم . كما حددت الدراسة إشكاليات بعض الشركات التي تواجهها في السوق تمثلت في صعوبة الحصول على تأشيرات، عدم توفر معاهد لتدريب وتخصيص الشباب السعودي، عدم قبول بعض الجهات لوثائق الشركة اعتماداً على نص قديم في المشروعات الحكومية إلى جانب عدم الوعي الكافي بالدور المهم لوسيط التأمين، وصعوبات ترتبط بتقارير أقسام المرور في الحوادث. كما حددت الشركات بعض الإشكاليات في سوق التأمين بعدم وجود ترخيص نهائي للشركات، وعدم وجود سياسة واضحة لصياغة الأسعار مما يؤدي إلى ظهور شركات ليس لها مصداقية، عدم تأقلم الجهات المنظمة مع معطيات الصناعة وعدم استقرار البيئة القانونية التي يعمل في ظلها القطاع التأميني وغياب الشفافية في المعلومات، إلى جانب هواجس ومخاوف شركات التأمين من التعرض للخسارة، وعدم فهم الأفراد والشركات المؤمن لصالحها لطبيعة وماهية العملية التأمينية وتعثر تطبيق التأمين الطبي الإلزامي . إن حجم التغطية التأمينية في السوق المحلي لا تزال دون المستوى المتوقع والموازي لحجم النشاط الاقتصادي بالمملكة . وأضافت الدراسة بأن حالة من الضعف والفوضى قد أصابت القطاع التأميني الذي لم يتجاوز حجم سوقه الإنتاجي حتى الآن حوالي 2.5مليار ريال، في حين يبلغ الحجم الافتراضي للسوق نحو 10مليار ريال، مما يعني أن هناك جزءاً كبيراً مهدراً أو ضائعاً في هذا السوق . وعزت الدراسة ضعف التغطيات التأمينية في السوق المحلي إلى عزوف فئة رئيسية عن التأمين تتمثل في فئة الأفراد المؤمن لصالحهم بسبب عدم التقدير لمدى أهمية العملية التأمينية ودورها الاقتصادي والاجتماعي إلى جانب الرفض لفكرة التأمين بسبب الوازع الديني والتشكيك في مدى شريعة التأمين والذي لعب الدور الرئيسي في تردد الأفراد والشركات في الإقبال على التأمين . وقالت الدراسة إنه نجم عن هذا التشكيك عدم إقبال رجال الأعمال السعوديين على الأخذ بالعملية التأمينية ولكن أيضاً في عزوفهم عن تأسيس وإقامة المؤسسات التي تقوم بالتأمين أو إعادة التأمين . وأشارت الدراسة أن المنشآت تمثل الفئة الرئيسية في سوق التغطية التأمينية بالمملكة حيث تزايد عدد الشركات من نحو 65شركة في عام 2000م، إلى حوالي 75شركة في عام 2003م، "منها 74شركة أجنبية وشركة واحدة محلية" ثم تقلص هذا العدد بشكل كبير حتى بلغ 15شركة فقط في أكتوبر 2007م . وتوقعت الدراسة أن يصل عدد الشركات في قطاع التأمين إلى 45شركة مع منتصف العام الجاري . واستعرضت الدراسة أنواع التأمين مشيرة أنها تتركز في أنواع تأمينية معينة تتمثل في التأمين العام والذي يختص بالتأمين عن الحوادث الشخصية، التأمين من إصابات العمل التأمين من المسؤولية المهنية ، التأمين من السرقة والسطو ، ومن خيانة الأمانة، التأمين على الأموال التي في الخزينة وأثناء النقل إلى جانب التأمين على المركبات، والبحري، والطيران، التأمين الهندسي بالإضافة إلى التأمين الصحي وتأمين الحماية والادخار، مشيرة إلى الاهتمام بالتأمين على الممتلكات والحوادث، يليه التأمين على المركبات، ثم التأمين الصحي كأكثر أنواع التأمين في القطاع السعودي . وبينت الدراسة أن عدد شركات التأمين العاملة بشكل رسمي لا تزال أقل من العدد