الملابس، هذه الأردية الحريرية التي تستر عورة المسلم والمسلمة، تأخذ نصيبها من أبعاد تعاليم الدين وأوامره ونواهيه. وكل مسلم يعلم حكم «من جر رداءه خيلاً» وغروراً، وحكم إمامة المُسبل فيه جدل لم تُغلق صفحته، وبابٌ لم يكن مآله مآل باب الاجتهاد الذي أُغلق منذ قرون، وإنما هو باب مفتوح على «مصراعيه»، ولا تسل أيها القارئ عن جملة «مصراعيه» فهي زائدة لغوية، وترف لفظي باذخ احفظه ولا أعرف معناه! وقد مرت سنون وسنون وأنا أرى نساءً من حولي ومن محارمي يرتدين ملابس ذات فتحات في أسفل فساتينهن، ويا لغبائي عندما تصورت ذلك أنه «غلطة خياط»، أو «انشقاق» من جراء ضيق كان الفستان يشتكي منه في ذات النطاق، ومع تناسق الخطوات وتتابعها، وسّعت الأقدام مجال الخطوة فكان الفستان الضحية، ليظهر مشقوقاً ذا فتحة تثير الناظرين! كنت أظن ذلك حدث سهواً أو غصباً عن لابسته ومرتديته، ولكن عندما قرأت عشرات الفتاوى التي تسأل عن حكم «الفتحة في أسفل الفستان» عرفت أنني كنت في ذلك من المغفلين الجاهلين! وإليك أيها القارئ - حتى لا تكون جاهلاً مثلي- هذا السؤال الذي طرح للإفتاء، يقول السؤال: «بعض النساء يجعلن في فساتينهن فتحة من أسفل الفستان إلى ما دون الركبة من الأمام أو الخلف أو الجانب، ويلبسن هذه الفساتين في الحفلات والمناسبات النسائية، فما حكم ذلك»؟ ليحل الجواب آتياً من أحد المشايخ المعتبرين شرعاً وعلماً قائلاً: «لا تجوز هذه الفتحات التي تقْرب من الركبة، إذ إن الواجب على المرأة ستر جميع بدنها حتى في الصلاة وهي خالية، ففي حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله أتصلي المرأة في الدرع الواحد؟ قال: «نعم إذا كان سابغاً يغطي ظهور قدميها». ولا يبرر هذه الفتحات في الفساتين كونها بين النساء، فإن الحفلات والمناسبات يحضرها جمع كثير من الفتيات الجاهلات، فيخيّل إليهن أن هذه الفساتين بهذه الفتحات هي الغاية في الزينة والجمال، مما يسبب استعمالهن لها في المجتمعات العامة كالأسواق وأبواب المدارس وغيرها كما هو الواقع، فمنع ذلك هو الأصل، والله أعلم». وفي فتوى أخرى لأحد أعضاء هيئة كبار العلماء عن «لبس الثوب المفتوح من أسفله للمرأة»، وما حكم هذه الفتحة إذا كانت المرأة تلبس جورباً ساتراً بحيث لا يُظهر لون جلد ساقها إنما يُظهر شكلها فقط»؟ وكانت إجابته على النحو الآتي: «الذي أرى ألا تلبس النساء هذا الثوب إذا خرجن إلى السوق، لأنه سينكشف ما تحته سواء أكان مستوراً بالجورب أو لم يكن، لأنه يصف حجم الساق إذا كان مستوراً بالجورب، ويبدي بشرة الساق إذا لم يكن مستوراً، وكلما كانت ثياب المرأة أستر لها فإنها أفضل». هذا غيض من فيض، وإلا فالفتاوى المتحدثة عن حكم «الفتحة في أسفل الفستان» كثيرة وفيرة، فأين أصحاب العرفان ليجمعوا ما تناثر من الأقوال في وضعية «فتحة الفستان» وينقلوه إلى متشوق ولهان.. ولهم الشكر والامتنان!