سهام ونبال صُفت بطريقة تجعل الداخل إلى المكان يشعر بأن مقاتلين من القرون الوسطى يستعدون لملاقاة عدو لهم، وهي معلقة ضمن مجموعة فاخرة من التراثيات التي يضمها محل جيان كاراتون في مدينة السليمانية (شمال شرقي العراق). أما الأواني النحاسية، فتروي حكايات من زمن مضى، وقد علقت إلى جانبها حقائب تراثية و «فرش» عاشت أطول بكثير من أصحابها الأصليين. فالمكان الذي يعد من أشهر المواقع الكردية لبيع وتأجير التراثيات في إقليم كردستان، يجمع بين جدرانه مقتنيات فريدة ومتنوعة يصعب العثور على مثيلاتها. فتح فياض عارف رشيد، المهووس بالتراث والتأريخ، محله في شارع مولوي، وهو أشهر شوارع المدينة، في العام 1976. ثم انتقل، بعد سنوات، إلى شارع سالم بعدما ابتاع بيتاً خاصاً لتراثياته التي لم يعد ذلك الدكان الصغير في مولوي يستوعبها. يقول رشيد ل «الحياة» إنه حصل على مقتنياته من بعض القرى الكردية التي كان يقصدها، على امتداد سنوات، بحثاً عن الأشياء النادرة التي تبيعها عائلات كردية قروية بعدما توارثتها جيلاً عن جيل. الرحلات التي قام بها، غالباً ما كانت تخبئ له المفاجآت. فبعض العائلات لا يزال يحتفظ بأسلحة قديمة، مثل الخناجر والسيوف والنبال والعصي ذات الرؤوس الصلبة المصنوعة من «القير» ويطلق عليها العراقيون تسمية «مكوار». حب التراث دفع رشيد إلى إغراء كثيرين بالمال لشراء مقتنياتهم المتوارثة عن الأجداد. ويقول: «أهديت مقتنيات كثيرة، يزيد عمرها عن 500 سنة، لمتحف السليمانية، ومنها مصكوكات نقدية من العصر العباسي وبعض التحف النادرة، لكنني ما زلت أحتفظ بقطع تراوح أعمارها بين 300 و400 سنة». واللافت أن شهرة المحل في إقليم كردستان، دفعت شركات الإنتاج التلفزيوني إلى زيارته لاستئجار ملابس ومقتنيات فولكلورية قديمة، للاستعانة بها في تصوير مسلسلات تاريخية، فيما صوَّر بعض المطربين الأكراد أغنيات خاصة داخل المتجر نفسه.