حض صندوق النقد الدولي الدول المانحة المشاركة في أعمال الاجتماع السنوي الذي تعقده «لجنة تنسيق المساعدات للفلسطينيين» في نيويورك الأحد المقبل على العمل بصفة عاجلة لسد عجز مالي خطير تعانيه السلطة الفلسطينية في العام الجاري محذراً من أن التراجع الخطير في المساعدات الدولية يهدد الاقتصاد الفلسطيني والجهود التي تبذلها السلطة الوطنية لبناء مؤسسات الدولة المستقلة وبنيتها التحتية. لكن خبراء صندوق النقد الذين قدروا حجم العجز المالي المتوقع للعام الحالي بنحو 300 مليون دولار حضوا السلطة الفلسطينية كذلك، في تقرير يرفع إلى الاجتماع التنسيقي المقرر أن تحضره الدول ال 16 الأعضاء في اللجنة برئاسة النرويج إضافة إلى كبار المانحين ومسؤولي مؤسسات الإغاثة، على تطبيق برنامج تقشفي صارم للتغلب على ما تعانيه من أزمة في السيولة. وجدد الصندوق ما أعلنه في نيسان (أبريل) الماضي من أن خبراءه «يعتبرون أن السلطة الفلسطينية باتت الآن تملك الكفاءة المطلوبة لانتهاج السياسات الاقتصادية السليمة المتوقعة من دولة فلسطينية مستقبلية حسنة الأداء لما لها من سجل متين في الإصلاح وبناء المؤسسات على صعيد المالية العامة والمجالات المالية الأخرى». وشدد الصندوق في تقريره الذي نشره الأربعاء على أن «الجاهزية المؤسسية التي اكتسبتها السلطة الفلسطينية تؤهلها لمعالجة مصاعبها المالية الراهنة والمضي قدماً في مسار الإصلاح الهيكلي» مبرزاً نجاح السلطات المالية الفلسطينية في خفض بند الإنفاق الثابت في موازناتها المالية من 1.8 بليون دولار في 2008 إلى 1.1 بليون دولار في العام الماضي بفضل ترشيد الإنفاق والارتقاء بجودته. ولفت صندوق النقد والبنك الدولي اللذان يشاركان في اجتماع المانحين إلى جانب الأممالمتحدة إلى تزايد المخاطر التي يواجهها الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة ليس من جراء العجز المالي الناجم عن تراجع المساعدات فحسب بل بسبب ما وصفه الصندوق «تباطؤ مسار تسهيل القيود الإسرائيلية في الشهور الأخيرة». وكان البنك الدولي أكثر جرأة في توصيف وضع الاقتصاد الفلسطيني إذ عزا في تقريره لاجتماع المانحين الأسبوع الماضي تزايد المخاطر إلى تعرض القطاع الخاص الفلسطيني إلى ضغوط اقتصادية مثبطة ناجمة بشكل رئيس عن القيود الإسرائيلية المفروضة على استغلال الثروات الطبيعية الفلسطينية والنفاذ إلى الأسواق إضافة إلى ارتفاع كلفة ممارسة الأعمال جراء سياسة الإغلاق. وأوضح البنك أن القيود الإسرائيلية عمقت أثر تراجع المساعدات الدولية على الاقتصاد الفلسطيني مشيراً إلى أن وتيرة النمو الحقيقي للناتج المحلي الفلسطيني التي تسارعت بقوة في العامين الماضيين 2009 و2010 كان من المتوقع أن تصل إلى 9 في المئة في السنة الحالية لكنها عدلت الآن هبوطاً إلى 7 في المئة. وفي غزة ساهم تخفيف بعض القيود المفروضة على الواردات العامة اعتباراً من منتصف 2010 في ارتفاع نسبة نمو الناتج المحلي إلى 28 في المئة في النصف الأول من 2011 وكذلك في تراجع معدل البطالة أيضاً إلى 28 في المئة منخفضاً من 37 في المئة في 2010 وإن كان الصندوق نبه إلى أن وتيرة الانتعاش القوية هذه مهددة بأن «تخبو» ما لم يصر إلى تخفيف القيود المفروضة على الواردات الاستثمارية للقطاع الخاص.