شن اقتصاديون هجوماً حاداً على الغرف التجارية، واتهموها بأنها لم تقم بدورها في حماية المستهلك من جشع التجار، وذلك على رغم وجود لجان في تلك الغرف متخصصة في مكافحة الغش التجاري وحماية المستهلك. وشددوا في حديثهم إلى «الحياة» على أن هناك تضارباً في المصالح؛ إذ إن دور الغرف التجارية هو حماية مصالح التجار بصفتها المظلة الرئيسية لهم، مؤكدين ضرورة قيام الغرف بنشر الوعي بين التجار وحثهم على عدم رفع الأسعار من دون مبرر، وعدم الغش بما يحفظ حقوق المستهلك. وقال أستاذ الاقتصاد في كلية الملك فهد الأمنية الدكتور عبدالعزيز الطويان: «الغرف التجارية لم تقم بدورها بشكل جيد في حماية المستهلك من جشع بعض التجار، خصوصاً أن هناك لجاناً متخصصة في الغرف لمكافحة الغش وحماية المستهلك من السلع المقلدة واستغلال السوق»، مشيراً إلى أن الجميع يعرفون أن الغرف تقوم بحماية التجار والحفاظ على مصالحهم. وطالب بوجود معيار أخلاقي في الغرف يتم من خلاله التعامل مع الجميع، سواء المستهلك أو التاجر، بما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني، لافتاً إلى أن «القصور لم يكن فقط من الغرف التجارية، ولكن يوجد قصور من جانب وزارة التجارة وجمعية حماية المستهلك، وكلتاهما لم تقم بدورها بالشكل المطلوب». وأوضح أن «كلفة المجتمع من الغش التجاري سنوياً كبيرة جداً؛ ما يجعلنا نتساءل عن الدور الذي تقوم به لجان مكافحة الغش التجاري الموجودة في الغرف التجارية». من جهته، قال عضو جمعية الاقتصاد السعودية الدكتور سليمان العييري: «من المعلوم لدى الجميع أن دور الغرف التجارية هو حماية مصالح التجار؛ باعتبارها المظلة الرئيسية لهم، مطالباً الغرف التجارية بأن يكون لها دور في حماية المستهلك من خلال نشر الوعي بين التجار بعدم رفع الأسعار من دون مبرر وعدم بيع السلع المقلدة وعدم ممارسة الغش التجاري». ولفت العييري إلى أن الغرف التجارية لم تقم بدورها في حماية المستهلك، خصوصاً في ظل تضارب المصالح والعلاقة العكسية، سواء مع وزارة التجارة أو مع جمعية حماية المستهلك. وطالب بضرورة وجود جهة رقابة تنفيذية لها علاقة بالمستهلك تقوم بحمايته وتطبيق الأنظمة بشكل كامل كما هو معمول به في كثير من دول العالم. من جهته، قال المواطن محمد بن مبارك إن الغرف التجارية لم تسهم في حماية المستهلك من جشع التجار وعدم تحديد الأسعار للكثير من السلع؛ «مما أضر بالمستهلكين عموماً وبذوي الدخل المحدود خصوصاً». ورأى أن نظام الوكالات لدى بعض التجار الذين ليس لهم منافسون في أنشطتهم أدى إلى التلاعب في الأسعار من دون وجود رقابة من الغرف التجارية أو من وزارة التجارة أو جمعية حماية المستهلك التي فشلت في القيام بدورها في الرقابة على السلع ووضع ضوابط للأسعار التي شهدت ارتفاعات كبيرة، خصوصاً المواد الغذائية ومواد البناء. من ناحيته، قال مسؤول في إحدى الغرف التجارية الصناعية (رفض ذكر اسمه): «الغرفة التجارية هيئة لا تهدف إلى الربح، ولها شخصية اعتبارية، وتقوم بأنشطتها من خلال تقديم مجموعة متكاملة من الخدمات في ثلاثة اتجاهات رئيسية يتمثل أولها في: خدمات الغرفة للقطاع الخاص من خلال خدمات الاستثمار والمعلومات والتدريب والبحوث والدراسات والخدمات والاستشارات القانونية، والتعريف بالفرص التجارية، والإسهام في تسويق وترويج المنتجات الوطنية، وتنظيم الندوات والمحاضرات واللقاءات لبحث قضايا الاقتصاد الوطني والقطاع الخاص، وإصدار الأدلة والكتب الإرشادية، وخدمات دعم المنشآت الصغيرة، وبحث مشكلات المنشآت وتطوير أدائها من خلال اللجان التي تشكل من المنتسبين ذوي الخبرة، وتسوية المنازعات التجارية من خلال التوفيق والتحكيم والتسويات. وأضاف أن الاتجاه الثاني يتمثل في خدمات الغرفة للمجتمع المحلي، وتشمل التعريف بالنهضة الحضارية والتنموية وتطورها، وإعداد الدراسات عن بعض الجوانب الاقتصادية والتطويرية والاستثمارية، والمشاركة في تجميل وتحسين البيئة، ودعم أنشطة الرعاية الصحية والاجتماعية والخيرية، وتفعيل مشاركة القطاع الخاص في أداء المسؤولية الاجتماعية. أما الاتجاه الثالث فيتمثل في خدمات الغرفة للاقتصاد الوطني من خلال إعداد الدراسات عن الاقتصاد الوطني وقطاعاته، والترويج للفرص الاستثمارية المتاحة في المملكة، والإسهام في تنشيط العلاقات الاقتصادية للمملكة، وتنظيم الفعاليات لبحث القضايا والمتغيرات ذات الصلة بالاقتصاد الوطني، وتزويد الجهات الحكومية بالبيانات والمعلومات عن أنشطة القطاع الخاص، والإسهام في تأهيل وتوظيف العمالة الوطنية والتوعية الإعلامية بالإنجازات التنموية. وكان رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور ناصر آل تويم، قد اتهم الغرف التجارية أخيراً بقصر النظر، مبدياً أسفه لتخليها عن «المطلوب منها إزاء تفعيل المسؤولية الاجتماعية»، لافتاً إلى أن «الغرف التجارية تعتبر إحدى مؤسسات المجتمع المدني، ويفترض أن تؤدي دوراً كبيراً جداً في حماية المستهلك».