نما اقتصاد قبرص بأبطأ معدل له في سنة خلال الربع الثاني من العام، أي قبل الانفجار الذي دمر محطة الكهرباء الرئيسة في الجزيرة. فالناتج المحلي الإجمالي ازداد بعد احتساب العوامل الموسمية، بواقع 1.4 في المئة، ما بين نيسان (أبريل) وحزيران (يونيو)، مقارنة به قبل سنة، مع العلم أنه نما بواقع 1.6 في المئة في الربع الأول. ودمّر الانفجار الذي وقع في 11 تموز (يوليو) أكثر من نصف طاقة الجزيرة على توليد الكهرباء، ما تسبب بتقنين في الكهرباء وتبعات اقتصادية وأزمة سياسية، وعزز احتمالات أن تكون قبرص البلد الرابع في منطقة اليورو الذي يتطلب حزمة إنقاذ. وخفضت وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الرئيسة في العالم، أي «موديز» و «فيتش» و «ستاندرد أند بورز»، مرتبة قبرص بعد الانفجار، لافتة إلى مخاوف تتعلق بعجز موازنة الحكومة القبرصية المتوقع أن يبلغ 6.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ورجحت «موديز» ألا ينمو اقتصاد قبرص أبداً خلال هذا العام ككل، وأن ينمو بواقع واحد في المئة عام 2012. وقبل انفجار أسلحة مصادرة، كانت متوجهة من إيران إلى سورية، ما دمّر محطة فاسيليكوس التي تبلغ طاقتها 767 ميغاواط، توقعت الحكومة نمواً اقتصادياً بواقع 1.5 في المئة عام 2011. وكان النمو في الربع الثاني من 2011 الأبطأ منذ الربع المقابل العام الماضي، حين بلغ المعدل 0.7 في المئة بعد أربعة أرباع من الانكماش. وفي حال عدم احتساب العوامل الموسمية، يبلغ معدل النمو في الربع الثاني 1.6 في المئة. ونبهت «فيتش» إلى أن قبرص لن تتمكن على الأرجح من الوفاء بالتزاماتها المالية لباقي هذا العام ومطلع عام 2012 ما سيضطرها إلى طلب خطة إنقاذ. وانتقد وزير المال القبرصي كيكيس كازامياس تقرير «فيتش»، معتبراً أنه «مبالغ فيه» لأنه لم يأخذ في الحسبان الجهود التي تبذلها الحكومة لخفض العجز إلى 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2012. وأسفر الانفجار في القاعدة البحرية عن مقتل 13 شخصاً. وبيّنت وثائق تسربت إلى الإعلام أن مسؤولين كانوا على علم بوجود تهديد بانفجار 98 حاوية تحتوي على ذخائر مكدّسة تحت أشعة الشمس الحارقة في القاعدة البحرية قرب ليماسول. وكان من بين القتلى قائد البحرية القبرصية الكابتن أندرياس يوانيديس الذي تردد أنه سبق وحذّر من خطورة الوضع. وتطمح حزمة من إجراءات التقشف أقرتها حكومة قبرص مطلع آب (أغسطس) الجاري إلى توفير 750 مليون يورو عامي 2011 و2012. وهي تنص على رفع الضريبة على القيمة المضافة من 15 إلى 17 في المئة، والضريبة على الدخل الذي يفوق 60 ألف يورو سنوياً من 30 إلى 35 في المئة. وتنص كذلك على رفع الضريبة على الودائع المصرفية من 10 في المئة إلى مستوى لم يُتّفق عليه بعد، يُرجَّح أن يبلغ 15 في المئة. وبينما توصلت الحكومة إلى اتفاق مع نقابات الخدمات العامة حول إصلاحات بهدف تجنب المساس برواتب التقاعد، أعربت الحكومة عن نيتها التخلص من خمسة آلاف وظيفة خلال السنوات الخمس المقبلة، وتجميد التعيينات الجديدة، وخفض ساعات العمل الإضافي بنسبة 20 في المئة. وفيما تتوقع الحكومة من هذه الضرائب أن تجمع من قطاع العقارات 24.2 مليون يورو لمصلحة الخزينة، دعا اتحاد مطوري الأراضي والمباني الرئيس القبرصي ديمتريس خريستوفياس في رسالة إلى إعفاء القطاع من رفع الضرائب لئلا تزداد أوضاعه السيئة سوءاً وتتفاقم البطالة فيه. وكان الاتحاد حذّر الرئيس في رسالة الشهر الماضي قبل إقرار الحكومة حزمة التقشف من رفع الضرائب على القطاع. وتواجه الحكومة القبرصية مهمة صعبة في إقناع المعارضة بالموافقة على خطة زيادة الضرائب بهدف خفض العجز الكبير في موازنتها على رغم أن ذلك قد لا يجنبها طلب خطة إنقاذ من بروكسيل. وأصدر أفيروف نيوفيتو، نائب زعيم حزب «ديسي»، أكبر الأحزاب اليمينية، بياناً في أعقاب قرار «فيتش»، أنحى فيه باللائمة على خريستوفياس الذي «اختار عمداً ومن خلال الإفلاس الاقتصادي لقبرص، أن يقودنا عنوة باتجاه آلية للدعم الحكومي، ما يدمر النسيج الاقتصادي لقبرص الذي بُني على مدى عقود بعرق الشركات الصغيرة والعمال وعملهم الشاق». وعلى رغم أن خريستوفياس يواجه أحد أصعب التحديات خلال حياته السياسية، يُعتقد على نطاق واسع أن الأسس الاقتصادية للجمهورية قوية، فالمصارف لم تحتج حتى الآن إلى مساعدة الحكومة، لكن ثمة من يتوقع أنها قد تتعرض إلى ضغوط بسبب انكشافها على ديون اليونان. وتحتفظ الحكومة التي يقودها الشيوعيون منذ انهيار الائتلاف الحاكم مطلع الشهر، بأقلية من المقاعد (56 مقعداً) في البرلمان، وعليها أن تحصل على توافق أو تخاطر بتعرّض الدولة إلى صعوبات بالغة.