لم تتمكن الجهات الرسمية السعودية حتى الآن من القضاء على السوق السوداء للشعير في الرياض، إذ أكدت مصادر أن هذه السوق لا تزال قائمة. وكانت لجنة شكّلت من عدد من القطاعات الرسمية المعنية هدفها تنظيم السوق الرسمية عبر إنشاء محطتين للتوزيع، الأولى في العزيزية جنوبالرياض، والثانية في الجنادرية شمال المدينة. ويرسل مشترون رسائل نصية قصيرة عبر الهواتف الخليوية، تعرب عن أمل بقرب توافر الشعير بأسعار محددة بهدف تحقيق استقرار السوق. وكانت وزارة التجارة والصناعة أعلنت عن تخصيص مكافأة مالية لأي سعودي من غير مراقبي الوزارة يبلغ عن كميات مخزنة من الشعير بغرض الاحتكار، أو أي رفع لسعر بيع كيس الشعير يفوق السعر المحدد للكيس وزن 50 كيلوغراماً بما يتجاوز 40 ريالاً (10.7 دولار) للمستهلك النهائي، على أن يدفع البلاغ إلى ضبط الكمية ومصادرتها من قبل الجهات المختصة. وأشارت الوزارة إلى أن صرف المكافأة المالية سيكون بعد مصادرة الكمية محل المخالفة وبيعها وإيداع قيمتها لحساب وزارة المال، وستكون قيمة المكافأة نحو 25 في المئة من قيمة الكمية التي تُضبط وتُصادَر بعد بيعها. وأكدت مصادر في سوق الشعير ل «الحياة»، بأن «عمالاً أجانب وشباباً سعوديين عاطلين من العمل يحققون أرباحاً طائلة جراء بيع الشعير في السوق السوداء»، مشيرة إلى أن «هؤلاء يشترون من السوق كيس الشعير ب 40 ريالاً ثم يبيعونه خارجها ب 55 ريالاً». وقال شاب رفض ذكر اسمه ل «الحياة» إنه يحصل على ربح يومي يزيد عن 1500 ريال من بيع الشعير، مشيراً إلى أنه سيستمر في عمله هذا في ظل عدم وجود وظائف أخرى، خصوصاً أن هناك طلباً كبيراً على الشعير في مختلف مناطق المملكة. وأوضح تاجر الشعير عبدالله التويجري، أن «التنظيم الجديد لبيع الشعير في الرياض سيقضي فقط على الفوضى في الطوابير، خصوصاً وجود مسارات محددة لا يستطيع أي مشتر الدخول إلا من خلالها»، لافتاً إلى أن «التنظيم الجديد لا يمكن أن يقضي على السوق السوداء، خصوصاً مع دخول السوق يومياً أكثر من 20 شاحنة محملة بأكثر من 8500 كيس من الشعير، تُباع كلها، ما يؤكد أن 60 في المئة من الكميات التي تباع يومياً تخضع لعمليات تخزين، ونحو 30 في المئة تباع في السوق السوداء، ولا يستهلك الا 10 في المئة فقط». وأشار إلى أن «استهلاك مزارع الماشية من الشعير لن يصل إلى هذه الكميات التي تُباع يومياً، خصوصاً أن الوضع مستمر منذ ثلاثة أشهر، ما يتطلب إعادة النظر في الكميات المباعة ومعرفة أين تذهب؟». وأضاف: «هناك أصحاب شاحنات كانوا يبيعون الشعير في السوق في الفترة الماضية اختفوا من السوق، ما يؤكد أنهم يبيعونه في السوق السوداء خارج السوق الرسمية». وذكر مربٍّ للماشية رفض ذكر اسمه، أن بعض مربي الماشية يملكون كميات كبيرة من الشعير تصل إلى أكثر من 600 كيس للمربي الواحد، يخزنونها لتكفيهم فترة طويلة تخوفاً من انقطاع الشعير في السوق. وقال تاجر الأغنام محمد بن علي ل «الحياة»، إن سوق الشعير تشهد على مستوى المملكة أزمة وشُحّاً كبيراً من فترة إلى أخرى، ويرجع ذلك إلى التلاعب الموجود والسوق السوداء التي لم تستطع الجهات المختصة القضاء عليها، سواء من خلال مراقبيها أو من خلال إيجاد نظام محدد لبيع الشعير. ولفت إلى وجود مستفيدين من تلك الأزمة سواء من الشباب العاطل من العمل أو العمال الأجانب، يشترون كميات كبيرة ويبيعونها بعيداً من أعين الرقابة، مستغلين الشح الموجود في السوق. وقدّر سعر بيع الكيس ب 60 ريالاً، لافتاً إلى الطوابير الكبيرة التي تشهدها السوق في رمضان المبارك. وكشف أنه ومجموعة من تجار الأغنام تخلوا عن مشروع للأغنام بسبب عدم توافر كميات من الشعير والأعلاف، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأغنام التي جعلت كثيرين من المشترين لا يقبلون على الشراء. وكان رئيس مشروع «الشامل لتوزيع الشعير» حمود الحربي قال ل «الحياة» الشهر الماضي، إن المرحلة المقبلة ستشهد إعداد برنامج باسم «البرنامج الشامل للإمداد المكثف للشعير»، يُعتمد من خلاله عدد من المتعهدين من ذوي الكفاءة والقدرة، إضافة إلى المتعهدين والجمعيات السابقة ممن لديهم القدرة على إيصال الشعير إلى المناطق كلها، خصوصاً التي تضم أعداداً كبيرة من الماشية بهدف تغطيتها وتلبية متطلباتها. وأشار إلى أن البرنامج سيؤمّن الشعير بكميات كبيرة في الأسواق، مطمئناً المستهلكين إلى أن الأشهر الثلاثة المقبلة ستشهد ضخ أكثر من 2.7 مليون طن في السوق السعودية من خلال موانئ المملكة.