مع استمرار غياب الرياضة المدرسية للبنات وارتفاع تكاليف الأندية الرياضية واستمرار ازدياد نسب الأمراض التي تنتج من قلة الحركة، فضلاً عن ارتفاع نسبة السمنة في السعودية، يصبح «الممشى» هو المتنفس والملجأ الأقرب لكل فئات المجتمع. هذا الواقع تعيشه مدينة جدة تحديداً، اذ تعد ما يقارب 50 ممشىً في جميع أرجائها امتداداً من مجرى السيل وحتى البحر، عملت أمانة المدينة على تشجيرها وزراعتها وتجهيزها بمقاعد للاستراحة تتوزع على كامل المساحة المتاحة للمشي. ونفذ تصميم المماشي بطريقة مميزة بحيث تحتوي لوحات تحمل ارشادات ونصائح رياضية، مع عناية خاصة بذوي الإعاقات، فضلاً عن توفير خدمة نظافة مستمرة. وأصبح الممشى الملاذ الأول لمها خالد التي اعتادت استغلال أوقات فراغها بالمشي في الممشى المجاور لبيتها بمشاركة بعض الجارات والصديقات اللواتي صارت رياضة المشي بالنسبة اليهن عادة سائدة يُخصص لها وقت محدد وتحتل مكاناً ثابتاً على جدول المواعيد. وتصر خالد على احترام الوقت اليومي الذي تخصصه للمشي وجذبت بفضله بقية افراد الأسرة الى الرياضة ذاتها، وتقول: «سعدت كثيراً بعد أن أضافت الأمانة هذا الممشى إلى الحي الذي أسكن فيه اذ أصبح المشي مريحاً وسهلاً في ظل تواجد كثيرين ممن يمارسون رياضة المشي في جميع الأوقات». وتعرب خالد عن فرحتها بوجود الممشى، خصوصاً «بعد أن حُرمنا من ممارسة الرياضة بأنواعها كافة في المدارس وفي ضوء ارتفاع تكاليف الأندية الرياضية في الفترة الأخيرة إذ وصلت قيمة الاشتراك السنوي الى قرابة خمسة آلاف ريال وأصبح من الصعب على كثيرات التسجيل فيها». وتلفت خالد الى أنها كونت صداقات عدة في الممشى، وانها تجد لدى رفيقاتها المؤازرة والنصح والتشجيع على مجابهة الكسل، «بعدما كانت حاصرني داء السكري والسمنة سنوات طويلة». وتجاوزت ندى الشهري تقاليد أسرتها في شأن خروج الفتاة لوحدها، مستندة الى دعم أحد أشقائها، وصارت تخصص للمشي برفقته ساعات كاملة. ومع أن انشغاله عن المشي معها يعيق رغبتها أحياناً في ممارسة رياضتها اليومية، فإنها تصر على أهمية المشي متى أتيح لها ذلك. وتقول: «سهل الممشى كثيراً من الامور على الفتيات وانا أعتبره علاجاً روحياً قبل أن يكون جسدياً». وتلفت الشهري الى ان انتشار هذه المماشي ساعد على تشجيع الرياضة وجعلها تقليداً منتشراً بين العائلات مع ما يعنيه ذلك من صحة للمجتمع عموماً، مشددة على ضرورة اتخاذ خطوات تشجيعية أيضاً لتوسيع الوعي بالرياضة، وضرورة ادخالها إلى مدارس البنات. وتوقفت هناء علي من جانبها عن دفع رسوم النادي الرياضي الذي كانت تشترك فيه، معللة ذلك بوجود الممشى الذي «اختصر عليّ الطريق ووفر المال بمزاولة رياضة فاتحاً المجال امام رياضة مجانية لا تلزم بحضور ولا برسوم».