بكت نداء (16 سنة) بمرارة عندما طلبت منها معلمة في مدرستها الثانوية التي التحقت بها للمرة الأولى قبل أيام قليلة، أن تتوجه الى مكتب مديرة المدرسة. إنه اليوم الأول لها في الأول الثانوي (العاشر) في مدرستها التي انتقلت إليها بعدما أنهت دراستها الإعدادية في مدرسة تابعة ل «وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (أونروا) في مدينة غزة. قالت نداء ل «الحياة»: «كانت صدمة بالنسبة الي أن تطردني المعلمة من غرفة الصف وتطلب مني التوجه الى إدارة المدرسة». شعرت نداء بإهانة بالغة بسبب هذا الموقف، لكن ما أشعرها بالإهانة أكثر، وبنوع من التمييز، أن المعلمة سألتها: «هل أنت مسلمة أم مسيحية؟ لماذا لا ترتدين الجلباب والحجاب؟»، مدعية أن «هذه تعليمات وزارة التربية والتعليم العالي» في الحكومة التي تقودها حركة «حماس» في قطاع غزة. المشهد نفسه تكرر مع طالبات أخريات وبالطريقة المهينة والتمييزية نفسها، كما قال شهود ل «الحياة». المديرة سمحت للطالبات المسيحيات (بعد التحقق من ديانتهن) بعدم ارتداء الحجاب والجلباب، وطيّبت خاطر نداء بعدما أبلغتها أنها المرة الأولى التي تتعرض فيها الى مواقف من هذا النوع طوال حياتها التعليمية. أبلغت نداء والدها فتوجه الى المدرسة والتقى مديرتها، واعترض على محاولتها فرض الجلباب والحجاب على ابنته، فوقعت مشادة كلامية ادعت خلالها المديرة أنها تسعى الى «الحفاظ على الأخلاق ومنع التسيب». لكن الأب رفض منطقها ورأى في كلامها «محاولة جديدة للإيحاء بأن الطالبات غير محتشمات وينزعن نحو الابتذال»، علماً أن نداء والطالبات يرتدين تنورة «تجر على الأرض» وقمصاناً بأكمام تغطي حتى الرسغين. وقالت نداء إن والدها طلب من المديرة عدم التعرض لها وفرض الحجاب والجلباب عليها، والتعامل معها بكرامة واحترام. ووعدت الأخيرة بذلك بعدما «أنكرت» أن هناك قراراً من الوزارة بفرضه، الأمر الذي أكده أيضاً ل «الحياة» الناطق باسم الحكومة طاهر النونو. وأشار أولياء أمور طالبات ثانويات الى أن «هذه المشكلة تظهر في بداية كل عام دراسي جديد، إذ تعمد مديرات المدارس ومعلمات الى إرغام الطالبات على ارتدائه. وروت عبلة (40 سنة) ل «الحياة» كيف تعاملت معلمة مع ابنتها مروة (16 سنة) الطالبة في الصف العاشر باحتقار وتمييز وشتم وقدح وذم عندما سألت الطالبات: «من منكن لا تصلي؟»، فأجابت ب «نعم لأننا ربيناها على عدم الكذب، ولم تعتد عليه». وقالت إن المعلمة وصفت ابنتها بأنها «كافرة وشيوعية»، علماً أن «ابنتي مهذبة ومؤدبة وتتحلى بالأخلاق الإسلامية وترتدي الحجاب». ووصفت إحدى المعلمات التي فضلت عدم نشر اسمها ل «الحياة» الطريقة التي يتعامل بها عدد من مديرات المدارس ومعلماتها مع الطالبات، خصوصاً في ما يتعلق بفرض الحجاب والجلباب، بأنها «فظة وفجة ومهينة ولا تليق بالهيئة التدريسية». وقال ناشط حقوقي إنه يعرف معلمة معروفة في غزة «تترك لبناتها الشابات حرية مطلقة في ارتداء الملابس وبالشكل الذي يرغبن فيه، سواء في البيت أو الشارع، إلا أنها غليظة جداً وصارمة جداً في فرض الجلباب والحجاب على الطالبات في المدرسة التي تعمل فيها». ويرى مراقبون ومحللون أن مثل تلك المعلمات غير المنتميات الى «حماس» يسعين الى «تبييض صورتهن» أمام الحركة التي تسيطر على القطاع سيطرة مطلقة منذ 14 حزيران (يونيو) عام 2007، و«إظهار حرصهن على الآداب والأخلاق العامة تجنباً لأي مشكلات قد تقع معهن في عملهن مستقبلاً». ويضيفون أن «محاولات فرض الحجاب والجلباب، من ضمن ممارسات أخرى، تهدف الى أسلمة المجتمع وفرض رؤية حماس عليه». وبرر مسؤول في حكومة «حماس» هذه الممارسات الى «قطع الطريق على الحركات السلفية المتشددة من المزايدة على الحركة، وإيصال رسالة لها مفادها أن الحركة أكثر حرصاً منها على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية».