عادت أزمة الشعير للظهور مجدداً في الرياض وفي مختلف مناطق المملكة، ما تسبب في وجود سوق سوداء رفعت الأسعار من 40 ريالاً للكيس الواحد إلى حوالى 60 ريالاً في الرياض ونحو 70 ريالاً في مناطق المملكة الأخرى وذلك في ظل الزحام الشديد والطلب المرتفع على كميات محدودة من الشعير في سوق جنوبالرياض. وطالب عدد من مربي الماشية والمواطنين بتكثيف الرقابة خارج السوق، خصوصاً أن طوابير الانتظار وصلت إلى أكثر من كيلومتر للوصول إلى مكان التوزيع الذي يوجد فيه عدد من الشاحنات المحملة بالشعير، التي من المتوقع أن يتم توزيعها على المستهلكين خلال ثلاث ساعات. وقال تاجر الشعير عبدالله التويجري إن سوق الشعير في الرياض تتوافر فيها حالياً أكثر من 30 شاحنة محملة بأكياس الشعير، ويتم التوزيع بواقع 20 كيساً لكل مستفيد بسعر 40 ريالاً، لافتاً إلى أن هناك زحاماً كبيراً في مقر السوق جنوبالرياض، إذ تصل الطوابير إلى أكثر من كيلومتر وسط رقابة وتنظيم من عدد من سيارات الأمن. وتوقع أن تكون هناك سوق سوداء خارج السوق الرئيسية، إذ يصل السعر في هذه السوق إلى 70 ريالاً للكيس، خصوصاً في ظل الطلب الكبير من المستهلكين والزحام الشديد، إضافة إلى تخوف الكثير من مربي الماشية من انقطاع الشعير من السوق، ما يؤثر في مواشيهم، وبالتالي يلجأون إلى دفع مبالغ كبيره لتوفير كميات كبيرة من الشعير تكفي مواشيهم لمدة طويلة. وأكد التويجري أن هناك تخوفاً كبيراً من مربي الماشية من عودة الأزمة مرة ثانية، التي حدثت قبل عشرة أيام، إذ لم يتوافر الشعير في السوق خلال تلك الفترة، لافتاً إلى أن كثيراً من أزمات الشعير مفتعلة وتمتد في بعض الأحيان إلى أكثر من 13 يوماً لتأمين كميات محدودة في السوق، ما انعكس سلباً على أسعار البرسيم الذي ارتفع خلال تلك المدة من 12 ريالاً للبنة الواحدة إلى حوالى 22 ريالاً. وذكر أن وجود سوق سوداء لبيع الشعير سيكون له أثر كبير في أسعار أغنام الذبح، إذ من المتوقع مع بداية شهر رمضان وفي ظل ارتفاع الطلب على اللحوم أن ترتفع الأسعار بشكل كبير، خصوصاً أن المؤشرات تؤكد أن أسعار اللحوم المثلجة سترتفع. وقال التويجري إن الحل لأزمة الشعير التي تضرب السوق من وقت إلى آخر هو فتح السوق لمستوردين جدد، ما سيسهم في كسر الاحتكار ووجود منافسة حرة يتم من خلالها توفير الشعير بكميات كبيرة وبأسعار مناسبة. وقال رئيس مشروع «الشامل لتوزيع الشعير» حمود الحربي ل «الحياة» إنه سيتم خلال المرحلة المقبلة إعداد برنامج باسم «البرنامج الشامل للإمداد المكثف للشعير»، يتم من خلاله اعتماد عدد من المتعهدين ذوي الكفاءة والقدرة، إضافة إلى المتعهدين والجمعيات السابقة الذين لديهم القدرة على إيصال الشعير إلى جميع المناطق، خصوصاً التي بها أعداد كبيرة من الماشية بهدف تغطيتها وتلبية متطلباتها. وأشار إلى أنه سيتم من خلال هذا البرنامج توفير الشعير بكميات كبيرة في الأسواق، مطمئناً المستهلكين بأنه في المرحلة المقبلة، خصوصاً خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، سيتم ضخ أكثر من 2.7 مليون طن في السوق السعودية من خلال موانئ المملكة المختلفة. وبيَّن الحربي أنه من خلال ذلك البرنامج ومن خلال توفير تلك الكميات سيتم القضاء على السوق السوداء وعلى جميع السلبيات والزحام الذي تشهده السوق من فترة إلى أخرى. من جهته، أكد أحد كبار موردي الشعير (رفض ذكر اسمه) أثناء وجوده أمس في سوق الشعير بجنوبالرياض، أن الشعير يتم استيراده حالياً عن طريق ميناء جدة، وسيتوافر خلال الأيام المقبلة بكميات كبيرة تغطي معظم مناطق المملكة. ولفت إلى أن سوق الشعير في مختلف مناطق المملكة ستشهد استقراراً كبيراً سواء في الأسعار أم في الكميات، إذ سيسهم ذلك في تلبية طلبات مربي الماشية، ولن تكون هناك أزمة، خصوصاً أن هناك كميات كبيرة في ميناء جدة تكفي لأشهر عدة مقبلة. من جهته، قال تاجر الأغنام محمد بن علي إن سوق الشعير تشهد على مستوى المملكة أزمة وشحاً كبيراً من فترة إلى أخرى، في الوقت الذي يقوم فيه كثير من المستفيدين من تلك الأزمة بشراء كميات ومن ثم يذهبون بعيداً عن أعين الرقابة مستغلين شح السوق ويبيعون بأسعار تصل إلى 70 ريالاً للكيس الواحد بحسب التفاوض مع المشتري، خصوصاً في ظل الطوابير الكبيرة التي تشهدها السوق هذه الأيام. وأكد أن شح وانقطاع الشعير من السوق تسبب في مشكلة كبيرة من حيث ضعف الأغنام وهزلها، إلى درجة جعلت الكثير من المشترين لا يقبلون على الشراء، مطالباً بتكثيف الرقابة الميدانية خارج سوق الشعير والأعلاف وتنظيم جولات تفتيشية في الأماكن التي تنتشر فيها السوق السوداء التي تستغل المواطنين ومربي الماشية في ظل الحاجة الماسة إلى الشعير. وتشير التقارير إلى أن كميات الشعير المستورد تقدر بنحو سبعة ملايين طن سنوياً، وتقدم الدولة إعانة لمستوردي الشعير بهدف دعم مشاريع تربية المواشي المحلية، إلا أن الاعتماد على الشعير كعلف أساسي في تربية المواشي تراجع نتيجة للاعتماد على الأعلاف المركزة والمركبة، كذلك فإن هطول الأمطار وتوافر العشب يؤثران في مستوى تصريف المخزون، ويبلغ إجمالي أعداد الأغنام المحلية في القطاعات الثلاثة التقليدي والمتخصص والبادية ما يزيد على 13 مليون رأس، وتبلغ أعداد الماعز في القطاع التقليدي والبادية 7 ملايين رأس، بينما تتجاوز أعداد الإبل حاجز المليوني رأس، وتصل أعداد الأبقار إلى مليون رأس فقط، في الوقت نفسه يتم استيراد أكثر من 8 ملايين رأس من الأغنام والماعز، وأكثر من نصف مليون رأس من الجمال، ونحو 400 ألف رأس من الأبقار سنوياً إلى السوق السعودية