يواصل اقتصاد كوريا الجنوبية أداءه الإيجابي إذ لا تزال أساساته مستقرة ونموه في تصاعد على رغم البيئة العالمية الاقتصادية الضعيفة. وخفض البنك الدولي هذا الشهر توقعاته الاقتصادية العالمية لهذه السنة، متوقعاً تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي من 3.2 إلى 2.8 في المئة على أساس سنوي. وأشار الاقتصادي في شركة «آسيا للاستثمار» كميل عقاد إلى أن «الدول النامية ستعيش معظم آثار التباطؤ هذه السنة، إذ خفض البنك الدولي توقعاته للناتج المحلي الإجمالي للدول النامية هذه السنة من 5.3 إلى 4.8 في المئة على أساس سنوي». وأكد أن «التباطؤ في الصين كان أبرز عوامل الضعف، ولكن عدم الاستقرار السياسي في بعض الدول ذات الدخل المتوسط وبطء تطبيق الإصلاحات الهيكلية، سيساهمان في هذا التراجع، إلا أن ازدهار اقتصاد كوريا الجنوبية، الذي يعتمد في شكل كبير على الصادرات، سيستمر». وأوضح أن «الاقتصاد الكوري، رابع أكبر اقتصاد آسيوي، نما بأسرع وتيرة منذ ثلاث سنوات خلال الربع الأول من السنة بنسبة 3.9 في المئة على أساس سنوي، بفضل زيادة في الطلب على الصعيدين المحلي والخارجي، في حين كان قطاعا البناء وصادرات الإلكترونيات من القطاعات القوية الدافعة للنمو، بينما غطى الطلب القوي من الاقتصادات المتقدمة في الربع الأول تباطؤ الطلب من الصين. وتشكل الصادرات الكورية إلى الصين، أكبر شريك تجاري لكوريا الجنوبية، أكثر من ربع صادراتها، ولذلك سيكون للتباطؤ الصيني المتوقع هذه السنة أثر سلبي في صناعة كوريا الجنوبية إذ يُحتمل أن تتراجع واردات الصين من الماكينات الكورية، وبالفعل أظهرت أرقام أيار (مايو) الماضي انكماش الصادرات إلى الصين. وأشار عقاد إلى أن «تأثير الاقتصاد التايلندي لن يكون كبيراً، إذ تمثل تايلاند 1 في المئة فقط من إجمالي الصادرات الكورية، ولكن من شأن استقرار اقتصاد أميركا والانتعاش التدريجي في منطقة اليورو، اللتين تشكلان معاً نحو 20 في المئة من إجمالي الصادرات الكورية، أن يساعدا في تخفيف أثر محاولات إعادة التوازن الصيني». وأضاف «الاقتصاد المحلي يواجه أخطاراً أقل من القطاع الخارجي، حيث كان متنامياً خلال الشهرين الماضيين، مدفوعاً بحزمة حوافز مالية قُدّمت العام الماضي، بينما كانت الاستثمارات تنمو في شكل أسرع منذ ذلك الحين، بعد فترة صعبة مرت بها العام الماضي». وأوضح أن «الاستهلاك الخاص لعب دوراً مهماً في دفع النمو خلال التعافي الاقتصادي الأخير، على رغم تأثره بغرق الباخرة التي كانت تحمل 300 شخص في نيسان (أبريل) الماضي والتي أضرّت بمشاعر المستهلكين وأدت إلى تراجع الإنتاج في قطاعات مبيعات التجزئة والخدمات في أيار الماضي، كما تراجع التوظيف، خصوصاً في قطاع الخدمات، ولكن هذا التراجع سيكون موقتاً». ولفت إلى أن «الأخطار الأساس التي قد تؤثر في الاقتصاد، ارتفاع مستوى الدَين في مؤسسات القطاع العام ولدى الأفراد، إذ بلغت الديون المقدمة للأفراد مستوى قياسياً جديداً في نيسان عند 683.9 بليون دولار، وهذا أمر خطير إذ نمت بوتيرة أسرع من الناتج المحلي الإجمالي، كما أن حجمها أكبر من 1.5 ضعف الدخل السنوي الكوري المتاح». ولكن وكالة التصنيف «موديز» منحت كوريا الجنوبية تصنيف Aa3 للقروض، وهو رابع أعلى تصنيف يمكن الحصول عليه، كما قدمت الحكومة برنامجاً لتقليص الديون العام الماضي ليساعد المستهلكين على تسديد ديونهم من خلال صندوق السعادة الوطنية الذي تديره الدولة. ولفت عقاد إلى أن «الاقتصاد الكوري يمر بمرحلة نمو وتوسع، ولكن التضخم بقي منخفضاً حتى الآن، وعلى رغم تسجيله في أيار أعلى مستوياته في 19 شهراً، إلا أنه يبلغ الآن 1.7 في المئة فقط على أساس سنوي، بسبب عوامل تتعلق بالعرض، وتوفير رعاية مجانية للأطفال». وأضاف: «بما أن المستوى الحالي منخفض كثيراً عن المستوى المستهدف من البنك المركزي والذي يراوح بين 2.5 و3.5 في المئة، فمن المتوقع ارتفاع سعر الفائدة أواخر السنة للسيطرة على الارتفاع المقبل للأسعار ومستوى الديون العالي». واختتم مؤكداً ان «كوريا الجنوبية تبقى إحدى الاقتصادات القليلة التي تمنح المستثمرين مزيجاً من النمو السريع للأسواق الناشئة، واستقراراً وحماية قانونية كتلك الموجودة في الاقتصادات المتقدمة».