لم تختفِ الأواني النحاسية والمقتنيات الفريدة من محال الأنتيكا في بغداد، على رغم اختفاء السياح الذين اعتادوا اقتناءها كتذكار من مدينة الألف ليلة وليلة. وعلى رغم انحسار حركة السياحة في العراق، وقلة الإقبال على شراء الأنتيكات، الا ان اصحاب محالها يعترفون بأن وجود القوات الاميركية ساهم في تصريف بضائعهم. ويؤكد عبدالله المياحي صاحب احد المحال أن مترجمين يشترون الانتيكا لأصدقائهم من الجنود الأميركيين قبل انتهاء مدة خدمتهم وعودتهم الى بلادهم. ولم يمنع انخفاض عدد الزبائن أصحاب المحال من إدارتها، او تغيير مهنتهم كما فعل بعض اقرانهم في الشارع ذاته اذ استبدلوا الانتيكا بالحقائب والأحذية. وفي نهاية شارع مقابل للمدرسة المستنصرية وقف احد أصحاب المحال وهو يتفحص المارة وينادي عليهم للدخول وشراء الانتيكا، لكن النداء لم يلقَ صدى. ويقول الرجل الذي بدا مهتماً بالتعريف ببضاعته إنه يملك مسدساً تجاوز عمره المئة سنة ومقصاً عمره 90 سنة ومطفأة سجائر على شكل جمجمة عمرها أكثر من 50 سنة وأحجاراً كريمة ورثتها عائلات بغدادية عن أسلافها، فضلاً عن بعض الفضيات واللوحات الفنية والتراثية. وفي المحل المجاور ظهر صاحبه وهو ينادي على بعض التحف والاحجار الكريمة والسبحات التي علقها على الجدار الى جانب التحف. ويقول ان «المكان بات مهجوراً، ولا يرتاده الا بعض هواة جمع الانتيكات الذين يقدرون ثمنها، فضلاً عن بعض العائلات المغتربة التي تشتري الانتيكات كهدايا لأصدقائها الأجانب، أو لوضعها في منازلها في المهاجر كجزء من التراث. وهناك محال استبدلت الانتيكا بالسجاد القديم لا سيما المصنوع في ايران والبلدان الاسيوية. ويقول حامد المهنا أحد أصحاب محال السجاد القديم انه يعرض للبيع سجادات يزيد عمرها على 150 سنة. وسط هذه التحولات يفقد شارع النهر، شيئاً فشيئاً، صورته التاريخية. لكن الأخطر هو أن العراق مهدد بفقدان نفسه!