يلاحظ المتابع للدراما التلفزيونية المصرية في رمضان، أن غالبية السيناريوات كتبت في عصر النظام السابق الذي كان يفرض تدخلاته في كل عمل ينتقده وينتقد رموزه، ما كان يضع غالبية الكتّاب في مأزق محيِّر بين نقل الواقع الاجتماعي المؤلم وهموم المواطن وبين مغامرة مصادمة النظام أو مجاملته. ربما اختلف الأمر بعد الثورة، إلا أن مأزق كتابة الأعمال في العصر السابق والشروع في تصوير أكثر مشاهدها، وضع كتّاب السيناريو والمنتجين في مأزق آخر، وهو كتابة ما ينتظره المشاهد من عمل يجسد ثورته وانتصاره وهمومه. «عريس دليفري» (من بطولة هاني رمزي وحسن حسني وصلاح عبدالله وهالة فاخر وإيمي سمير غانم، سيناريو وحوار حمدي يوسف وإخراج أشرف سالم) أحد المسلسلات التي كتبت قبل الثورة واستقر الأمر في النهاية على إعطاء البطولة للفنان الكوميدي هاني رمزي –الساخر من أداء النظام السابق في غالبية أعماله–، لكن المفارقة أن المسلسل لا يحاول انتقاد السلطة أو التركيز على رمز أو شخصية ما كان لها دور في نظام حسني مبارك، على رغم أن لرمزي تاريخاً حافلاً في مهاجمة الأوضاع السياسية والاجتماعية التي يعانيها المواطن المصري. كاتب السيناريو حمدي يوسف، مؤلف «عريس دليفري»، يعتبر ان المسلسل «يتناول قضايا مهمة وخطيرة، أولها التحول الحاد في شخصية الرجل الشرقي، واختفاء الرومانسية في علاقاته العاطفية بسبب لقمة العيش. كما يتطرق الى ظاهرة الغربة والسفر إلى الغرب وعقدة الخواجة، وهو ما يتجسد في المسلسل من خلال هاني رمزي، البطل الذي سافر الى الخارج واعتقد أن الحياة وردية، إلا أنه تفاجأ باختلاف كبير بينه وبين المجتمع الغربي في عاداته وتقاليده، من هنا قرر العودة إلى مصر ليكتشف أيضاً أن معايير القيم تغيرت كثيراً عما كانت عليه قبل سفره، خصوصاً معايير اختيار الزوجة». وينفي يوسف إدخال أي تعديلات على السيناريو الذي كُتب قبل الثورة، مثلما فعل كثر، موضحاً أن المسلسل كان يركز على قضايا المواطن في شكل كوميديا اجتماعية بحتة من دون مجاملة أو انتقاد النظام السابق ورموزه. ويرى يوسف أن المسلسل أثبت نفسه منذ عرض أولى حلقاته، كونه يتطرق إلى الهموم والقضايا التي يعانيها الجمهور المصري في شكل فكاهي - كوميدي، لافتاً إلى أنه يحاول في كل أعماله أن يشوق المشاهد في كل حلقة حتى يتابع ما يليها. ويتفق يوسف مع رأي بعض النقاد، الذين وصفوا الأعمال التي تناولت ثورة « 25 يناير» بأنها ركوب للموجة، موضحاً أن الثورة لا بد من أن تستكمل أهدافها حتى يتسنى للكاتب تحديد متى بدأت وكيف اتجهت وشكل نهايتها، معتبراً أن الأعمال التي تناولت الثورة غير مكتملة. وعن مستقبل الدراما الرمضانية بعد الثورة، يقول يوسف: «أرى أن الأمور لن تختلف كثيراً عن ذي قبل، وأعتقد بأن من سيحدد مستوى الأعمال في المرحلة المقبلة هو الجمهور». وعن ظاهرة تقديم بعض النجوم لبرامج الحوارات، يرى يوسف أنها محاولة منهم لزيادة أجورهم، بخاصة الذين قلَّت أعمالهم الدرامية وأصبحوا يبحثون عن سوق ومصدر آخر للدخل، معتبراً هذه المسألة مادية بحتة. ويبدي يوسف استياءه من تصلّب الآراء تجاه نجوم القائمة السوداء الذين هاجموا الثورة، على رغم تقديم كثر منهم الاعتذار أكثر من مرة، متسائلاً: «لماذا عندما أصبحنا الأقوى تمسكنا بآرائنا مع أننا كنا ننتقد النظام السابق وقت جبروته وقوته لقمعه آرائنا عندما كنا ضعفاء؟».