المطلوب والمتوقع في سوق يمتلك طاقات تأمينية هائلة، وأنه قد تأخر كثيراً عن مسايرة التطورات الاقتصادية في المملكة . وأكدت الدراسة أن سوق التأمين السعودي يحتل المرتبة الثانية في العالم العربي، حيث وصل إجمالي الأقساط التي حصلها سوق التأمين 994مليون دولار في عام 2003م، حسب إحصاءات المجموعة العربية للتأمين مشيرة أن هذا الرقم لا يزال صغيراً نسبياً بالمقارنة بالمعايير الدولية . ورصدت الدراسة مقترحات شركات التأمين لتحسين صناعة التأمين المحلية وتمثلت في ضرورة تفعيل دور الجهات الرقابية في ضبط المنافسة بين الشركات ، وإنشاء قواعد معلومات خاصة بالصناعة التأمينية وربطها ببيانات الجهات المعنية وتفعيل دور المحاكم ولجان فض المنازعات فضلاً عن اقتراح إنشاء أجهزة متخصصة لتسوية قضايا التأمين وتنفيذ برامج وخطط فعالة لرفع الوعي التأميني في المجتمع وتطوير البيئة التشريعية لقطاع التأمين وإنشاء معاهد تدريب متخصصة للحصول على كوادر بشرية مؤهلة، فرض التأمين الإلزامي في أنشطة أخرى تشكل أهمية في المجتمع مثل التأمين على الحريق وأخطار المهن وغيرها وتوحيد الأسعار والأقساط بين شركات التأمين وتأسيس قنوات رسمية للتعاون بين شركات التأمين للحد من عمليات الاحتيال والتلاعب بوثائق التأمين . ودعت مقترحات شركات التأمين إلى ضرورة تسهيل الحصول على تأشيرات عمل وعدم التسرع في طرح نسب مرتفعة من السعودة في التأمين وزيادة حدود الشفافية من قبل جميع الأطراف في الصناعة وتوحيد الإجراءات ووضوحها وسهولتها والعمل على إعادة تفعيل دور التحاكم ووضع قوانين وأنظمة لمعاقبة المتحايلين والمزورين في تعويضات التأمين . وأوصت الدراسة بالإسراع من الانتهاء من كافة خطوات ترخيص الشركات الجديدة حتى يأخذ السوق مساره الاستقراري الطبيعي خلال فترة وجيزة وتعزيز سبل الترويج للتأمين التعاوني كنشاط تأميني يتسق مع الشريعة الإسلامية واستمرار النظر في بنود النظام الجديد للتأمين وإتاحة الفرص لمراجعته أو تعديله بشكل دائم ومستقر لتحسين أدائه وجودته في البيئة المحلية بالإضافة إلى البحث عن السبل المناسبة لتعزيز مساهمة بعض أنواع التأمين كوسيلة رئيسية لتشجيع الادخار المحلي للأفراد والشركات . وقالت الدراسة التي هدفت إلى تحليل كافة الجوانب المرتبطة بصناعة التأمين السعودية للتعرف على مدى استقرارها وتقييم مدى قيامها بأداء الدور المنوط بها في التنمية الاقتصادية أن صناعة التأمين في المملكة تعاني منذ نشأتها من الاضطراب وعدم الاستقرار نتيجة عدم التنظيم المبكر لها الأمر الذي نجم عنه خروج وانسحاب عدد من الشركات التأمينية وضياع كثير من حقوق ومستحقات الأفراد والشركات . وقالت الدراسة إن سوق صناعة التأمين قد مرت بمرحلتين رئيسيتين هما مرحلة المسار العشوائي للصناعة أو مرحلة التأمين بدون تنظيمات واضحة ثم مرحلة التنظيم القانوني للصناعة واعتبرت الدراسة عام 1424ه هو التاريخ الفيصل بين هاتين المرحلتين، حيث أنه يمثل نقطة التحول الرئيسية في تنظيم الصناعة عقب صدور نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني والذي يعد النظام القانوني الأول الذي أعطى الصناعة بعداً تنظيمياً واضحاً وصريحاً .