دمشق، موسكو، الرياض، لندن - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - قُتل ثمانية مدنيين أمس بنيران قوات الأمن في سورية حيث شهدت مدن عدة تظاهرات حاشدة في إطار «جمعة الحماية الدولية» التي دعت إليها المعارضة للمطالبة بنشر مراقبين دوليين لحماية المدنيين. وحذرت روسيا من «تكرار السيناريو الليبي»، فيما طالبت إيران «منظمة التعاون الإسلامي» بطرح مبادرة لتسوية الأزمة سياسياً. وأعلنت السعودية تسريع وتيرة إجلاء رعاياها في سورية. وأكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن شاباً قتل في مدينة دير الزور شرقي البلاد، كما قتل شخص آخر في حمص وفتى في قرية الرامة في منطقة جبل الزاوية شمال غربي سورية، ورجل في قرية خطاب التابعة لمحافظة حماة «خلال ملاحقة مطلوبين». وقُتل شخصان آخران كانت قوات الأمن اعتقلتهما الخميس لدى اقتحامها قرية إبلين في جبل الزاوية، أحدهما هو الشقيق السبعيني لحسين هرموش أحد ابرز الضباط الذين انشقوا عن الجيش. وخرجت تظاهرات في مدن عدة للمطالبة بالحماية الدولية لمواجهة آلة قمع النظام، للمرة الاولى منذ بدء الاحتجاجات في منتصف آذار (مارس) الماضي ضد الرئيس بشار الأسد. وكرر ناشطون رفضهم اي تدخل عسكري خارجي على غرار ما حصل في ليبيا، منددين في الوقت نفسه «بالصمت» الدولي حيال القمع الدامي لتحركهم. وانطلقت «تظاهرات حاشدة من مدن سراقب وسرمين وبنش وتفتناز وجرجناز وخان شيخون ومعرة النعمان في ريف ادلب شارك فيها عشرات الآلاف رغم الحملات الأمنية المستمرة في المحافظة»، فيما «هتف أكثر من 20 ألف متظاهر لإسقاط النظام في حي دير بعلبة» في حمص، حيث لم يمنع وصول التعزيزات الأمنية طوال الليل التظاهرات من الخروج في أحياء عدة من المدينة التي تشهد منذ أسابيع عمليات أمنية دامية قتل فيها عشرات المدنيين. وجُرح 6 أشخاص إثر إطلاق الأمن النار لتفريق تظاهرة في حي الخالدية في حمص. وأظهر شريط مصور على موقع «يوتيوب» متظاهرين في حمص يهتفون: «الجيش خائن، تحيا سورية حرة». وهتف آخرون في حماة: «نريد حماية دولية»، ورفعوا لافتات تقول: «انتهت اللعبة يا بشار»، و «الشعب يريد إعدام الرئيس». وأفاد المرصد أن تظاهرات حاشدة انطلقت بعد صلاة الجمعة من مساجد دير الزور رغم انتشار كثيف لقوى الأمن، كما خرجت تظاهرة أقل حجماً في حي برزة في دمشق رفعت أيضاً هتافات تطالب بالحماية الدولية وإسقاط النظام وتدعم حمص. وتظاهر آخرون في أحياء الحجر الاسود وكفرسوسة والميدان في العاصمة. سياسياً، حذر المبعوث الرئاسي الروسي ميخائيل مارغيلوف من «الانزلاق نحو تكرار السيناريو الليبي» في سورية، مشدداً على ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية. وقال بعد محادثات في موسكو أمس مع وفد من المعارضة السورية إن «الصديق الوحيد لروسيا هو الشعب السوري، وهو صاحب الحق في تقرير ما يراه مناسباً، وعليه أن يجد حلولاً للأزمة من دون تدخل خارجي». وأعرب عن استعداد بلادع «لمد يد العون لحض طرفي الأزمة على تحريك العملية السياسية». ولفت إلى أن المحادثات مع الوفد تطرقت إلى «ضرورة عدم السماح بانزلاق الوضع وتكرار السيناريو الليبي»، مشيرا إلى «اتفاق وجهات النظر في هذا الموضوع». وقال إن مجلس الفيديرالية (الشيوخ) الروسي يدرس إرسال وفد من أعضائه إلى سورية «لجمع معلومات ميدانية وزيارة النقاط الساخنة»، مشيراً إلى أن الفكرة «لقيت ترحيب