سعيت، يوم توليت منصب مسؤول عمليات السلام في الاممالمتحدة الى تفادي تكرار المآسي التي لم تستطع المنظمة الاممية الحؤول دونها في رواندا والبوسنة وسريبرينيتشا والصومال في تسعينات القرن الماضي. وطوال 3 أعوام، وعلى رغم التحديات الكبيرة والاخفاقات، لم تقع كارثة كبرى. وتحسّن أداء قوة حفظ السلام الدولية البالغ عددها نحو 120 ألف جندي. والاممالمتحدة تتدخل في أمكنة لا أحد يرغب في التورط في شؤونها من قرب. وتنجز مهمات على قدر امكاناتها. فالقبعات الزرق لا تستطيع حماية ملايين المدنيين، شأن «الناتو» العاجز عن حماية المدنيين في ليبيا. وينتظر الناس منا ما يفوق قدراتنا. فعلى سبيل المثل، تحتاج قوات حفظ السلام في دارفور الى مروحيات لانجاز مهمتها، أي حماية مليوني مدني، في وقت لم يلب طلبها تزويدها بالمروحيات على رغم مرور 4 أعوام على تقديمه. ومهمات قوات حفظ السلام عسيرة. ففي جمهورية الكونغو الديموقراطية، يفترض بقوة الاممالمتحدة البالغ عددها 18 ألف جندي حماية 10 ملايين نسمة. وفي أوقات كثيرة، لا يتوفر الاجماع السياسي في مجلس الامن لحمل كل الاطراف على التعاون. وتقتصر موازنة عمليات حفظ السلام الاممية على 8 بلايين دولار سنوياً توزع على 120 ألف شخص منتشرين في 15 بلداً. وهذا مبلغ لا يستهان به. لكن كلفة التدخل الاميركي في افغانستان تفوق 130 بليون دولار سنوياً. ويواجه ممولو قوات حفظ السلام قيوداً كبيرة على الانفاق. ويوفر الاوروبيون 40 في المئة من موازنة عمليات السلام، في وقت يتحدر معظم جنود قوات السلام من شبه القارة الهندية وافريقيا. والاختلال هذا في غير محله. والدول المتطورة مدعوة الى زيادة عدد جنودها في تلك القوات ، اثر الانسحاب من افغانستان. وفي الاعوام الاخيرة، اندلعت أزمات في جمهورية الكونغو الديموقراطية والسودان وهايتي وساحل العاج. وعلى رغم العثرات، تنقذ قوات الاممالمتحدة آلاف الناس يومياً في جمهورية الكونغو الديموقراطية. وأبرز تحد تواجهه هناك هو اجراء الانتخابات في موعدها، أي في تشرين الثاني (نوفمبر)، وحمل الجميع على القبول بنتائجها. ونجحت القبعات الزرق في ارساء الامن في هايتي، على رغم الزلزال الرهيب والازمة الانتخابية. وثمة ثلاث بعثات تابعة للامم المتحدة في السودان، والتحديات امامها كبيرة. فالنزاع يتواصل في جنوب كردفان، في وقت تطالب الخرطوم برحيل قواتنا. وتوجه سهام النقد الينا لعجز قواتنا عن حماية المدنيين حماية شاملة. ولكن مئات آلاف الضحايا تقع إذا انسحبنا من مثل هذه المناطق. ويعصى التخيل ما قد يقع اذا اغلقت الاممالمتحدة 96 قاعدة لها في شرق الكونغو. وفي ساحل العاج، نجحت وبمساعدة الفرقة الفرنسية «ليكورن» في ارساء الاستقرار في البلاد، وانهاء العنف، وتسليم مقاليد البلاد الى رئيس منتخب ديموقراطياً. * المسؤول السابق لعمليات حفظ السلام الاممية، عن «لوموند» الفرنسية، 4/8/2011، اعداد منال نحاس