«ضربتان بالرأس توجع» مثلٌ ينطبق على حال السعوديين أصحاب الدخل المحدود، فكيف بأربع ضربات موجعة؟ إذ تزامنت الإجازة الصيفية مع مصاريف شهر رمضان وعيد الفطر المبارك ومستلزمات العام الدراسي الجديد، فقد عملت تلك المواسم على زيادة معدلات إنفاق الأسرة، وأحدثت إرهاقاً في الموازنة، فأصبحت الكثير من الأسر تعيش هاجس تدبير موازنة شهر رمضان والمصروفات التي تليها، لتقود البعض منهم إلى أبواب الاقتراض من البنوك، فيدفع أفراد الأسرة ضريبة السداد سنين عدداً. واتفق عدد من ذوي الدخل المحدود التقتهم «الحياة» على أن ارتفاع الأسعار في هذا الموسم يجعلهم في حال استنفار، فيلجأ البعض إلى شراء وتخزين المواد الغذائية وتجهيزات العيد ومستلزمات الدراسة بشكلٍ تدريجي قبل قدوم شهر رمضان المبارك، تجنباً لإرهاق الموازنة ويعتبر سعيد الشريف الوالد لأربعة أبناء، أن الإجازة الصيفية في السنوات الأخيرة أصبحت عبئاً عليه، فما أن يبدأ بالصرف على النزهات الصيفية ومستلزمات المناسبات العائلية إلا ويأتي شهر رمضان وكسوة العيد والاستعداد للمدارس، ما يجعله مضطراً للبحث عمن يقرضه. ويقوم أبو خالد بتوفير حاجات أسرته المكوّنة من ستة أبناء قبل حلول شهر رمضان المبارك بفترةٍ زمنية، تجنباً لارتفاع الأسعار في مثل هذا الوقت من المناسبات. واعتبر خبراء اقتصاد النصف الثاني من السنة الهجرية موسم استنزاف لموازنة الأسرة، إذ يتطلب إنفاقاً فوق المعتاد، ويمثل ضغطاً على مداخيلها. وأوضح عضو جمعية الاقتصاد السعودي عبدالحميد العمري أن الأسعار شهدت تضخماً قوياً وسريعاً منذ عام 2006 ولغاية العام الحالي بنسبة 65 في المئة، في الوقت الذي لم يحصل رب الأسرة على مقابل ليواجه هذا الارتفاع الحاد في الأسعار. وقال إنه في الوقت الذي زادت فيه الدولة الدخل بنسبة 15 في المئة استغل التجار هذه النسبة في تحقيق مآربهم الخاصة، وبدأت الأسعار في امتصاص أغلب الزيادة في النصف الأول من العام الحالي، وما ان يحين موعد النصف الثاني بدءاً بالإجازة الصيفية ثم شهر رمضان المبارك وعيد الفطر وصولاً إلى العودة للمدارس حتى يصل استقطاع دخل الفرد ما بين 60 و70 في المئة، ما يدفع بعض الأفراد إلى الاقتراض لتغطية المصاريف كحلٍ وحيد، إذ تعتبر الخيارات أمامه ضيقة أو منعدمة في مقابل الخيارات الواسعة جداً والمفتوحة أمام التاجر الذين يتحكم في ارتفاع الأسعار طوال الموسم. وأكد الكاتب الاقتصادي محمد العنقري على مدى حجم استنزاف الأسر لمدخراتها خلال فترة المواسم المتتالية في ظل التكاليف الباهظة في المستوى المعيشي، والتي لا تسمح لهم أيضاً باستثمار أموالهم لتحسين وضعهم المادي الذي ينعكس سلبياً على الاقتصاد إجمالاً، كونه يعطل التقدم نحو طرح مشاريع استثمارية، لتنفق هذه الأموال على سلع غير وطنية، ما يجعلهم يدعمون الإنفاق الاستهلاكي السلبي. وأشار المحلل المالي تركي فدعق في حديثه إلى مفهوم التخطيط المالي، إذ ان حسن التدبير وتخطيط الموازنة أمر مهم تفتقر إليه الكثير من الأسر في من ذوي الدخل المحدود، خصوصاً في ظل الضغوطات المادية في مثل هذه المواسم والتي تجعل الكثيرين يتنازلون عن متطلباتهم التي قد تكون غير ضرورية. وأشار إلى أن تحكم التجار بالأسعار واستغلال الفرص وانتهازها في هذه المواسم بهذا الشكل ومن دون رقابة من وزارة التجارة أو جمعية حماية المستهلك سيقضي على موازنات ذوي الدخل المحدود، مطالباً بمراقبة الأسعار وتطبيق الأنظمة وفرض العقوبة بشكل صارم.