أثار تولي الأستاذ في أكاديمية الفنون المصرية شاكر عبد الحميد منصب الأمين العام للمجلس الأعلى المصري للثقافة، ارتياحاً لافتاً في الأوساط الثقافية، وأنهى جدلاً حول المنصب الثقافي الرفيع الذي خلا باستقالة الكاتب عزالدين شكري فشير نهاية الشهر الماضي. وعلى رغم امتلاك فشير خبرات واسعة في المجال الديبلوماسي وتميزه كروائي إلا أن ضعف علاقاته داخل الوسط الثقافي وتضاؤل قدراته الإدارية، ظلا موضع تساؤل من قبل منتقديه الذين حال غضبهم من اختياره دون الاطلاع على المشروع الذي أنجزه قبيل استقالته لإعادة هيكلة المجلس وإصلاح نظام التصويت على جوائز الدولة. وفي المقابل، تبدو شبكة العلاقات الواسعة التي يمتلكها شاكر عبد الحميد في الأوساط الثقافية أحد أبرز أدوات دعمه، فإضافة إلى خبراته العلمية كأستاذ متميز لعلم النفس الإبداعي، فإن مؤلفاته وترجماته التي جاوزت 40 عملاً تمثل نقطة التقاء ثلاثة مجالات: العلوم الاجتماعية والفنون والآداب، وهي ذاتها مجالات عمل لجان المجلس. كما ارتبط عبد الحميد بالجماعة الثقافية المصرية منذ سبعينات القرن الماضي، عندما نشر دراساته ومقالاته الأولى في مجلات «الماستر» التي رافقت حركة الأدب المصري في ذلك الوقت، ويفسر هذا الارتباط حماسة المثقفين على اختلاف أجيالهم لاختياره، خصوصاً أن بعضهم رأى في الاختيار نوعاً من التعويض عن السنوات التي حُرم فيها من تولي مناصب قيادية في عهد وزير الثقافة السابق فاروق حسني، على رغم أنه رشح أكثر من مرة لرئاسة أكاديمية الفنون وهيئة قصور الثقافة. ويمتلك عبد الحميد خبرات لافتة في إدارة العمل الثقافي تكونت خلال عمله في تطوير أكاديمية الفنون، وهي مؤسسة جامعية تابعة لوزارة الثقافة. وبالتالي يمنح هذا الاختيار وزير الثقافة فرصة استعادة ثقة أصوات في الجماعات الثقافية انتقدت إصراره على استمرار بعض القيادات القديمة في المواقع التي كانت تشغلها قبل الثورة، وهو أمر جعله «وجهاً إصلاحياً» أكثر مما يحتمل الظرف الراهن الذي كان يتطلب أداء أكثر ثورية، بحسب وصف منتقديه. وبعيداً من أجواء التفاؤل، يبقى أمام عبد الحميد تحديان رئيسان: الأول يتعلق بتحسين الأوضاع المالية لموظفي المجلس الذين واجهوا سلفه بمطالب فئوية ضمن حالة عامة تجتاح مصر الآن. والثاني يرتبط بمدى قدرته على الدفع بمشروع إعادة هيكلة المجلس الذي صاغه الفنان التشكيلي عادل السيوي وذلك لضمان استقلاله وفصله عن وزارة الثقافة كما يتمنى أعضاء ائتلاف الثقافة المستقلة الذي تشكل عقب الثورة. ويعود اهتمام المثقفين المصريين بالمجلس الأعلى للثقافة من بين المؤسسات الرسمية للدور الذي لعبه في الثقافة المصرية لا سيما وأن أسماء من تولوا أمانته ظلت مثيرة للجدل بداية من توفيق الحكيم ومروراً بيوسف السباعي وأخيراً جابر عصفور الذي صنع للمجلس مكانته بين مؤسسات الثقافة العربية وأضاف له دوراً لم يكن بمعزل عن رغبة مصر في استعادة عمقها العربي بعد سنوات المقاطعة التي أعقبت توقيع اتفاقية كامب ديفيد. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى جمعت لجان المجلس في عضويتها أسماء كان لها وزنها الكبير والحاسم في الإشارة إلى قدرة الدولة على تعبئة مثقفيها. وهذا الدور بالتحديد بات اليوم محل نقد ومراجعة من أصوات كثيرة رأت في سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك فرصة لتحرير المجلس من تبعيته لوزارة الثقافة ومن علاقات الهيمنة التي رسمها ذلك النظام إجمالاً. وقبل هذا المنصب عمل عبد الحميد مديراً لبرنامج تربية الموهوبين بكلية الدراسات العليا بجامعة الخليج العربي (مملكة البحرين -2005 - 2011) ويعمل حالياً أستاذاً لعلم نفس الإبداع في أكاديمية الفنون في مصر. وعمل سابقاً نائباً لرئيس الأكاديمية نفسها (2003 – 2005). كما شغل سابقاً منصب عميد المعهد العالي للنقد الفني. وهو صاحب أكثر من 20 مؤلفاً في دائرة علم النفس الإبداعي والنقد الأدبي. كما ترجم نحو عشرة كتب منها «الأسطورة والمعنى» لكلود ليفي شتراوس. ونال جائزة شومان للعلماء العرب الشبان في العلوم الإنسانية والتي تقدمها مؤسسة عبد الحميد شومان بالمملكة الأردنية الهاشمية عام 1990، وجائزة الدولة للتفوق في العلوم الاجتماعية – مصر – 2003.