بروكسل، باريس، بنغازي، بكين، واشنطن - رويترز، أ ب، أ ف ب - بدأت عواصم الاتحاد الاوروبي والدول المشاركة في مجموعة الاتصال الدولية مشاورات لعقد اجتماع في باريس يُخصص للبحث في مستقبل ليبيا بعد انهيار نظام العقيد معمر القذافي. وقال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه امس «ان فرنسا تقترح عقد اجتماع استثنائياً لمجموعة الاتصال الاسبوع المقبل في باريس للتداول في الشؤون الليبية». في الوقت ذاته، قالت المفوضية الاوروبية ان الاتحاد الاوروبي سيُبقي على العقوبات المفروضة على الحكومة الليبية في الوقت الحالي، لكنه مستعد لرفعها سريعاً عندما يحين الوقت المناسب. ودعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي القوات الموالية للقذافي الى إلقاء اسلحتها متعهداً باستمرار دعم فرنسا للمجلس الوطني الانتقالي. وقال بيان صادر عن مكتب ساركوزي: «دعا الرئيس القوات التي لا تزال موالية للنظام الى ان تدير ظهرها لحالة العمى الإجرامي المخزية لزعيمها بأن توقف اطلاق النار فوراً وأن تلقي بأسلحتها وتسلّم نفسها الى السلطات الليبية الشرعية». وقال البيان ان ساركوزي تحدث ايضاً مع محمود جبريل زعيم المكتب التنفيذي للمجلس الوطني الانتقالي امس ودعاه الى زيارة باريس الاربعاء. وقالت كاثرين أشتون مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد: «في الوقت الحالي... ستظل العقوبات سارية، لكن في امكاننا رفعها سريعاً». وهناك نحو 50 مؤسسة ليبية عرضة للعقوبات الاوروبية وأكثر من 30 مسؤولاً ليبياً يواجهون عقوبات مثل تجميد الأصول وحظر السفر. ويعمل الاتحاد بهمة للتخطيط لليبيا من دون معمر القذافي. وقال مايكل مان المتحدث باسم كاثرين اشتون امس: «يبدو اننا نشهد اللحظات الاخيرة لنظام القذافي، وندعو القذافي الى التنحي من دون اي تأخير وتفادي إراقة المزيد من الدماء». وأضاف: «التخطيط جار لما بعد القذافي... لدينا بعض السيناريوات التي وضعناها في ما يتعلق بالمساعدة خلال فترة ما بعد القذافي». وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون قطع اجازته الصيفية وعاد الى لندن حيث ترأس اجتماعاً للجنة الازمات للبحث في التطورات الليبية. وحضت بريطانيا المجلس الوطني الانتقالي امس على الحفاظ على النظام وعدم القيام بعمليات ثأرية بعدما تدفق مقاتلو المعارضة على قلب العاصمة طرابلس. كما دعت القذافي مجدداً الى التنحي بعدما قصفت قواته أجزاء من وسط طرابلس اليوم. وتريد بريطانيا تفادي تكرار الفوضى وإراقة الدماء التي وقعت في العراق بعد الاطاحة بالرئيس الراحل صدام حسين عام 2003. وقال اليستير بيرت الوزير في وزارة الخارجية البريطانية لراديو «هيئة الاذاعة البريطانية» امس: «أول وأهم شيء هو أن الحكومة البريطانية ستدعو القذافي الى الرحيل الآن وتجنب المزيد من اراقة الدماء». وأضاف أن مصير القذافي «مسألة تتعلق بالشعب الليبي»، مشيراً الى أن المعارضة تريد القبض عليه واحتجازه وليس السماح له بالعيش في المنفى. وشدد على ان «أهم شيء هو التأكد من الحفاظ على النظام العام ومن أن هناك طعاماً ومياهاً وكهرباء وكل الاشياء التي يحتاجها المواطنون حتى تستمر حياتهم اليومية». وتابع: «ما حدث في مدن أخرى يشير الى أنه عندما تولى المجلس الوطني الانتقالي زمام الامور بدلاً من نظام القذافي تحسنت الامور وسارت في شكل سلس». واستطرد: «لم تحدث عمليات انتقام كبرى ضد من كانوا يساندون من النظام، وهذا بالطبع ما نريد أن نراه... وضع مستقر في طرابلس بأسرع وقت ممكن». وقالت وزارة الخارجية الصينية ان بكين تحترم خيار الشعب الليبي وتأمل أن يستقر الوضع في ليبيا في أسرع وقت ممكن. وقال ما تشاو تشو المتحدث باسم وزارة الخارجية: «تحترم الصين خيار الشعب الليبي وتتمنى أن يعود الوضع هناك بسرعة الى الاستقرار وأن تعود حياة الناس الى طبيعتها». وقال ما في بيان مقتضب على موقع الوزارة على الانترنت الذي تجنب الاشارة الى القذافي أو المجلس الوطني الانتقالي: «الصين مستعدة للتعاون