ممثلي المعارضة السورية، وسأناقشها مع المبعوثة الحكومية الاثنين وأرجو أن تحظى أيضا بترحيب وموافقة دمشق»، في اشارة إلى لقائه المنتظر مع مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان التي تبدأ غدا زيارة إلى موسكو. لكن رئيس وفد المعارضة رئيس «المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان» عمار القربي طالب روسيا بموقف «أكثر إيجابية». وقال ل «الحياة» إن الوفد طرح على الجانب الروسي «أفكاراً تجري بلورتها حالياً من أجل الخروج بخريطة طريق تنظم المرحلة الانتقالية». وأعرب عن أمله في أن تلعب روسيا دورا في بلورة الخطة وصوغها. ودعا موسكو إلى «عدم الوقوع في الخطأ ذاته الذي حصل في ليبيا» عندما كانت آخر المعترفين بالمجلس الانتقالي. وأضاف: «هم على الأقل أوضحوا أنهم لا يتبنون وجهة نظر النظام وأنهم ملتزمون ما يقرره الشعب... للأسف أحرقت أعلام روسية في مدن سورية، ما يعد مؤشراً مهماً إلى ضرورة اجراء مراجعة، لأن الشعب السوري بطبيعته صديق لروسيا». ورأى أن «على روسيا ان تلعب دورا اكثر ايجابية في تسوية الوضع الداخلي في سورية»، معرباً عن أسفه لأن «الموقف الروسي يتغير ببطء أكثر مما كان متوقعاً». وتزامنت زيارة وفد المعارضة السورية لموسكو مع تصريحات للرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف اتهم فيها بعض المشاركين في الاحتجاجات ضد الأسد بأنهم «إرهابيون». وقال في مقابلة مع تلفزيون «يورونيوز»: «نحن مستعدون لمساندة خطوات مختلفة، لكنها يجب ألا تقوم على إدانات منحازة لأفعال الحكومة والرئيس الأسد... يجب أن ترسل إشارة قاطعة إلى كل الأطراف المتصارعة مؤداها أنه يجب عليهم أن يجلسوا إلى مائدة التفاوض وان يتفقوا وأن يوقفوا إراقة الدماء». من جهته، دعا الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى حل الأزمة السورية من خلال «منظمة التعاون الاسلامي» التي طالبها عقد اجتماع طارئ والتقدم بمبادرة سياسية عبر تشكيل لجنة خاصة للذهاب إلى سورية وإجراء «مصالحة وطنية». وقال خلال لقاء مساء أول من أمس مع وفد من جمعية الصحافيين الكويتية، إنه يملك «معلومات موثقة عن تورط بعض الجهات» التي لم يسمها «في نقل السلاح إلى داخل سورية». وأعرب عن ثقته بإمكان حل الأزمة «عبر الحوار والتعاون والتنسيق لأن العنف لا يولد إلا العنف». وأشار إلى «ضرورة التعاون بين دول المنطقة لتحقيق مصالح الشعوب بعيداً من التدخل الأجنبي». وأضاف أن «الشعب والحكومة في سورية مسلمون، وعلى الأمم الإسلامية الالتزام بتفهم جماعي من أجل المساعدة على حل المشكلة والقيام بإصلاحات». في غضون ذلك، أجلت السفارة السعودية في دمشق نحو 3500 أسرة سعودية «معلقة» (لم تحصل على موافقات الزواج من وزارة الداخلية)، فيما تبقى 1000 أسرة أخرى سترحل إلى المملكة قريباً. وقال القائم بأعمال السفارة السعودية لدى دمشق فواز الشعلان إن أمراً ملكياً صدر قبل أيام بتسهيل وسرعة إنهاء إجراءات أسر السعوديين المقيمة في سورية، خصوصاً من لا يحملون موافقات زواج ولديهم أبناء يقيمون في سورية إقامة دائمة مع أمهاتهم. وأكد ل «الحياة» أن الأمر الملكي ينص على «إعادتهم إلى السعودية في أسرع وقت ممكن، والتكفل بمصاريف سفرهم». وأضاف: «حتى اللحظة تم إجلاء نحو 3500 أسرة سعودية». ولفت إلى أن معظم الطلاب السعوديين الذين يدرسون في سورية، وعددهم 100 طالب، نقلوا إلى جامعات سعودية.