كانبيرا، برلين - رويترز - علّقت فرنسا أمس مستقبل الاتحاد الأوروبي على مصير اليورو، معلنة أن الاتحاد الاقتصادي والسياسي في قلب أوروبا سيكون في خطر إذا سمح لأزمات الديون السيادية في المنطقة بأن تقضي على العملة الموحدة. وأعطى وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه تقويماًَ واضحاً لتداعيات انهيار اليورو، وأبلغ صحافيين خلال زيارة إلى استراليا، أن فرنسا وألمانيا، العضوين الرئيسين في الاتحاد الأوروبي، ملتزمتان بمنع ذلك. وقال جوبيه: «لا يمكن للعملة الموحدة أن تؤدي دورها ما لم تكن هناك قوة اقتصادية وحكومة أوروبية كما في دول منطقة اليورو». وتكافح فرنسا وألمانيا لتشكيل جبهة موحدة لدعم الثقة في تكتل اليورو الذي يضم 17 دولة، بسبب الضجر الشعبي المتزايد في كل منهما من مساعدة الدول الأعضاء الأضعف، وخصوصاً اليونان. وأوضح جوبيه أن على اليونان المثقلة بالديون الوفاء بالتزاماتها بوضع مالياتها العامة على مسار مستدام من أجل الاستفادة من أحدث حزمة إنقاذ من منطقة اليورو وقيمتها 109 بلايين يورو (150 بليون دولار). وأضاف: «ارتكبت اليونان بعض الأخطاء، وعليها تصحيحها واحترام الالتزامات التي أعلنتها». ويرى اقتصاديون أن على اليونان التخلي عن اليورو كي تحظى بمزيد من السيطرة على اقتصادها المترنّح، لكن جوبيه شدّد على ضرورة عدم السماح بانهيار اليورو، وقال: «فرنسا وألمانيا متفقتان على هذا الهدف، ودول منطقة اليورو السبعة عشر تؤيد ذلك، على رغم مخالفة بعض الدول خارج منطقة اليورو لهذا الرأي، سنتمكن من المضي في ذلك». وأشار إلى أن صعود اليوان، المقوّم بأقل من قيمته حالياً، من شأنه أن يساعد على إنعاش منطقة اليورو، لافتاً إلى أنه سيناقش هذا الأمر في بكين، التي من المقرّر أن يزورها في طريق عودته إلى فرنسا. وأكد أن مستوى اليوان، الذي يؤدي إلى اختلالات في الاقتصاد العالمي، سيكون موضوعاً رئيساً على جدول أعمال قمة مجموعة العشرين في فرنسا في تشرين الثاني (نوفمبر). وسمحت بكين لعملتها بالصعود 2.6 في المئة منذ ألغت في حزيران (يونيو) 2010 ربطها بالدولار، الذي استمر 23 شهراً، ما أدى إلى تسارع وتيرة الصعود في الأسابيع الأخيرة مع تزايد الضغط، لكن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي يريدان صعوداً أسرع، في الوقت الذي تواجه الإدارة الأميركية موعداً نهائياً نهاية هذا الأسبوع لتقرّر إن كانت ستتهم الصين رسمياً بالتلاعب في العملة. وربط جوبيه -في ما يبدو- النموذجَ الاقتصادي للصين الذي يعتمد على الصادرات، بالديون المتراكمة على الدول الأوروبية، وقال: «نعتقد المشكلة اليوم ليست مشكلة خاصة بأوروبا أو الولاياتالمتحدة، بل مشكلة عالمية، لذا علينا أن نحاول إعادة التوازن إلى الوضع الاقتصادي في العالم». وأضاف: «اختارت الصين نموذج تنمية يركز على الصادرات، وهو أمر يمكننا جميعاً أن نتعلم منه، وكان مفيداً لنا، إذ كنا نشتري السلع الاستهلاكية بأسعار جيدة جداً، لكننا لم نفكر في تأثيره على قدراتنا التنافسية، لقد تراكمت علينا ديون كبيرة، وخصوصاً للصين، ولذلك لا يمكن استمرار هذا النظام الموجود حالياً على المدى البعيد». إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الألماني السابق يوشكا فيشر، أن اليورو قد ينهار نتيجة أزمة الديون، معزّزاً المخاوف المتزايدة في أكبر اقتصاد أوروبي حول مستقبل منطقة اليورو. وقال فيشر لصحيفة «بيلد أم زونتاج»: «الموقف في أوروبا خطر جداً، حتى الآن لا أرى انهياراً لليورو، لكنه سينهار إذا استمرت الأمور على هذا الحال، ويجب أن يعي الألمان التداعيات السياسية والاقتصادية والمالية لانهيار اليورو، لم يعد من الممكن السيطرة على مثل هذه العملية». وأكد دعمه لإصدار أدوات ديون مشتركة لمنطقة اليورو، وهي فكرة رفضتها المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، في حين تنسجم تصريحاته مع الشعور السائد بين الشعب الألماني، الذي يشعر بقلق متزايد من أزمة الديون، ونفد صبره من أثينا. وأظهر استطلاع أن 76 في المئة من الألمان يعارضون منح أي مساعدات مالية إضافية لليونان المثقلة بالديون.