مع المجتمع الدولي للقيام بدور ايجابي في اعادة بناء ليبيا». لكن وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» كانت أكثر قوة في التشديد على ان وقت القذافي حان، في اشارة الى اشتباكات في العاصمة باعتبارها «المعركة النهائية» ضد القذافي ومقاومة قواته «الضئيلة». وقالت «شينخوا»، في تقرير باللغة الانكليزية صدر قبل بيان الوزارة: «على رغم انه لم يتضح بعد مكان القذافي الآن وماذا سيكون رد فعله، فمن الواضح أن حجم الانتصار يرجح كفة المعارضة في شدة». وكثفت الصين من اتصالاتها بزعماء المعارضة في الشهور القليلة الماضية على رغم قولها ان تلك الاجتماعات جزء من مساعٍ لتشجيع التوصل الى نهاية للصراع المستمر منذ ستة شهور عبر التفاوض. ودعت الصين، التي تتجنب بصفة عامة الانخراط في الشؤون الداخلية للدول، زعماء المعارضة ووزير الخارجية الليبي لإجراء محادثات في بكين في حزيران (يونيو) الماضي. وخلال المحادثات في بكين أشادت الصين بالمجلس الوطني باعتباره قوة سياسية رئيسة في ليبيا وشريكاً مهماً في الحوار. ومثّلت تلك المحادثات واجتماعات لاحقة مع مسؤولين كبار في الخارجية الصينية في بنغازي معقل المعارضة تعديلاً عملياً للسياسة بالنسبة الى الصين القلقة على استثماراتها في البلاد. وكانت منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا مصدر نحو نصف واردات الصين من النفط الخام في العام الماضي، كما أن للشركات الصينية هناك وجوداً قوياً. وقالت «شينخوا» ان زعماء المعارضة وعدوا في الاسبوع الماضي باحترام العقود التجارية مع الصين في البلاد وطلبوا مساعدة الصين في اعادة بناء ليبيا بمجرد إنهاء حكم القذافي. ولم تستخدم الصين حق النقض «الفيتو» في مجلس الامن الدولي في آذار (مارس) الماضي لمنع قرار سمح بحملة قصف جوي ضد قوات القذافي، لكنها سارعت بإدانة الضربات ودعت مراراً الى التوصل الى تسوية بين حكومته والمعارضة. وفي جوهانسبورغ نفت مايتي نوانا ماشاباني وزيرة خارجية جنوب افريقيا امس ان تكون بلادها ارسلت طائرات الى ليبيا لإخراج معمر القذافي منها، داعية المجلس الوطني الانتقالي الى فتح «حوار سياسي بين الليبيين». وقالت للصحافيين ان «حكومة جنوب افريقيا تنفي الاشاعات، التي قالت انها ارسلت طائرات الى ليبيا لنقل العقيد القذافي وأسرته الى موقع مجهول». وأضافت: «لم يطلب احد اللجوء الى جنوب افريقيا (...) بالنسبة الينا فإنه (القذافي) لا يزال في ليبيا». وقالت نكوانا ماشاباني ان «مصير القذافي يقرره الليبيون انفسهم» مقدرة انه «في الوقت الراهن لا توجد حكومة في ليبيا». وأكدت ان بلادها ستواصل اجراء محادثات «مع الطرفين الليبيين» داعية الجميع الى الحوار. وتابعت: «ليس هناك ما يدعونا كوسطاء لخلق دولة داخل الدولة وسنجري محادثات مع الطرفين». وأضافت «مع السقوط الوشيك لحكم العقيد القذافي نحض السلطات الانتقالية في طرابلس على البدء فوراً بحوار سياسي يشمل الاطراف الليبية كافة وتأسيس سلطة ممثلة لأطياف الشعب الليبي». وتابعت ان لجنة الاتحاد الافريقي المعنية بالشأن الليبي ستجتمع الخميس للبحث في الوضع في ليبيا بينما يجتمع مجلس الاتحاد الافريقي للسلام والامن الجمعة». وقالت ان «خريطة الطريق» التي وضعها الاتحاد الافريقي لا تزال سارية. روسيا تأمل أن ينهي انتقال السلطة في ليبيا اراقة الدماء وفي موسكو قالت وزارة الخارجية ان روسيا تأمل أن يؤدي انتقال السلطة الى المعارضة الليبية الى وقف اراقة الدماء. وتابعت في بيان: «التحول الدرامي للأحداث في الصراع الليبي ينم عن انتقال للسلطة الى المعارضة قريباً جداً... نأمل أن يؤدي ذلك الى وقف اراقة الدماء بين الليبيين التي أدت الى محنة ومعاناة سكان البلاد». وفي روما طالب رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني القذافي بإنهاء «المقاومة العقيمة» وحض قوات المعارضة على تجنب الانتقام. وقال في بيان: «نطلب من العقيد القذافي ان يوقف كل صور المقاومة العقيمة من اجل انقاذ شعبه من مزيد من المعاناة».