تحرمك تعقيدات الملاعب الرسمية وكلفة دخولها الباهظة في المونديال من التعرف على حقيقة الجماهير أو ردود أفعالهم، لكن ذلك كله يغيب في البرازيل بعيداً عن الملاعب، جماهير إسبانيا وهولندا تجتمع في مكان واحد خلال مباراتهم ومن دون مخاوف من عنصرية أو مشكلات أو شجارات، الحال ذاته بالنسبة لجماهير البرتغالوألمانيا، والأمور تمر بهدوء. حين لا تلعب البرازيل تنعم معظم المطاعم والمقاهي بهدوء كبير، ذلك أن جماهير المنتخبات الأخرى تختار في الغالب منطقة واحدة، لتجتمع فتحضر لتجد كل الألوان تزين المنطقة ذاتها، المشهد يتجلى بكامل زينته، على شاطئ كوبكابانا في ريو دي جانيرو، شاشات ضخمة تنقل لجماهير مستلقية على الشاطئ أحداث المباريات، وبعيداً عن الشاطئ في فيلا مادلينا بساوباولو تجتمع الجماهير وقوفاً لمؤازرة منتخباتها، المنطقة الراقية على أطراف سابوباولو تجمع حانتها المرتفعة الكلفة علية القوم في المدينة، لكنها في المونديال تستقبل الجميع. أما على ساحل سلفادور، فالمعادلة مختلفة جداً عن أية مدينة أخرى، فهنا اكتسحت هولندا بطل العالم بخمسة أهداف لهدف، وهنا أيضاً التقت ألمانيابالبرتغال، في مباراتين شهدتا الاهتمام العالمي الأكبر، إضافة إلى الحضور الجماهيري، جل أولئك الذين حضروا المباراة الأولى فضلوا البقاء لمتابعة المباراة الثانية في المدينة ذاتها، لذلك تجد شاطئاً باهياً ممتلئاً بالجماهير مع كل مباراة، لكن الحانات الضيقة جداً تنقل المباريات عبر شاشات صغيرة، وعلى رغم أنها موجهة باتجاه الضيوف، إلا أن الزحام في الغالب يلغي قدرتك على المتابعة، بعد أول 10 دقائق، إذ يحظى أول القادمين بالمكان الأفضل، بعدها تبني كل معلوماتك عن المباراة على أفراح الجماهير المتزاحمة أمامك. إن كنت من المهتمين بتفاصيل كرة القدم أو الوقوف على الأجزاء الفنية في كل مباراة، فإن كل الخيارات الماضية لا تشكل على الإطلاق فرصة لمتابعة المباريات، وتجتمع معظم الجماهير في تلك المناطق بحثاً عن قضاء أوقات جماهيرية ممتعة، لذلك فإن جلّ المهتمين بكرة القدم يقصدون الفنادق الفخمة لمتابعة المباريات في بهوها المخصص خلال أوقات المباريات لتغطية المونديال. «التانغو» المعادلة الخاصة بينما طرق تعاطي الجماهير البرازيلية مع معظم مباريات منتخبات أميركا الجنوبية، تتغير المعادلة تماماً حين يكون الأرجنتين طرفاً في أية مباراة. صيحات الاستهجان تعلو في الحانات والمطاعم مع وصول الكرة إلى ليونيل ميسي، وتعلو أكثر حين يكون طرفاً في هدف، وفي المقابل يقف الجميع مسانداً لكل من يلعب ضد الأرجنتين حتى ولو كان منتخباً يحضر في المونديال للمرة الأولى، مثل المنتخب البوسني. جماهير الأرجنتين التي يعاني معظمها من قلة الموارد المالية، تحرم من متابعة مباريات فريقها في الملعب، لكنها تحضر بكل الأحوال في معظم المدن. قميص ميسي جزء من علامات المونديال التي لا تفارق ذهنك، ذلك أن تلك الجماهير تجوب الشوارع به يوم مباراة المنتخب، أو حتى في الأيام الأخرى. مشهد حشود جماهيرية أرجنتينية تجوب شاطئاً باهياً في سلفادور هاتفة «أرجنتينا أرجنتينا» يرعبك في بدايته، خصوصاً وأن الهتافات تأتي في بلاد السامبا وبين جماهيره، لكن الأمر يمر بسلام، وتأتي ردود البرازيليين ضاحكة أو بصيحات «برازيل برازيل»، وتمر الأمور سريعاً وبسلام، قبل أن يختلط الجميع أمام الشاشات.