طهران - أ ف ب - المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي هو الحاكم الفعلي في ايران، على رغم الغموض الذي يميز شخصيته. وخلافاً للرئيس محمود احمدي نجاد الذي لا يتردد في استخدام منصة الأممالمتحدة لمهاجمة اسرائيل، يفضّل خامنئي المحافظ عدم السفر ويرفض المقابلات حتى مع الصحف الإيرانية. لكنه لا يتردد في التدخل المباشر في الفترات الحاسمة، لتحديد خط النظام. واعتبر الجمعة الماضي في اول خطبة يلقيها منذ الانتخابات الرئاسية في 12 الشهر الجاري، أن «الشعب اختار من يريده» ودعا الى وقف التعبئة الشعبية ضد اعادة انتخاب نجاد. وُلد خامنئي (69 سنة) وهو أب لستة أبناء، في 17 تموز (يوليو) 1939 في مدينة مشهد حيث العتبات الشيعية المقدسة، من عائلة تنتمي الى الأقلية الأذرية. وعُرف بنضاله الكبير ضد النظام الأمبراطوري، واعتُقل مراراً خلال ستينات وسبعينات القرن العشرين قبل نفيه في سيستان بلوشستان جنوب شرقي البلاد، لأنه حاول تأسيس منظمة وطنية لرجال الدين. وكوفئ على وفائه للإمام الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية، بتعيينه نائباً لوزير الدفاع، كما عينّه الإمام الراحل ممثله في المجلس الأعلى للدفاع وكلفه مهمة امامة صلاة الجمعة في جامعة طهران. ويسحر هذا المثقف المتحكم تماماً باللغة الفارسية وفن البلاغة، الناس بخطابه الذكي المتوازن والمرتجل في غالبية الأحيان. ونجا خامنئي من هجوم نفذته منظمة «مجاهدين خلق» في حزيران (يونيو) 1981، لكنه فقد جزءاً من قدرات ذراعه اليمنى على الحركة. وانتُخب رئيساً العام 1981 لولايتين من اربع سنوات، وخلف الخميني اثر وفاته في حزيران 1989 في منصب المرشد الأعلى، فارضاً نفسه تدريجاً كأقوى رجل في البلاد. ويدافع المرشد المتمسك بالنزاهة الأخلاقية في وجه «انحطاط» الغرب، بقوة عن مبدأ ولاية الفقيه التي اسس لها الخميني. ويقول ان «العالم الإسلامي ليس في حاجة للطبخات المغلوطة، والتي كثيراً ما يتبين انها خاطئة حول حقوق الإنسان وسلطة الشعب». وأعطى الرجل الذي يضمن استقرار النظام، اشارة الحملة القضائية التي استهدفت الصحافة الليبرالية عام 2000، واصفاً بعض الصحف بأنها «قواعد العدو في داخل البلاد». وفي السياسة الداخلية، حاول الإبقاء على توازن بين التيارين الإصلاحي والمحافظ ومنع أياً منهما من السيطرة نهائياً على مجرى الأمور. وفي السياسة الخارجية، احتفظ بخط متشدد ازاء اسرائيل مكرراً على غرار سلفه ان الدولة العبرية «ماضية الى الزوال من الخريطة». وهاجم خامنئي «الهيمنة الأميركية»، لكنه أبدى شيئاً من البراغماتية عندما تعلق الأمر بمصالح ايران المباشرة، مساهماً مثلاً في محاربة نظام حركة «طالبان» في افغانستان. وخامنئي هو من حرّك في عهد الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني، البرنامج النووي الإيراني الذي يعود الى ما قبل الثورة الإسلامية، ويقسم بأن ايران لن تتخلى عن «حقها في امتلاك الطاقة النووية».