على رغم الرفض الواسع لتفعيل قانون الطوارئ في مصر، إلا أن الحضور في تظاهرات جمعة «لا للطوارئ» كان ضعيفاً ومتواضعاً، إذ أثر غياب القوى الإسلامية، فضلاً عن قوى وائتلافات شبابية رئيسية، في مقدمها حركة «شباب 6 أبريل» في حجم الحضور في هذه التظاهرات التي دعا إليها عدد من القوى السياسية والائتلافات الشبابية لرفض تفعيل قانون الطوارئ، الذي لجأ إليه المجلس العسكري عقب أعمال العنف التي اندلعت الجمعة الماضية بعد انتهاء فعاليات تظاهرات «جمعة تصحيح المسار». وشارك نحو ألفي مواطن في التظاهرات في ميدان التحرير أمس، فيما شارك مئات آخرون في التظاهرات في ميادين عدة في المحافظات. وكانت غالبية القوى السياسية والشخصيات العامة أعربت عن رفضها تفعيل قانون الطوارئ الذي كانت الحكومة وعدت بإلغائه عقب إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة التي لم يتحدد موعد لها، فضلاً عن أن 7 من المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية قرروا التنسيق في ما بينهم من أجل وضع خريطة طريق لعرضها على المجلس العسكري، تتضمن الإسراع في نقل السلطة للمدنيين، ورفضوا جميعاً تفعيل الطوارئ. وعلى رغم أن نبرة انتقاد المجلس العسكري زادت حدتها حتى من قبل حركات وشخصيات ظلت متحفظة في رفض سياسات المجلس، إلا أن ضعف الحضور كان السمة الأبرز لتظاهرات امس التي شهدت بدورها انتقادات حادة للمجلس العسكري. وللمرة الأولى يتم تسيير حركة المرور في ميدان التحرير على رغم التظاهر فيه نظراً لقلة أعداد المتظاهرين، إذ لم يغلق الميدان تماماً وسمح بعبوره من جوانب عدة. ودعا وكيل نقابة المحامين في محافظة بورسعيد عضو ائتلاف الثورة جمعة محمد إلى إلغاء تفعيل قانون الطوارئ ووقف المحاكمات العسكرية للمدنيين، مشيراً إلى أن قانون الطوارئ لا يفرق بين البلطجي أو المجرم وبين المواطن الصالح. وأكد محمد، خلال خطبة الجمعة التي ألقاها أمس في ميدان التحرير، أن تفعيل قانون الطوارئ يتنافى بشكل كلي مع مطالب الثورة. وطالب بضرورة تسليم السلطة إلى إدارة مدنية ووضع جدول زمني لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية. وخلا ميدان التحرير تماماً من قوات الأمن والجيش كما غابت لجان تأمين الميدان التي دأب المتظاهرون على تشكيلها. ولوحظ ندرة اللافتات التي رفعها المتظاهرون، فيما اختفت تماماً اللافتات الكبيرة التي ظلت تحيط بالميدان في التظاهرات المماثلة. وأدى المشاركون في صلاة الغائب على أرواح شهداء ثورة 25 كانون الثاني (يناير) وشهداء الثورات العربية. وردد المتظاهرون هتافات مناوئة للمجلس العسكري وحكومة رئيس الوزراء عصام شرف، كما رددوا هتافات لرفض قانون الطوارئ منها «لا للطوارئ» و»واحد اثنين، الثورة راحت فين» و»لا للمحاكمات العسكرية». ونظم العشرات من الجبهة السلفية مسيرة في ميدان التحرير نددوا فيها بتفعيل قانون الطوارئ ووزعوا بياناً أكدوا فيه أن هناك من يقوم بإدارة الفوضى والعبث وإثارة الفتنة بين القوى الوطنية والسياسية ليحول الرغبة الشعبية من إرادة التغيير إلى طلب الاستقرار، ما يعني إنهاء الحالة الثورية. واستنكرت الجبهة مهاجمة السفارة السعودية في القاهرة والاعتداء غير المبرر على مديرية أمن الجيزة، وإحراق مبنى الأدلة الجنائية في وزارة الداخلية، مؤكدة براءة ثوار مصر الأحرار من القيام بهذه الأعمال. ودعت إلى الإسراع في إجراء الانتخابات لإرساء دولة المؤسسات. وقال المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية عمرو موسى إن هدف الشعب المصري إقامة دولة مدنية ديموقراطية، متهماً البعض بالعمل على انحراف الثورة عن مسارها، وإدخال مصر في حلقة مفرغة من الفوضى تحول دون انطلاقها ونهضتها. وأضاف موسى، على صفحته الخاصة في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إن «الثورة المصرية حقيقية أطلقها وقادها الشعب ضد الظلم والفقر والجهل والفساد والتوريث، والنظام السابق لم يكن رئاسياً بل ديكتاتورياً، والرئيس السابق تعامل مع الشعب المصري باعتباره عبئاً وحملاً يضاق به، بينما أراه أهم مصادر قوة مصر وريادتها». وفي الإسكندرية، وقعت مشادات واشتباكات محدودة بين أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين وأنصار أحزاب وقوى سياسية أخرى بعد رفض أعضاء الجماعة ترديد بعض الشعارات. وينظر القضاء الإداري اليوم في دعوى تطالب بإلغاء قرار تفعيل قانون الطوارئ. من ناحية أخرى، تسلم النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود أمس من القضاء العسكري ملف التحقيقات التي أجرتها النيابة العسكرية في شأن وقائع الاعتداء على السفارة الإسرائيلية ومديرية أمن الجيزة. ومن المقرر أن تقوم نيابة أمن الدولة العليا بإشراف المحامي العام الأول للنيابة المستشار هشام بدوي بدراسة ملف القضية واستكمال إجراءات التحقيق وإعداد القضية للتصرف خلال الأيام المقبلة تمهيداً لإحالتها إلى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ. كما قرر النائب العام ضم البلاغ المقدم من السفير السعودي في القاهرة أحمد عبدالعزيز قطان في شأن الاعتداء على مقر السفارة السعودية في تلك الأحداث إلى القضية.