أمير نجران يكرّم قائد الأفواج الأمنية بالمنطقة سابقاً    انحراف المدرج .. تحديات وحلول    مطار جدة.. حالة جوية طارئة !    عوائق العلاقات الطبيعية بين لبنان وسورية    الطائرة الإغاثية السعودية السابعة.. تصل دمشق    اعتزلت الملاعب    برشلونة يواجه «بيلباو» في نصف نهائي السوبر الإسباني    محتوى الإعلام الدولي.. ومؤتمر سوق العمل !    الأفلام والدخل الوطني    لماذا بطولة بولو العالمية في صحراء العلا ؟    إطلاق عددًا من الكائنات الفطرية في محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    بنزيما: العمل الرائع أمام الهلال يثبت تميز الاتحاد    إسرائيل تنسحب من ثاني بلدة لبنانية    تعاون أردني - سوري لمنع تهريب الأسلحة والمخدرات    نائب وزير الداخلية يستقبل السفير المصري لدى المملكة    الإصلاحات التشريعية انطلاقة نوعية لقطاع التعدين    إتمام طرح سندات دولية بقيمة 12 مليار دولار    ركلات الترجيح تقود الإتحاد لتخطي الهلال في كأس الملك    القبض على مقيمين في تبوك لترويجهما «الشبو»    مدرب برشلونة : سعيد باللعب في المملكة أمام جماهير تعشق كرة القدم    تعيين 81 عضوا بمرتبة ملازم تحقيق    أمين الطائف يتابع جهود احتواء آثار الحالة المطرية    أمانة المدينة المنورة تدشّن المرحلة الثانية من مشروع "مسارات شوران"    وصول الطائرة الإغاثية السعودية السابعة إلى مطار دمشق    50 هزة ارتدادية نتيجة زلزال قوي في غرب الصين    أمريكا: قوات الدعم السريع ارتكبت «إبادة جماعية» في دارفور    نائب أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشروعات التي تنفذها أمانة المنطقة    نيفيز يعود لتشكيل الهلال الأساسي في مواجهة الاتحاد    النفط يرتفع وسط مخاوف من اضطراب الإمدادات    حملات تمشيط تلاحق «فلول الأسد»    وزير الطاقة يشكر القيادة بمناسبة صدور موافقة مجلس الوزراء على نظام المواد البترولية والبتروكيماوية    تعديل نظام المرور والموافقة على نظام المواد البترولية والبتروكيماوية    «الدفاع المدني»: أنصبوا الخيام بعيداً عن الأودية والمستنقعات    هيئة الأدب والنشر والترجمة تطلق النسخة الأولى من معرض جازان للكتاب    8 ملاعب تستضيف كأس آسيا 2027 في السعودية    136 محطة ترصد هطول أمطار في 9 مناطق    ابتسم تختتم العام بتوعية وعلاج أكثر من 58ألف مستفيد ومستفيدة بمكة    تعليم القصيم يطلق حملة "مجتمع متعلم لوطن طموح"    أمير الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء جمعية أصدقاء السعودية    رئيس جمهورية التشيك يغادر جدة    اللجنة المنظمة لرالي داكار تُجري تعديلاً في نتائج فئة السيارات.. والراجحي يتراجع للمركز الثاني في المرحلة الثانية    "الأرصاد": رياح شديدة على منطقة تبوك    عبد العزيز آل سعود: كيف استطاع "نابليون العرب" توحيد المملكة السعودية تحت قيادته؟    القطاع الخاص يسدد 55% من قروضه للبنوك    6 فوائد للطقس البارد لتعزيز الصحة البدنية والعقلية    سفير فلسطين: شكراً حكومة المملكة لتقديمها خدمات لجميع مسلمي العالم    ليلة السامري    جلوي بن عبدالعزيز يُكرِّم مدير عام التعليم السابق بالمنطقة    العداوة الداعمة    بلسان الجمل    بداية جديدة    أهمية التعبير والإملاء والخط في تأسيس الطلبة    احتياطات منع الحمل    البلاستيك الدقيق بوابة للسرطان والعقم    جهاز لحماية مرضى الكلى والقلب    "رافد للأوقاف" تنظم اللقاء الأول    حماية البذرة..!    مكة الأكثر أمطاراً في حالة الإثنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بداية النهاية للنظام أو بداية الأسوأ لسورية
نشر في الحياة يوم 01 - 09 - 2011

قد تكون البدايات غامضة وقد يكون توقع النهايات متسرعاً. لكن المؤشرات باتت قوية الى حدّ أن عاندتها تساوي اندفاعاً الى انتحار مشهدي مفزع ينذر بانتحارات متوالية لا تحافظ على/ أو تنقذ شيئاً على افتراض أن هذا كان الهدف من الإيغال في العنف والشدّة المفرطين.
