شن الجيش الإسرائيلي حملة اعتقالات واسعة في صفوف حركتي «حماس» و»الجهاد الإسلامي» في الضفة الغربية على خلفية خطف المستوطنين الثلاثة ليل الخميس - الجمعة. وقال مسؤولون في «حماس» إن أياً من المعتقلين ليس عضواً في الجناح العسكري للحركة الذي تتهمه إسرائيل بالوقوف وراء عملية خطف المستوطنين، معتبرين أن حملة الاعتقالات «عشوائية» و»انتقامية» و»غبية»، فيما اعتبرت الحكومة الفلسطينية أن الحملة الإسرائيلية «عقاب جماعي»، وطالبت بحماية دولية. من جانبها، هددت «الجهاد» بالرد اذا «استهدفت» إسرائيل الخليل وضواحيها. وطاولت الاعتقالات 80 من أبرز شخصيات الحركة وناشطيها، بينهم نواب وأساتذة جامعيون وأعضاء هيئات محلية وطلاب، إضافة إلى عدد من أعضاء حركة «الجهاد الإسلامي». ومن أبرز من شملتهم الاعتقالات كل من أعضاء المجلس التشريعي حسن يوسف، وفضل حمدان، وأحمد الحاج علي، وحسني البوريني، وعبد الرحمن زيدان، والوزير السابق وصفي قبها، والمحاضر في كلية الهندسة في جامعة النجاح محمد غزال. وكان الجيش الإسرائيلي فرض إغلاقاً شاملاً على الضفة، ومنع أياً من سكانها من الدخول إلى إسرائيل إلا في حالات استثنائية. وأعلن أن الإغلاق سيستمر حتى إشعار آخر، في إشارة إلى أن مدته ستكون طويلة ومرتبطة بالعثور على المستوطنين المخطوفين. كما شملت إجراءات العقاب منع زيارات الأسرى. ويرى كثير من الفلسطينيين في الإجراءات الإسرائيلية محاولة من رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو لإرضاء الرأي العام في إسرائيل. وقال الناطق باسم حكومة الوفاق الوطني، مدير مركز الإعلامي الحكومي إيهاب بسيسو أن التصعيد العسكري الإسرائيلي الأخير في الضفة وقطاع غزة «يندرج في إطار العقاب الجماعي»، داعياً المجتمع الدولي إلى التدخل لحماية الفلسطينيين. ودان الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، وقال: «إن استمرار الاستيطان والعراقيل الإسرائيلية التي تحول دون سيطرة السلطة الفلسطينية على المناطق المسماة ج، والتي تبلغ 62 في المئة من مساحة الضفة، تعيق كل الجهود الدولية والفلسطينية للوصول إلى حل سياسي يضمن العدالة للشعب الفلسطيني، ويوفر الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة». وأضاف انه لا يمكن للحكومة الإسرائيلية تحميل الفلسطينيين مسؤولية الأمن في مناطق محتلة وغير خاضعة للسيادة الفلسطينية، وفيها عشرات المستوطنات والبؤر الاستيطانية الإسرائيلية. وقال المسؤول في حركة «فتح» عباس زكي إن الخطف «يدلل على وجود خلل أو فشل أمني إسرائيلي لأنهم (المستوطنون) اختفوا في منطقة ج ذات القبضة الأمنية الإسرائيلية المحكمة، فهي منطقة ذات أهمية استراتيجية وفيها معسكرات إسرائيلية». وأضاف: «أنا مستغرب انه (نتانياهو) يدين السلطة وفي الوقت نفسه أجهزته الأمنية تقول إنها تتعاون مع أجهزة السلطة (الأمنية) بشكل مقبول وجيد. إذن القضية ليست قضية (المخطوفين) الثلاثة. القضية وراءها ما وراءها». من جهتها، أعلنت «حماس» في الضفة في بيان أن حملة الاعتقالات الواسعة التي شنتها قوات الاحتلال في صفوف قادتها وناشطيها ونواب المجلس التشريعي «لن تثنيها عن مواصلة طريق المقاومة لتحرير فلسطين». واعتبرت أن «هذه الاعتقالات تعكس حال التخبط والإرباك التي يعيشها قادة الاحتلال الغاصب بعد نجاح عملية أسر الجنود الثلاثة في الخليل». وطالبت الفلسطينيين في الضفة ب «تصعيد حال المقاومة وتوسيع رقعة المواجهات مع الاحتلال، زيادةً في إرباكه وإسناداً لأبطال المقاومة الذي انتقموا لشعبنا وانتصروا لآهات أسرانا». كما دعت الأجهزة الأمنية في الضفة إلى «وقف التنسيق الأمني، وعدم تقديم المعلومات للاحتلال، والاصطفاف إلى جانب خيارات شعبنا وفصائله المقاومة». واعتبر الناطق باسم «حماس» في غزة سامي أبو زهري أن «تصريحات نتانياهو غبية وذات بعد استخباري، والاحتلال يتحمل المسؤولية الكاملة عن عملية التصعيد التي تجري في الضفة ضد شعبنا وقياداته». وفي غزة، قال مسؤول المكتب الإعلامي ل «الجهاد» داوود شهاب لوكالة «فلسطين اليوم» التابعة للحركة إن «أي استهداف للشعب الفلسطيني في منطقة هو استهداف للكل الفلسطيني، والمقاومة ملتزمة الرد والتصدي لأي عدوان» في الخليل، معتبراً أن «المقاومة الفلسطينية وحدة واحدة سواء في الضفة المحتلة أو قطاع غزة المحاصر». وأضاف أن إسرائيل «وجدت في عملية الخليل مسوغات ومبررات جديدة، علماً أنها عملية مشروعة للشعب والمقاومة الفلسطينية الملزمة الدفاع عن الأسرى وحمايتهم». ورأى مسؤول في الحركة في الضفة أن الاعتقالات «تدل على إرباك الكيان وفشل المنظومة الأمنية أمام خيار المقاومة والمجاهدين الأبطال». من جهته، دان المجلس التشريعي «خطف عدد من نواب الضفة»، ووصفه بأنه «جريمة إسرائيلية نكراء»، و»قرصنة مفضوحة ضد نواب الشرعية الفلسطينية... وانتهاك فاضح لجميع المعاهدات والمواثيق الدولية، خصوصاً اتفاقية جنيف الرابعة، واستمرار في مخططات الاحتلال لتعطيل عمل المجلس». وحمل إسرائيل «المسؤولية الكاملة»، داعياً الدول العربية والإسلامية، والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي «التدخل العاجل لحماية الشرعية الفلسطينية».