أوقفت السلطات السودانية امس سبعة من قيادات «الحركة الشعبية - شمال السودان» في ولايات غرب دارفور والجزيرة وسنار والولاية الشمالية، بعد أن كانت أقفلت مكاتب هذه الحركة في كل الأراضي السودانية. فيما اعلن الجيش السوداني إنه أحرز أمس «انتصاراً كاسحاً» في معارك ضد قوات «الجيش الشعبي» الذراع العسكرية ل «الحركة الشعبية» في منطقة ديرنق دندرو في اتجاه مدينة الكرمك المتاخمة للحدود الأثيوبية في ولاية النيل الأزرق. وقال الحاكم العسكري في الولاية اللواء يحيى محمد خير أن القوات الحكومية تمسك الآن بزمام المبادرة وإنها تمكنت من تأمين مدينة الدمازين عاصمة الولاية، موضحاً «أن الظروف متاحة تماماً لعودة الفارين من ديارهم ومزاولة حياتهم بصورة طبيعية». وحملت الخرطوم الحركة الشعبية مسؤولية ما جرى في الولاية «مسؤولية كاملة»، واتهمتها بإعداد مخطط لزعزعة الأمن والاستقرار لم تستجب له قوى سياسية. كما اتهمت دولة جنوب السودان بالتورط في الأحداث والارتباط مع الصهيونية العالمية، ولوحت بخيارات في مواجهة الجنوب لحفظ الأمن وحماية مواطنيها. وقال وزير الإعلام السوداني كمال عبيد، في مؤتمر صحافي، أن «ما جرى في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق لا يمكن أن تتعامل الحكومة معه إلا بحسم وحزم بعد أن مدت لهم (للجنوبيين) حبال الصبر طويلاً... وبعد انقضاء الفترة الانتقالية فإن الحكومة لن تتسامح مع أي طرف إلا بما يمليه الدستور والقانون، كما ستتبع هذا الموقف بمجموعة من الإجراءات». لكنه اعترف بوجود «مشكلة سياسية في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ولم تغلق الحكومة باب التفاوض. لكن لن تتفاوض مع أي طرف بأي ثمن... ولن تسمح لحكومة الجنوب بالتدخل في ذلك لأنها مشكلة سودانية خالصة». وأضاف عبيد «أن حكومة الجنوب لا يمكن أن تنفي ضلوعها في ما يدور ولن تنتظر الخرطوم حتى يتضح أمر ضلوعها. ولها كامل الحق في التعامل مع الأمر وفق المعلومات المتوافرة لديها». كما اتهم حكومة الجنوب ب «الارتباط الوثيق مع الصهيونية العالمية. وأنها الدولة الوحيدة التي أعلنت افتتاح سفارتها في القدسالمحتلة... وبناء على ذلك ستتحرك كل أجهزة الدولة للتعامل مع هذا الأمر سياسياً وديبلوماسياً». في موازاة ذلك، أكدت وزيرة الدولة في وزارة الإعلام سناء حمد العوض اعتقال قياديين من «الحركة الشعبية» خلال هروبهم من الدمازين «وهم محبوسون لدى النيابات وسيتم تقديمهم للقضاء. إن ما تم بقانون الطوارئ موجه مباشرة لشخص أعلن تمرده على سلطان الدولة « في إشارة إلى مالك عقار حاكم الولاية الذي أقاله الرئيس حسن البشير. وأعلنت «الحركة الشعبية - فرع الشمال» إن السلطات حظرت نشاطها وأغلقت مكاتبها في الولايات واعتقلت مجموعة من كوادرها. وذكرت أن السلطات طوقت مقر رئاسة مكتب قطاع الشمال في الخرطوم وتحفظت على ممتلكاته، كما أستولت على مقار الحركة في ولايات نهر النيل والقضارف وشمال كردفان والجزيرة. وقال الأمين العام للحركة ياسر عرمان، في بيان، «إن ما حدث في ولاية النيل الأزرق امتداد لما حدث في جنوب كردفان من محاولات حزب المؤتمر الوطني اقتلاع جذور القوى الوطنية والديموقراطية الفاعلة في المسرح السوداني. وتم تمهيد الأرض على مدى وقت طويل بالحديث المستمر عن وضع نهاية للحركة الشعبية في شمال السودان». وأكد أن الحركة «ستواصل بناء تحالفها الاستراتيجي مع حركات دارفور»، موضحاً أن اجتماعاً، ضم نائب الرئيس وأمينها العام مع عبد الواحد محمد نور ومني أركو مناوي من «حركة تحرير السودان» ومنصور عبد القادر من «حركة العدل والمساواة»، توصل إلى «ضرورة الفراغ من إعداد البرنامج والاتفاق على الهياكل وعقد مؤتمر قمة للقيادة السياسية للتنظيمات الأربعة لتكوين نواة صلبة سياسية وعسكرية تدفع بالعمل المعارض إلى الأمام». إلى ذلك، قال جورج شاربنتييه منسق الشؤون الإنسانية في الأممالمتحدة للسودان انه «يشعر بقلق عميق إزاء المواجهات الأخيرة في ولاية النيل الأزرق». وأضاف، في بيان، أن نحو 16 ألف شخص، أو ما يقدر بكامل تعداد سكان بلدة كرمك الحدودية، فروا إلى أثيوبيا المجاورة منذ بدء القتال. وحضّ الجانبين على «إنهاء القتال فوراً والسعي إلى تسوية النزاعات عبر الوسائل السلمية للحيلولة دون سقوط مزيد من القتلى وتمكين النازحين من العودة إلى ديارهم».