كشفت مصادر تركية مطلعة ل «الحياة» أن محادثات وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو مع الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق أول من أمس جرت في جو من الصراحة وأنه أبلغ الجانب السوري بسلسلة تدابير يمكن لتركيا اتخاذها في حال لم يلتزم وقف المظاهر الأمنية خلال أيام. وأضافت المصادر أن «تركيا تعمل كمن يريد أكل العنب وليس القتال مع الناطور من أجل الحصول على نتيجة»، مؤكدة «عدم وجود سيناريوات تركية لمواجهة عسكرية مع سورية أو دعوة لتدخل حلف شمال الأطلسي (ناتو) كما يروج في بعض الإعلام، لكن ذلك لا يعني أنه ليس لدى أنقرة تدابير يمكنها من خلالها الضغط بقوة على النظام السوري في حال استمر في سياسة القمع الأمني». وأوضحت المصادر إن «داود أوغلو شرح تلك التدابير للأسد ووضع دمشق في الصورة، وأن أنقرة ستكشف عن هذه التدابير في حال لم يلتزم الرئيس السوري وقف المظاهر الأمنية خلال الأيام المقبلة». واعتبرت أنه «يجب الانتظار نحو أسبوعين يمكن خلالها حصول تغيير مهم على الأرض، وأن الجانب السوري تحدث عن عزمه في المضي بالإصلاح الى النهاية وإجراء انتخابات برلمانية شفافة وإقرار خطوات إصلاحية قوية وجذرية». وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أعلن أمس أن سفير تركيا في دمشق عمر أونهون قام بزيارة الى مدينة حماة، وقال إن هذه الخطوة جاءت بناء على ما تم بحثه خلال لقاء داود أوغلو مع الأسد. وأضاف إنه «يتمنى حصول خطوات إيجابية مثل هذه خلال الأسبوعين المقبلين من أجل التحول الى عملية إصلاح ديموقراطي حقيقية بعدها»، مؤكداً أنه «لا يمكن الحديث عن إصلاح والدماء تسيل»، وأن «على النظام السوري سحب آلياته العسكرية من وجه الشعب ومن الشوارع». وفصل داود أوغلو هذا التطور قائلاً إن «السفير أونهون تحرك صباحاً من دمشق الى حماة برفقة وفد من السفارة ومن دون مرافقة سورية، وتجول في المدينة ومحيطها، وتحدث مع الأهالي بحرية وصلى معهم صلاة الظهر واتصل بي مرتين من هناك». وأضاف إن السفير أكد له انسحاب الجيش من المدينة لكن الحركة والحياة فيها لم تعد الى كامل نشاطها بعد. وكشف عن مرافقة عدد من الصحافيين الأتراك السفير الى حماة، وقال إنه سيزور أيضاً مدينة دير الزور، وإنه يجري الإعداد حالياً من أجل ترتيب زيارة لوفد صحافي تركي ودولي ينطلق من هاطاي جنوب تركيا الى حماة براً. وفي هذا الإطار قال الوزير التركي إنه وخلال حديثه مع الرئيس الأسد قال له: «إنه يثمن ويحترم الأخبار التي ينقلها له عن حماة ولكن من أجل إقناع الشارع السوري والمجتمع الدولي فأنه لا بد من السماح للديبلوماسيين الأجانب والصحافيين بالعمل في شكل حر على الأرض وزيارة المدن السورية». وتابع إنه «يجب أن تسمح الحكومة السورية للإعلام الدولي بالعمل بحرية على الأراضي السورية وألا يتم الاكتفاء بالوفود الإعلامية الزائرة». واعتبر داود أوغلو أن دخول السفير التركي الى حماة بعد أقل من 24 ساعة من محادثاته مع الأسد «أمر مهم وإشارة إيجابية»، لكنه أكد أن تركيا «ستتابع عن كثب ما سيحصل خلال الأيام القليلة المقبلة، وأن الأمر الأساس والفصل سيكون للشعب السوري، وأن نهاية الأزمة يجب أن تكون من خلال تنفيذ مطالب الشارع السوري المحقة»، معرباً عن أمله في تحقيق التحول الديموقراطي في سورية بسلام واستقرار». وطالب الوزير التركي «المجتمع الدولي بتوحيد موقفه تجاه ما يحدث في سورية من أجل موقف أكثر حزماً وقوة»، وقال إنه أجرى اتصالات مع وزراء خارجية الأردن والولايات المتحدة والبرازيل وألمانيا والأمين العام لجامعة الدول العربية وشرح لهم ما جرى من محادثات مع الرئيس الأسد في دمشق.