كانت الأمور تسير على أفضل حال، محاربو الصحراء متقدمون بهدف قبل النهاية بنحو ثلث ساعة، هذه لعبة الجزائر، فهي لا تخسر عندما تتقدم، بل لا تستقبل شباكها الكثير من الأهداف، فالآمال بتحقيق أول انتصار لممثل العرب الوحيد في المونديال البرازيلي ستتحول إلى حقيقة بعد دقائق، بتحقيق أول انتصار لها منذ 1986، بل هي فعلاً نجحت في تسجيل أول هدف لها في المونديال منذ 28 عاماً، علماً بأنها شاركت في مونديال واحد بعد 1986، عندما فشلت في تسجيل أي هدف في مونديال 2010، إذاً المؤشرات تبدو إيجابية، إلا أن حلت الدقيقة 65. نعتوه ب«الحصان الأسود»، أو المعني منه «الحصان الغامض»، غير المعروف ماذا سينتج منه.. هذا هو المنتخب البلجيكي الذي يشارك للمرة الأولى في نهائيات كأس العالم منذ 2002، لكنها لن تكون أية مشاركة، لأنه يحوي نجوماً من العيار الثقيل.. نجوماً جاءوا كثمرة من عمل الاتحاد البلجيكي الذي زرع أكاديميات في كل مقاطعات البلاد قبل 14 عاماً، كي يعيد ذكريات المنتخب خلال عقدي السبعينات والثمانينات، فكانت النتيجة مجموعة من المواهب ذات عرقيات وخلفيات متنوعة ومختلفة، كثير منهم من أبناء المهاجرين، كقائد المنتخب فينسنت كومباني الذي ينحدر من أصول كونغولية، ومثله المهاجم روميلو لوكاكو، ومعه مغربيا الأصل مروان فيلايني وناصر شاذلي، فيما ينحدر والد موسى ديمبيلي من مالي، والصاعد عدنان يانوزاي الذي فضل تمثيل بلجيكا على إنكلترا بلده بالإقامة، وكوسوفو وألبانيا حيث ينحدر والداه. ولم تتصاعد أسهم المنتخب البلجيكي فقط بفضل أبناء المهاجرين، لكن لوجود مواهب عدة من أبناء البلد الأصليين، أمثال إيدين هازارد (تشلسي)، ومارتنز (نابولي)، وفيرتونخن (توتنهام)، وفيتسيل (زينيت)، والحارس كورتوا (أتلتيكو مدريد معار من تشلسي)، وجميعهم من خامة النجوم الواعدين والمؤثرين جداً في فرقهم. ولهذا السبب كان تقدم الجزائريين مثيراً، بل كانت فكرة الخروج بتعادل من أبرز المرشحين لتصدر المجموعة الثامنة يعد نقطة إيجابية ثمينة، لكن بحلول تلك الدقيقة 65 وقف رجل شرق أوسطى على خط التماس، يميزه شعره الكث والكثيف ينتظر دوره في المشاركة، دخل المغربي الأصل مروان فيلايني ليقلب الأمور رأساً على عقب، ليعطي البلجيك بعداً جداً كان مفقوداً، وهو القوة الجسمانية في الوسط والهجوم، حتى جاءت الدقيقة (70) ليعادل بها النتيجة برأسية رائعة، وكأنها طعنة في صدور أبناء عمومته، لتظل نتيجة (1-1) مقبولة لمحاربي الصحراء، لكن ليس قبل أن يسجل مارتنز هدف التقدم قبل النهاية بعشر دقائق، عندما حلم العرب بنقطة لدقائق طويلة ظنوا أنها كانت مضمونة، ليخرج الجزائريون مرفوعي الرأس بعد مواجهة أقوى فرق المجموعة، على أمل خطف ما يكفي من النقاط أمام الروس والكوريين للتأهل إلى الدور الثاني.