لكن سقوط طاغية ليبيا شكّل ايذاناً خطيراً بأن سقوط الشعوب لم يعد وارداً وما على الأنظمة المتهاوية سوى أن تتجه الى المخرج. لذا استعد المجتمع الدولي للتقدم خطوة تالية في الضغط على النظام السوري. رفضت روسيا، ومعها الصين، مشروع قرار لفرض عقوبات، مع علمهما أن هذا لم يعد خياراً، بل بات تهوّراً في تحمل المسؤولية الدولية. كانت موسكو أرجأت مراراً رحلة مبعوثها الى دمشق، آملة بأن يتمكن الحل الأمني من تطبيع الوضع، وبالتالي أن يسحب الملف السوري من التداول في مجلس الأمن. ورغم أن مبعوثها يصل الآن متأخراً جداً على الحلول العقلانية، إلا أن الحرج يحتّم هذه المهمة لإحاطة دمشق بما سيكون، فثمة حدود للاعجاب المطلق بنظامها وللتفهم العميق لخصوصية وضعها الجيو- سياسي وللصداقة القديمة، وحتى السعي الى حماية المصالح والديون يقضي بالإلتفات الى ما بعد هذا النظام. وهذا ما حصل أيضاً لروسيا مع التغيير الليبي، وتعلّمت منه.
حتى ايران نطق لسانها أخيراً. لا بد أن الخوف على مصالحها هو ما أنطقها وليس حرصها على «حل بعيد عن العنف» لم تحاوله مع شعبها، ولا تلبية المطالب «المشروعة» للشعب السوري. وصلت ايران الى خط النهاية في التفرج على فشل حل أمني قدّمت له بعض الخدمات والخبرات، ما جعلها تشرع في رسم مسافة متخيّلة بينها وبين النظام السوري. لم تعد تخشى سقوطه فحسب وانما بدأت تحصي خسائرها. كشفت أنها قدمت اقتراحات ونصائح «خطيّة» لتجاوز الأزمة، وفُهم أن السوريين رفضوا تدخلها. من الواضح ان ايران تسارع الى الحد من انعكاسات تحالف مع سورية بات عبئاً، ومن تفاعل أزمة تنذر بتداعيات خطيرة عليها وخصوصاً على حليفها «حزب الله» الذي بات الحزب الحاكم عملياً في لبنان.
سواء كان التغيير المدروس في الموقف الايراني جاداً أو للاستهلاك الاعلامي الموجّه نحو دول الخليج، فإن حصوله مباشرة بعد محادثات ايرانية - قطرية له دلالات. كانت طهران عبرت مراراً، خلال الشهور الماضية، عن تطلعها الى حوار مع دول الخليج، وتقصّد وزير الخارجية علي أكبر صالحي توجيه نداءات الى السعودية بقيت من دون صدىً. كان الهدف أولاً هو التفاهم على الوضع في البحرين، ثم أصبح البحرين وسورية. والأكيد أن أمير قطر قصد طهران بعد مشاورات معمقة مع مختلف العواصم الخليجية، ولا سيما الرياض، ما حمّله موقفاً خليجياً وجعله بالتالي محاوراً بالنيابة عن دول الخليج. في بداية اذار (مارس) الماضي، ومع وصول قوات «درع الجزيرة» ولو بأعداد رمزية الى المنامة، تلقت ايران صفعة في ادارتها للاحتجاجات البحرينية إذ وجدت نفسها أمام مواجهة لم تحسبها ولم تردها، وما لبثت علاقات اعتقدتها «حميمة» مع الكويت أن تأزمت بدورها. في ذلك الوقت أبلغت سورية ايران أنها لا تستطيع الوقوف معها ضد دول الخليج وطالبت هذه الدول بمساندتها اذ كانت بوادر انتفاضتها تظهر، فحصلت على مساندة الحكومات التي صمتت شهوراً خمسة الى أن قال الشعب السوري للجميع «صمتكم يقتلنا» فيما ضاق الرأي العام العربي والاعلام ذرعاً بهذا الصمت وبالجرائم التي ارتكبت.
