ناشدت مقيمة عربية في العقد الثالث من عمرها أمير منطقة حائل سعود بن عبدالمحسن، وهيئة حقوق الإنسان إنصافها من عنف طليقها «سعودي الجنسية» وأولاده وظلمهم، بعد حرمانها من رؤية ابنتها، والاستيلاء على مقتنياتها الشخصية، وإيداعها دار إيواء الخادمات في مدينة حائل منذ أكثر من 65 يوماً، في الوقت الذي صدر حكم لمصلحتها عن محكمة حائل العامة بإلزام طليقها توفير سكن مناسب ومستقل لها ولطفلتها داخل منزله. وكشفت الزوجة الضحية من «جنسية مغربية» (فضلت عدم الكشف عن اسمها) عن تجرعها الظلم والاضطهاد وسوء المعاملة من طليقها وأبنائه، إذ كان طليقها يقسو عليها ويصطحبها إلى مزرعته الخاصة لتقوم بمهمات عامل المزرعة، إضافة إلى قيامه بسحب هاتفها الجوال وجواز سفرها وبطاقتها المغربية، وصك الطلاق وصك الحضانة وصور شخصية وكاميرا، وتعرضها للضرب المبرح الذي أدخلت على إثره مستشفى الملك خالد العام على يد طليقها، مضطرة لطلب فسخ عقد النكاح في المحكمة قبل نحو 10 أشهر. وأشارت إلى أن مديرة الإيواء الأسري بفرع هيئة حقوق الإنسان في منطقة حائل (تحتفظ الحياة باسمها)، تابعت حالتها بعد دخولها دار إيواء الخادمات، إلا أنها فوجئت بتبليغها إغلاق ملف قضيتها لأسباب مجهولة، مبيّنة أنها لا تستبعد الضغط على الطبيب المعالج لها في مستشفى الملك خالد في مدينة حائل لخفض مدة الشفاء المحددة لها بالتقرير الطبي من ثلاثة أسابيع إلى أقل من 15 يوماً. وأكدت أن ابن طليقها الذي كان يضربها يعمل في المستشفى ذاته، وسبق لها أن طلبت رفع خطاب إلى إمارة منطقة حائل، إلا أنها لم تتمكن من إيصاله إلى أمير حائل، وقالت: «لم يتم إبلاغي بمواعيد الجلسات عند القاضي في محكمة حائل في شأن قضيتي إلا بعد فوات بعض الجلسات، كما تم منعي من الدخول على رئيس المحكمة الذي طلبني، كما أن مركز إيواء الخادمات لم يهيئ جهاز الفاكس لاستقبال الفاكسات التي ترد من أقاربي بحجة أن الفاكس متعطل، على رغم أنه يعمل في غير حالتي»، وتابعت: «تعرضت للضرب من اثنين من أبنائه، إلا أن هيئة حقوق الإنسان في حائل طلبوا مني عدم ذكر اسم أحد الأبناء في شكواي لسبب أجهله حتى الآن». وأكدت أن أحد أعضاء هيئة حقوق الإنسان اتصل بها وأفادها بأنه بعد صدور حكم المحكمة تم إحالة القضية إلى وحدة الحماية الأسرية التابعة لفرع وزارة الشؤون الاجتماعية في المنطقة. وأفادت بحضور أحد أبناء طليقها إلى دار إيواء الخادمات، والذي أبلغها أن والده أصدر لها تأشيرة خروج نهائي لمغادرة السعودية، متسائلة: «كيف يتم تسفيري خارج البلد، وأحرم من رؤية ابنتي، خصوصاً وأن لدي قضية لم تنتهِ بعد؟ وكيف يتم إيداعي بدار الخادمات وأنا قدمت للسعودية بتأشيرة زوجة». من جهته، أوضح مصدر في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أنه يتوجب على الجهات التنفيذية المعنية القيام بواجبها تجاه مثل هذه الحالات، وتقدير ظروفها التي تختلف عن ظروف السعوديات، مشدداً على ضرورة تنفيذ الأحكام القضائية التي تصدر لمصلحة المعنفات في أسرع وقت. بدوره، أكد المحامي الموكل إليه الدفاع عن المقيمة من السفارة المغربية المستشار القانوني فهد الحمد أن الدولة كفلت الحقوق المادية والمعنوية والاعتبارية للمواطنين والمقيمين على حد سواء من خلال أجهزتها وهيئاتها ومؤسساتها، مشيراً إلى أنه لم تعزل أحداً عن مطالبه المستحقة، لافتاً إلى أن بعض الحالات الخاصة بالعنف الأسري تجاه الوافدات تتطلّب مراعاة الخصوصية فيها وما يترتب عليها من توسّع في القضايا. وقال في حديث إلى «الحياة»: «عدم اتخاذ الإجراءات الصحيحة من الجهات ذات العلاقة، أدى إلى أن تُعامل معاملة الهاربات والموقوفات وليس كصاحبة حق». بدوره، أكد المحامي طلال الحربي، أن عدم توافر المستندات التي تثبت هوية المعنفة، يؤدي إلى الكثير من الأمور السلبية، مستشهداً بحالة المعنّفة التي اضطرت للإقامة في دار الإيواء، مبيّناً أن لها حق رفض العودة إلى بلادها طالما أنه سيتم حرمانها من ابنتها. وحاولت «الحياة» التواصل مع المدير العام لفرع وزارة الشؤون الاجتماعية في منطقة حائل سالم السبهان للاستفسار عن القضية، لكنه لم يجب على الاتصالات المتكررة. في حين كشف أحد العاملين في دار إيواء الخادمات بمنطقة حائل (طلب عدم الكشف عن اسمه) أن القنصل المغربي أوكل المحامي السعودي فهد الحمد للترافع في قضية المقيمة المغربية، مؤكداً أن المحامي قابل إدارة الدار والتقى المقيمة أول من أمس. وأوضح المصدر أن إدارة الدار رفضت في البداية طلب فرع هيئة حقوق الإنسان بالمنطقة بإيداع المقيمة داخل الدار، خصوصاً وأن المقيمة قدمت للسعودية على تأشيرة زوجة، والدار مخصصة للعاملات المنزليات، مضيفاً أن الدار وافقت في النهاية شريطة أن تكون إقامتها «موقتة» لحين تنفيذ حكم المحكمة وتأمين مأوى لها ولطفلتها. السفير المغربي: كلفنا محامياً ونثق بالقضاء السعودي أكد السفير المغربي لدى السعودية عبدالسلام بركة أن سفارته كلفت محامياً متخصصاً لمتابعة قضية الزوجة المغربية المعنفة من طليقها، وأُودعت في دار إيواء الخادمات في منطقة حائل، ونحن نثق في القضاء والعدل السعودي. وأوضح بركة في تصريح إلى «الحياة» أن القضية تتابعها المصالح القنصلية لدى السفارة، والموضوع متابع عن كثب، وأن السفارة تتابع وترصد جميع قضايا المقيمين المغاربة في السعودية، مبيناً أنه جرى توجيه محامٍ من السفارة إلى مكان القضية، مشيراً إلى أن السفارة المغربية لديها كامل الثقة في القضاء والعدل السعوديين.