عندما فتح مجلس الأمن ملف سورية انتهى الصمت وانتهت الفرص المتاحة للنظام. ما لبث العاهل السعودي أن رفع سقف الموقف العربي الرسمي، وعلى وقع الحدث الليبي فتح الباب لاجتماع لجنة المتابعة في الجامعة العربية لاستقبال ليبيا المستعيدة عضويتها عبر المجلس الوطني الانتقالي ولاطلاق رسالة قوية الى دمشق التي رفضتها. لكن بعد أن تتعرف الى موقف موسكو، قد تعود فتوافق على استقبال وفد وزاري عربي أو الأمين العام للجامعة، إلا اذا قررت خسارة العرب والعالم معاً. وهذا غير مستبعد. ومنذ فشل المسعى التركي الأخير ومطالبة الرئيس السوري بالتنحي، وبعد سقوط النظام الليبي والاستعداد لفرض عقوبات دولية عليه ثم اتضاح الموقف العربي، راح النظام يبدي اشارات متزايدة الى اندفاعه نحو تصعيد أقصى سواء في مجريات اللاحل الأمني أو في ردود فعله السياسية. انه يستشعر بدايةً لنهايته، وبديهي أنه سيقاومها.
كان العقل الأمني مستفَزَّاً ازاء الوعيد المعلن بأن شهر رمضان سيكون مفصلياً بالنسبة الى الأزمة، لذا تهيّأ بردٍ هجومي بل استباقي، فدخل حماه كما الغزاة وأكمل شرقاً في دير الزور فغرباً في اللاذقية وشمالاً في ادلب والآن بدأت دمشق تسخن وبدأ النظام يثخن أحياءها وريفها عنفاً دموياً قاتلاً. لكنه مع ذلك لم يربح رهانه الرمضاني إلا اذا كان يقيسه بحصيلة القتلى والجرحى والمعتقلين والمهانين على أيدي «الشبيحة»، ولم يكسب سوى مزيد من الغرق في الرمال المتحركة وفي العجز عن طرح حل للأزمة.
في الوقت الذي بدأ النظام يدرك أن «شعبيته الواسعة» تتقلّص وتتآكل، وأنه قد يكون مقبلاً على تفكك متدرّج لبنيته، أصبح حتى خصومه يعترفون بأن الانتفاضة الشعبية تعيش بدايات العسكرة خصوصاً مع تزايد المنشقّين عن الجيش ووجود استقطاب اعلامي لإبرازهم باعتبارهم مرشحين لأدوار أكبر في مستقبل قريب. لا أحد في المحيط الاقليمي يريد لمثل هذا الخيار أن يتحقق، لكن النظام بذل عملياً كل ما يستطيع لاستدراج حرب أهلية أو ما يشبهها، مثيراً تساؤلات كثيرة عن استراتيجيته وأهدافه. فالحرب الأهلية لا يربحها أي من طرفيها بل غالباً ما تستدرج تدخلاً خارجياً لوقفها وفرض حل مبني على تنازلاتهما. وفي بعض العواصم بلغت التساؤلات حدّ استكشاف ما اذا كان النظام انتهى الى خلاصة مفادها: إما أن يحكم سورية بطريقته وإما أن يدفعها الى صيغة من صيغ التقسيم كسيناريو احتياطي لضمان الحماية للعائلة والطائفة، اذ أنه لا يحتمل تداعيات انهياره الفعلي عليهما. ولعل هذا ما يفسر الى حدٍّ ما اصرار النظام على صمّ آذانه حيال الخطط التي تدعوه الى وقف اراقة الدماء وعلى المضي في الاعلان عن «الاصلاحات» التي أقرّها مع علمه أن أحداً لا يقيم لها وزناً طالما أن القتل مستمر في الشارع. من هنا قد تكون المرحلة الراهنة أيضاً بداية الأسوأ لسورية.
* كاتب وصحافي لبناني 


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.